٭ الحياة في الأوساط الشعبية تغلي كالمرجل بعد الحديث عن رفع الدعم عن المحروقات وقبل تنفيذ القرار ولقاءات وزير المالية مع الفعاليات السياسية ومع قادة الاعلام ارتفعت أسعار كل الأشياء وهذا أمر طبيعي.. فالمسألة ليست في زيادة أسعار المحروقات وحسب وإنما هى أكبر من هذا بكثير، فالانسان السوداني البسيط لا يهمه أن يفهم مسببات العجز في الميزانية «فهو لم يقلب الواقع ولم يتسبب في العجز في الميزانية» لكن تهمه حياته في أن تحكمه حكومة تستطيع أن تدير حياته بحد معقول من المعاناة فهو لا يريد لبن الطير. ٭ مع الحديث عن البترول تتصاعد معاناة المواطنين من زيادة أسعاره، اذكر عام 0002م ونحن في بداية الالفية الثالثة التي شهدت أحداث المفاصلة بين القصر والمنشية كتبت بالعنوان أعلاه عموداً بصحيفة الرأى الآخر تعليقاً على زيادة أسعار المحروقات نقرأه معاً بعد ثلاثة عشر عاماً لنقف على الزمن السوداني الذي يرجع الى الخلف. كتبت: ٭ عندما قدم وزير المالية ميزانية العام 0002م وقال إننا سنرفع الدعم نهائياً عن البترول فقد ارهقنا كثيراً لم يقف الناس عند هذه الجملة ولما قلت لبعض معارفي أن أسعار البنزين سترتفع قالوا لي من أين أتيت بهذا الخبر وقد أصبحنا من دول البترول واتهموني بأني لا أرى ايجابيات الانقاذ وأتعامل بعين السخط التي لا ترى المحاسن قلت هذا ما جاء في خطاب الميزانية فحديث الوزير يعني هذا ألم يقل ان دعم المواد البترولية ارهقنا كثيراً. ٭ وقلت مع نفسي إن التعامل مع لغة الارقام والسياسات الاقتصادية لا نفهمه ولا ندرك حقيقته إلا اذا تحول الى واقع نحسه في السوق أو في محطات الوقود.. وقبل أسبوعين امتلأت مجالس المدينة بالألوان من الهمس القلق بأن أسعار البنزين والجازولين والكيروسين سترتفع ويصبح سعر جالون البنزين 004 دينار والجازولين 053 دينار ولما كتبنا في الرأى الآخر متمنين ان لا يتعدى هذا الخبر مراحل الهمس اتهمنا البعض بأننا نعمد الى تخذيل الناس وبث مشاعر الخيبة بينهم بينما تعامل البعض بالبهجة باعتبار أن أسعار البنزين هبطت ودخلنا بحق وحقيقة الى عالم الدول النفطية باعتبار أن الدينار هو الجنيه.. ألم تلاحظوا أننا مازلنا نتحدث بهذه اللغة بالرغم من منشورات المالية والبنوك التي تقول أن الجنيه ذهب الى غير رجعة ولاقى مصيره إغتيالاً على أيدي سياسات التحرير. ٭ ذهبنا كلنا الى عطلة العيد وقضينا العطلة وأسعار المواد البترولية على حالها ولكن كانت المفاجأة أو العيدية المتوقعة والاغرب من هذا أن الكثير من الناس أبدوا دهشتهم واستغرابهم واحتجاجهم أمام محطات البترول عندما فوجئوا بالزيادة.. بل وقال رئيس اتحاد العمال بأن زيادة أسعار البترول كانت صدمة وانتكاسة في ظل ما جاء في خطاب رئيس الجمهورية في الذكرى الرابعة والاربعين للاستقلال. ٭ عموماً تبقى الحقيقة الكبيرة وهى أن أمر السياسة في السودان وفي ظل الانقاذ اوصلت الناس الى نقاط الخطر اوصلت الناس الى دون خط الفقر.. ومهما تحدث رئيس الجمهورية عن رفع المعاناة عن كاهل الجماهير ومهما ومهما ستظل الحال على ما عليه مالم تتم المراجعة التامة للسياسات الاقتصادية وهذا لا يتم إلا بمغادرة محطات حكومة الانقاذ بمعنى ان يعمد رئيس الجمهورية الى تكوين الحكومة القومية الشاملة التي تعمل على عقد المؤتمر الشامل الذي يضم الجبهة الديمقراطية العريضة.. جبهة كل السودانيين لمناقشة الهم السوداني بكل جوانبه. فغريب أمر الواقع الذي نعيشه ما بين قرارات الرابع من رمضان والحادي والثلاثين من ديسمبر وحكومة المكلفين والحديث عن مشاكل المؤتمر الوطني وهيئته القيادية وهيئة الشورى بينما الحل يكمن بعيداً عن هذه الآلية.. الحل لا يأتي إلا بمغادرة حزب الجبهة للسلطة ووقوفه في صف واحد مع بقية الكيانات السياسية الأخرى حتى تتمكن القوى السياسية من حمل الشيلة الثقيلة. هذا مع تحياتي وشكري