: لا أعتقد أن رئاسة الجمهورية ووزارة العدل وكافة الجهات ذات الصلة قد اطلعت على المذكرة التفسيرية التي دفعت بها مؤسسة الرئاسة كمبرر لعودة ولاية غرب كردفان الموؤودة. ٭ وإلا فإن السببية التي ارتكز عليها صناع القرار تؤكد ما لا يدع مجالاً للشك أن كثيرا من الريب والهواجس تحوم حول هذه المذكرة التي تفوح منها رائحة المجاملة والانحياز إلى فئة دون الأخرى. ٭ إن ولاية غرب كردفان وإن عادت بشكلها القديم فإنها ستعود تلبية لرغبة القطاع الغربي لولاية جنوب كردفان دون النظر للمحليات الغربية لولاية شمال كردفان رغم التفوق العددي والإثني والمساحة الجغرافية والإقتصاد. والدليل على ذلك فحوى تلك المذكرة التفسيرية التي ورد في سطرها الرابع صراحة أن الولاية ستعود بناءً على رغبة سكان القطاع الغربي . ٭ إن هذا الطرح جاء غير موفق لأن هنالك شراكة حقيقية بين مواطني القطاع الغربي لجنوب كردفان والمحليات الغربية لولاية شمال كردفان كان ينبغي على صناع القرار الحكم بالقسطاط المستقيم وموازنة الأمور حتى لا يظلم أحد . وأن هذه المذكرة التفسيرية لم تراع الجانب السكاني لشقي الولاية حيث يبلغ عدد سكان القطاع الغربي لجنوب كردفان (870.000) نسمه ، بينما يبلغ عدد سكان المحليات الغربية لشمال كردفان ( 000 1.283) نسمة، مع ذلك لم تراع المذكرة هذا الفارق العددي للسكان وجعلت (الكل) يتبع للجزء دون أدنى اعتبار عقلاني أو منطقي يبرر ذلك الانحياز غير الموفق. ٭ هنالك (8) محليات في القطاع الغربي لولاية جنوب كردفان وهي ( أبيي ، السلام ، الدبب ، كيلك ، لقاوة ، السنوط ، الميرم و بابنوسة ( أما المحليات الغربية لولاية شمال كردفان التي تبلغ مساحتها ( 52.000) كيلومتر مربع بها فقط (6) محليات وهي ( النهود غبيش ، أبو زبد ، الخوي ، ود بندا و الأضية ) ومن هنا يتضح حجم الظلم والغلو حيث إن هنالك (8 ) حقائب دستورية بكامل صلاحياتها و( 8) عربات لاندكورز فاخرة قيمة الواحدة لا تقل عن نصف مليار جنيه ، كأصول تتبع للجزء ، مقابل ( 6) فقط للكل ذي الأغلبية الساحقة، فهل في ذلك عدل؟. ٭ القطاع الغربي ظل يتمتع بنصيب ولاية غرب كردفان من البترول لوحده منذ أن ذابت الولاية وحتى تاريخه ، فإذا سلمنا جدلاً أن الحكومة قسمت عائدات النفط إلى ستة أقسام خلال المرحلة الماضية، بحسب بروتوكول مشاكوس بواقع «50%» الحكومة القومية «42%» لحكومة جنوب السودان «2%»، لإقليم بحر الغزال «2%» لولاية غرب كردفان ،«2%» لدينكا نوق و«2%» المسيرية كان يجب أن تحظى المحليات الغربية لولاية شمال كردفان بجزء من هذا الريع باعتبارها كانت تشكل ثلثي ولاية غرب كردفان قبل أن تذاب، وبهذه المعايير فإنها تستحق 1% من نصيب ولاية غرب كردفان، علماً بأن جل الإيرادات قبل البترول كانت من هذه المنطقة، إلا أن صناع القرار مالوا كل الميل إلى الشق الجنوبي للولاية المذابة دون وضع اعتبار للشق الشمالي مما ولد الغبن في نفوس أهل دار حمر. ٭ هيئة غرب كردفان التي قامت من أجل تعويض شعب الولاية المذابة لم تعر الشق الشمالي أدنى اهتمام، ففي الوقت الذي كان فيه إبراهيم منعم منصور رئيسا للهيئة حجبوا عنها الدعم والتمويل حتى تقدم الرجل باستقالته مرغماً كي لا يحسب عليه الفشل المصطنع. وفي الحين ذاته أطلقت وزارة المالية يدها لأحمد الصالح صلوحة الذي وظف إمكانيات الهيئة في غير موضعها وأعطى من لا يستحق العطاء حيث صادق على تشييد مدرسة متكاملة في بارا وهي لم تك جزءا من ولاية غرب كردفان، ولكن تكريماً وإكراماً للمدير التنفيذي للهيئة خالد معروف ، وحرم المحليات الغربية حقها المشروع.(أنظر كتاب إنجازات الهيئة صفحة 50). ٭ إن مطالبة أهالي منطقة دار حمر بحقهم في اقتسام السلطة والثروة لم يك بدعة ولا عصيانا لأولى الأمر ولا خروجا عن الملة، فقد خرج قبلهم الناس عن طاعة السلطان وأعلنوا العصيان وحملوا السلاح في وجه الدولة ومع ذلك أعطوا حقوقهم كاملة وزيادة فهل هذا هو العدل؟. ٭ رئيس الجمهورية وعد جماهير المحليات الغربية وعداً صادقاً والرائد لا يكذب أهله بألا يظلم أحد وهو على قيادة هذه الدولة وذكر مراراً وتكراراً أن الولاية ستعود ولكن بعد المشورة ومزيد من التراضي فهاهي المشورة تنحر من الوريد إلى الوريد ، وهاهم أهل دار حمر يساقون كالقطيع دون رغبتهم إلى غرب كردفان التي عادت بناءً على رغبة جماهير القطاع الغربي لجنوب كردفان فهل في ذلك عدل؟ مالكم كيف تحكمون؟ ٭ رئيس الجمهورية أصدر قراراً بتكوين لجنة من خيرة رجال العدل والقانون في الدولة برئاسة اللواء حقوقي حاتم الوسيلة السماني لاستفتاء آراء المواطنين في شقي ولاية غرب كردفان وبعد الطواف على كل مكونات الولاية، رفعت اللجنة تقريرها النهائي وأوصت بقيام ولايتين بناءً على رغبة الجماهير التي استطلعتها، ولكن مؤسسة الرئاسة لم تعمل بمخرجات تلك اللجنة ، بل أنصفت (الجزء وظلمت الكل) ، وبالطبع في ذلك إجحاف في حق راعي الدولة الذي أصدر قراره بتكوين تلك اللجنة والسؤال الذي يفرض نفسه إذا كانت توصيات اللجنة غير مبرئة للذمة وغير مرغوب فيها، فلم تم تكوينها أصلاً ولماذا صرفت الدولة من حر مال الشعب على تسيير تلك اللجنة التي دام عملها لعدة شهور ، فهل في ذلك عدل وأنصاف؟. ٭ النائب الأول لرئيس الجمهورية عند لقائه بوفد دار حمر في القصر خيّر الناس بين البقاء في شمال كردفان أو العودة إلى غرب كردفان، وسلم الوفد خياره كتابة لمكتب النائب الأول مع تشكيل لجنة التنمية التي وعدها بها سعادة النائب الأول، ولكن صرفت الدولة النظر عن كل ذلك وأصرت على ذهاب جماهير المحليات الغربية إلى الفولة وهم صاغرون أذلة ، دون مراعاة لرغباتهم أو احتراماً لآراء قياداتهم فهل يعقل ذلك؟. * أستاذ الإعلام - جامعة غرب كردفان