تقرير:صديق رمضان: دون مواربة ،وضع رئيس السلطة الاقليمية لولايات دارفور، الدكتور التجاني سيسي، يده علي جرح الاقليم النازف، وذلك حينما اشار الي ان بعض القبائل في دارفور تمتلك اسلحة موازية للقوات النظامية ،ورأى ان المواجهات القبلية المسلحة يمكن ان تظهر السودان على انه دولة منهارة، مطالبا بتنفيذ عمليات نزع واسعة للسلاح في الاقليم،وبسط هيبة الدولة وتقوية الاجهزة الأمنية. ويبدو ان انتشار السلاح الحديث بصورة غير مسبوقة ،وحالة الاستقطاب القبلي الحادة التي تشهدها دارفور ،التي افرزت عن وقوع مواجهات مسلحة، خلفت اعدادا كبيرة من القتلي خلال الفترة الاخيرة ،وتنذر بما هو اسوأ،تمثل دوافع لرئيس السلطة الاقليمية الي التحذير من عواقب ترك الحبل علي قارب من اسماهم بتجار الحرب لتحديد مستقبل العلاقات بين مكونات الاقليم الاجتماعية في ظل انتشار السلاح. والحاكم الاسبق بالاقليم إبان الديمقراطية الثالثة سبق له ان تحدث بذات الشفافية عقب احداث جبل عامر الدموية بولاية شمال دارفور ،وذلك حينما اكد استخدام الاطراف المتنازعة سلاحا حكوميا في المواجهات التي اسفرت عن مقتل وجرح مايربو علي الألف مواطن،ويومها طالب ايضا بضرورة نزع السلاح. انتشار السلاح في دارفور بشكل كثيف جعل حمل المدنيين له امرا طبيعيا ،يعتبر بحسب قادة ينحدرون من الاقليم من الاسباب المباشرة لتأجيج النزاعات القبلية ،وتفشي حالة عدم الاستقرار الامني ،بل انهم يعتبرون السلاح الموجود في يد الاهالي والصراعات القبلية، اكثر خطورة علي حاضر ومستقبل الاقليم من الحركات المسلحة،ومايعضد من تحذيرات السيسي وزعماء الاقليم حيال خطورة انتشار السلاح، اعتراف وزير العدل محمد بشارة دوسة ،المتمثل في ان انتشار السلاح بدارفور على نطاق واسع يعيق تنفيذ العدالة في الاقليم. لم تعد الأسئلة المتعلقة بمصادر الاسلحة ،وكيفية انتشارها ،وامتلاك قبائل محددة لها باعداد كبيرة ومتطورة ،ذات جدوي بحسب مراقبين ،لجهة ان الاجابات علي هذه الاستفهامات تكاد تكون معروفة للجميع ،فبخلاف دخول السلاح من دول الجوار الافريقي ،والاعتراف بخطأ تجييش الحكومة لبعض القبائل بحسب عضو المجلس الوطني وملك قبيلة البرتي ياسر حسين أحمداي ،الذي اعتبر في حديث ل«الصحافة» ان اكبر الاخطاء التي وقعت فيها الادارة الاهلية بدارفور الموافقة علي سياسة تجييش المدنيين،يمكن بحسب المراقبين الاجابة علي تلك الاسئلة. الا ان السؤال الذي يستحوز علي اهتمام الرأي العام بدارفور يتمثل في كيفية جمع هذه الاسلحة ،والآلية التي تمكن الدولة من فرض هيبتها للحيلولة دون استمرار الفوضي الخلاقة والتقاتل القبلي ،الذي اعتبره السيسي يمثل اشارة سالبة للعالم الخارجي مفادها ان هناك انهيارا للدولة السودانية. يشير عضو مجلس الولايات الشريف محمدين الي ان الحكومة حينما واجهت اندفاع الحركات المسلحة في بداية الأزمة الدارفورية استعانت ببعض القبائل وقامت بتسليحها ،ويقول القيادي بالمؤتمر الوطني ل«الصحافة» ان هذه المجموعات وبدلا عن التصدي للحركات المسلحة، اتجهت لتدمير ممتلكات المواطنين وتشريدهم ،واسهمت في تعميق الصراعات القبلية ،ويلفت محمدين الي ان الحكومة وحينما ادركت خطورة هذه المجموعات سعت لفرض سيطرتها عليها ،ويري محمدين ان مشكلة هذه القوات وقضية انتشار السلاح لايمكن حلهما بالقوة . ويري المحلل السياسي البروفسير صلاح الدين الدومة ان امكانية جمع السلاح بدارفور ليس بالامر الصعب او المستحيل ،مشيرا في حديثه الي «الصحافة» الي ان هناك اشتراطات اذا توفرت يمكن جمع السلاح ،مبينا ان الارادة السياسية وابداء حسن النوايا من جانب الحكومة مرتكزين هامين لانجاح العملية ،معتبرا ان هناك العديد من الآليات التي يمكن ان تسهم في تنفيذ سياسة جمع السلاح ،منها التشجيع والشراء ،والتأسي بتجارب الدول الاخري في هذا الاطار. وكانت الجهود الحكومية الرامية لنزع السلاح قسرا وطوعا بدارفور توقفت منذ سنوات بعد ان فشلت في الوصول الي المبتغي المطلوب، لتتجه نحو سياسة حصر وتقنين السلاح ،وفي ولاية جنوب دارفور تمكنت لجنة كونت خصيصا لهذا الغرض من تجديد بطاقات حمل الأسلحة المنتهية تراخيصها ،بعد أن فرغت من تسجيل «7500» قطعة سلاح خلال الفترة الماضية. وقال نائب رئيس اللجنة المقدم محمد الحسن يحيى ، ان اللجنة حالياً تعكف على تجديد بطاقات حيازة الأسلحة التي مر عليها مدة عام ولم تجدد من قبل حايزيها،كاشفا عن تنفيذ موجهات وزارة الداخلية القاضية بتوسيع عمل اللجنة ليشمل بقية ولايات دارفور الخمس، مبيناً ان تعاون الادارات الأهلية والمواطنين ساعد كثيراً في تسهيل العمل والوصول للمحليات البعيدة. مجهودات لجنة المقدم محمد الحسن يحي بجنوب دارفور اسفرت عن تسجيل «7500» قطعة سلاح خلال عام ويزيد وهو رقم قد يبدو متواضعا بحسبان كميات الاسلحة المنتشرة في الولاية ودارفور التي يقدرها مراقبون بالمليون قطعة ،وضعف التسجيل مؤشر سالب يشئ بان ثمة عقبات ستواجه مايطالب به رئيس السلطة الاقليمية الرامي الي جمع السلاح من القبائل وذلك بحسب مراقبين ،غير انهم يعتبرونها خطوة ايجابية في طريق الميل. ويعتقد الامين العام للمؤتمر الشعبي بشمال دارفور عبدالله محمد عبدالرحمن الدومة، ان عملية جمع السلاح بدارفور لايمكن ان تتم قبل انتفاء اسباب حمله ،مبينا في حديث ل«الصحافة» ان الاستقرار السياسي الحقيقي هو المطلب والمدخل لانجاح عملية جمع السلاح ،قاطعا بعدم تسليم الحركات لعتادها الحربي ،وكذلك المجموعات التي قامت الحكومة بتسليحها اذا لم يكن هناك حل نهائي لأزمة الاقليم ،وقال ان المواطن لن يسلم سلاحه اذا لم يجد ضمانات كافيه بحمايته او تعويضه اذا تعرضت ممتلكاته للضرر،جازما بان الحديث عن جمع السلاح في الوقت الراهن يعتبر امرا سابقا لاوانه. ويعود عضو مجلس الولايات الشريف محمدين ويشير الي انه لابد من التعامل مع من يحمل هذا السلاح من المدنيين باسلوب هادئ، وذلك بتكوين لجنة مقبولة من الجميع تعمل علي تسوية هذا الامر بعيدا عن سياسة النزع بالقوة،وقال ان الدولة مطالبة بالمضي في هذا الملف ،الذي يبدأ اولا حسب اعتقاده بايقاف التسليح والتعيينات عن المجموعات المسلحة والقبائل التي ينتمون اليها،معتبرا ان النزع بالقوة من شأنه تعميق أزمات الاقيم. ويشير المحلل السياسي صلاح الدومة الي ان سياسة الحكومة ليست لها مصداقية لدي الاطراف التي تحمل السلاح بدارفور ،معتبرا ان هذه من العقبات التي من شأنها افشال مسعي جمع السلاح ،لافتا الي ان هناك من يعتقد بان مثل هذه الدعاوي تريد الحكومة من ورائها تحقيق اهداف اخري ،وقال ان سياسة اعادة انتاج الأزمات لن تسهم في حل قضايا دارفور ،ولن تساعد في جمع السلاح.