بالصورة.. "الإستكانة مهمة" ماذا قالت الفنانة إيمان الشريف عن خلافها مع مدير أعمالها وإنفصالها عنه    «صقر» يقود رجلين إلى المحكمة    شرطة محلية بحري تنجح في فك طلاسم إختطاف طالب جامعي وتوقف (4) متهمين متورطين في البلاغ خلال 72ساعة    شاهد بالفيديو.. فنانة سودانية مغمورة تهدي مدير أعمالها هاتف "آيفون 16 برو ماكس" وساخرون: (لو اتشاكلت معاهو بتقلعه منو)    بالفيديو.. بعد هروب ومطاردة ليلاً.. شاهد لحظة قبض الشرطة السودانية على أكبر مروج لمخدر "الآيس" بأم درمان بعد كمين ناجح    ناشط سوداني يحكي تفاصيل الحوار الذي دار بينه وبين شيخ الأمين بعد أن وصلت الخلافات بينهما إلى "بلاغات جنائية": (والله لم اجد ما اقوله له بعد كلامه سوى العفو والعافية)    منتخب مصر أول المتأهلين إلى ثمن النهائي بعد الفوز على جنوب أفريقيا    شاهد بالفيديو.. وسط سخرية غير مسبوقة على مواقع التواصل.. رئيس الوزراء كامل إدريس يخطئ في اسم الرئيس "البرهان" خلال كلمة ألقاها في مؤتمر هام    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان شريف الفحيل يفاجئ الجميع ويصل القاهرة ويحيي فيها حفل زواج بعد ساعات من وصوله    النائب الأول لرئيس الإتحاد السوداني اسامه عطا المنان يزور إسناد الدامر    إسبوعان بمدينتي عطبرة وبربر (3)..ليلة بقرية (كنور) ونادي الجلاء    لاعب منتخب السودان يتخوّف من فشل منظومة ويتمسّك بالخيار الوحيد    الدب.. حميدتي لعبة الوداعة والمكر    منشآت المريخ..!    كيف واجه القطاع المصرفي في السودان تحديات الحرب خلال 2025    صلوحة: إذا استشهد معاوية فإن السودان سينجب كل يوم ألف معاوية    إبراهيم شقلاوي يكتب: وحدة السدود تعيد الدولة إلى سؤال التنمية المؤجَّل    كامل إدريس في نيويورك ... عندما يتفوق الشكل ع المحتوى    مباحث قسم الصناعات تنهي نشاط شبكة النصب والاحتيال عبر إستخدام تطبيق بنكك المزيف    عقار: لا تفاوض ولا هدنة مع مغتصب والسلام العادل سيتحقق عبر رؤية شعب السودان وحكومته    بولس : توافق سعودي أمريكي للعمل علي إنهاء الحرب في السودان    البرهان وأردوغان يجريان مباحثات مشتركة    وحدة السدود تعيد الدولة إلى سؤال التنمية المؤجَّل    تراجع أسعار الذهب عقب موجة ارتفاع قياسية    عثمان ميرغني يكتب: لماذا أثارت المبادرة السودانية الجدل؟    ياسر محجوب الحسين يكتب: الإعلام الأميركي وحماية الدعم السريع    شاهد بالصور.. أسطورة ريال مدريد يتابع مباراة المنتخبين السوداني والجزائري.. تعرف على الأسباب!!    وزير الداخلية التركي يكشف تفاصيل اختفاء طائرة رئيس أركان الجيش الليبي    "سر صحي" في حبات التمر لا يظهر سريعا.. تعرف عليه    والي الخرطوم: عودة المؤسسات الاتحادية خطوة مهمة تعكس تحسن الأوضاع الأمنية والخدمية بالعاصمة    فيديو يثير الجدل في السودان    ولاية الجزيرة تبحث تمليك الجمعيات التعاونية الزراعية طلمبات ري تعمل بنظام الطاقة الشمسية    شرطة ولاية نهر النيل تضبط كمية من المخدرات في عمليتين نوعيتين    الكابلي ووردي.. نفس الزول!!    حسين خوجلي يكتب: الكاميرا الجارحة    احذر من الاستحمام بالماء البارد.. فقد يرفع ضغط الدم لديك فجأة    استقالة مدير بنك شهير في السودان بعد أيام من تعيينه    كيف تكيف مستهلكو القهوة بالعالم مع موجة الغلاء؟    4 فواكه مجففة تقوي المناعة في الشتاء    اكتشاف هجوم احتيالي يخترق حسابك على "واتسآب" دون أن تشعر    رحيل الفنانة المصرية سمية الألفي عن 72 عاما    قبور مرعبة وخطيرة!    شاهد بالصورة.. "كنت بضاريهم من الناس خائفة عليهم من العين".. وزيرة القراية السودانية وحسناء الإعلام "تغريد الخواض" تفاجئ متابعيها ببناتها والجمهور: (أول مرة نعرف إنك كنتي متزوجة)    حملة مشتركة ببحري الكبرى تسفر عن توقيف (216) أجنبي وتسليمهم لإدارة مراقبة الأجانب    عزمي عبد الرازق يكتب: عودة لنظام (ACD).. محاولة اختراق السودان مستمرة!    البرهان يصل الرياض    ترامب يعلن: الجيش الأمريكي سيبدأ بشن غارات على الأراضي الفنزويلية    مسيّرتان انتحاريتان للميليشيا في الخرطوم والقبض على المتّهمين    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (حديث نفس...)    مياه الخرطوم تكشف تفاصيل بشأن محطة سوبا وتنويه للمواطنين    الصحة الاتحادية تُشدد الرقابة بمطار بورتسودان لمواجهة خطر ماربورغ القادم من إثيوبيا    مقترح برلماني بريطاني: توفير مسار آمن لدخول السودانيين إلى بريطانيا بسهولة    الشتاء واكتئاب حواء الموسمي    عثمان ميرغني يكتب: تصريحات ترامب المفاجئة ..    "كرتي والكلاب".. ومأساة شعب!    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تقرير المصير .. الحق والواجب( 1 2)
نشر في الصحافة يوم 26 - 06 - 2010

اجتمع نفر من الخبراء لمناقشة حق تقرير المصير لجنوب السودان بين الحق والواجب، أدلوا بدلوهم عبر اوراق علمية جرى التداول حولها برعاية من مركز السودان للبحوث والدراسات الاستراتيجية بالتعاون مع جامعة افريقيا العالمية الثلاثاء الماضية، ولاهمية الأوراق تدفع (الصحافة) الى قرائها باهم ما جاء فيها من أفكار:
سؤال الهوية
في ورقته (قضية الهوية في جنوب السودان حالتي الوحدة والانفصال) يقول البروفسور حسن مكي ان السودان هو القطر العاشر من حيث المساحة في العالم، والثاني في العالم الاسلامي بعد كازخستان، والأول في العالم العربي وإفريقيا من حيث المساحة، ومن ناحية السكان فإن السودان يجيء في المرتبة الخامسة في إفريقيا، بعد نيجيريا ومصر واثيوبيا وجنوب افريقيا، مشيرا الى ان السودان بشخصيته الحاضرة، ناتج زواج بين كيانات ثلاثة هي: دولة الفونج التي تأسست عام 1504م، وسلطنة دارفور التي ظهرت في الوجود في القرن السادس عشر الميلادي، وقبائل جنوب السودان التي ظلت دون رباط سياسي جامع حتي توسع دولة الخديوي محمد علي في القرن التاسع عشر الميلادي، ثم إعلان ميلاد السودان علي يد الخديوي اسماعيل باشا في العام 1876م بإسم السودان المصري، الذي ضم هذه الكيانات، بالإضافة إلي ملحقات أخري ممثلة في سواكن، ومصوع، وبقية سواحل البحر الأحمر الغربية.
ويقول مكي ان هذا الزواج لم يعمر طويلا، نسبة لبروز حركة راية دينية مقاتلة بإسم المهدية في عام 1881م، أي بعد خمس سنوات فقط من إعلان ميلاد هذا الكيان ،ولم تكن الخمس سنوات كافية لتركيز ميلاد الكيان، لأن دارفور دخلت الكيان عمليا في عام 1876م، بينما دخل الكيان الجنوبي إسميا عام 1839م، و لم يكن هناك تفاعل نشط بين الكيانات الثلاثة، نسبة لبعد المسافات، وضعف وسائل الاتصال، وضعف ميزانية الدولة، كما أن العقد التاريخية، مثل تجارة الرقيق، وحروب القبائل، ورفض الضرائب والخوف من الدولة، والشك في نواياها كانت ناجحة وفاعلة..
ويمضي البروف مكي الى القول بأن الإعلان عن الهوية السودانية، أو بروز الهوية السودانية في شكل صيرورة سياسية، أو اجتماعية أو روحية فكرية، عملية معقدة ومركبة، مشيرا الى ان صراع الهوية في السودان ظل يدور حول موقف الدولة من الهوية، وهل الدولة محايدة، أم إنها تتبني إطروحات الأغلبية، وإطروحات الثقافة السائدة، ويقول انه إلي حين من الدهر، كانت لغة التعليم بالأغلبية هي اللغة الانجليزية، والمرافعات في المحاكم تدور باللغة الانجليزية، والقوانين والتشريعات مقننة بالانجليزية، ولكن تغير الحال وأصبحت اللغة العربية هي اللغة السائدة، ولغة الخطاب الرسمي، وظل الجنوب يمثل اَداة ضبط إيقاعات الهوية في الشمال، علي الأخص في بعديها السياسي، والتشريعي، ويقول ان الجنوب كان يحتج علي الشمال بأنه يهمل بعده الافريقي، لمصلحة بعده العربي، كما كان يرفض إعطاء أولوية لمطلوبات الثقافة الإسلامية، بحجة المواطنة، وبحجة أن ذلك يجعلهم مواطنين من الدرجة الثانية .
وينبه مكي الى أن الصراع لم يكن بين الثقافة الإفريقية، والإسلامية، وإنما كان يدور بين الثقافة الإسلامية والعولمية بمحدداتها اللغوية والروحية، أي ثقافة العولمة بلغاتها اللاتنية (إنجليزية- فرنسية ) ومحدداتها الأخري الاجتماعية والسياسية والروحية الفكرية، وبمعني اَخر فأن ضبط الهوية الإسلامية، كان يقتضي التوظيف للجنوب، ليس لإبراز العادات والتقاليد والاعراف الجنوبية، وإنما لفتح المجال لمكونات الثقافة الغربية، العولمية، علما بأن الجنوب فيه المسلم الذي ينافح عن الهوية الإسلامية السودانية، ويتمثلها، وفيه النصراني المعاكس لذلك، وفيهم غير المكترث بماَلات قضايا الهوية، والمحددات الثقافية والروحية الأخري .
ويقول انه سواء انفصل الجنوب أو اتصل فإن حركة الثقافة الإسلامية، وتجلياتها بالهوية في اتجاه الصعود، حتي وإن حدثت نكثة وقتية في جنوب السودان، نتيجة الحسابات اللحظية، ويمكن قراءة ذلك من خلال تقبل الجنوبيين للغة العربية، مشيرا الى انه قبل عقود كانت القلة تتكلم اللغة العربية في جنوب السودان، ولكن اليوم أصبحت اللغة العربية هي لغة التفاهم السائدة بينهم، كما أن الأزياء السودانية، خاصة وسط المرأة الجنوبية أخذت تكتسب أراضٍ جديدة في جنوب السودان، كذلك الزواج، والختان والموت، وغيرها وغيرها.
ويؤكد مكي أنه إذا انفصل الجنوب أو اتصل، فإن خط الهوية الاسلامية سيكون في اتجاه الصعود، وإن انفصل فإن مسلمي الجنوب سيبرزون ككيان له إشكالاته، وربما يجدون أن وضعهم وضع المواطن من الدرجة الثانية، مما يدخلهم في مجابهات مع الجنوب، مؤكدا إنهم سيجدون المدد من الشمال، مما قد يؤدي إلي توترات وصراعات هنا وهناك، ويقول ان هذا أيضا سيصب في محفظة دفع المد الإسلامي شمالا وجنوبا، كما أن البيئة الخارجية للسودان ستكون مواتية في إتجاه الثقافة الإسلامية، لأن خط الهوية الإسلامية ينمو في إثيوبيا وإريتريا والصومال وكينيا ويوغندا وتشاد، وكلها من الدول المؤثرة علي تكييف قضايا الدولة والهوية في السودان .
ويستنتج إن الضغط الذي يمثله الجنوب في إتجاه تشكيل الهوية السودانية، أو ضبطها أو تغيرها لن يكون فاعلا، بل ستنقلب القضية بحيث يمكن للشمال أن يكون ضاغطا لضبط إيقاع الهوية الجنوبية، حسب مطلوبات الكيان الإسلامي الجنوبي.
ويقترح مكي طريقا ثالثا في حال اقررنا ان المزاج الجنوبي انفصالي في هذه اللحظة وان هناك خوفا على السودان شماله وجنوبه من قفزة في الظلام، الطريق الثالث يقضي بحصول الجنوب على صلاحيات سياسية أكثر مما عند كردستان العراق ? جنوب منفتح على افريقيا بل ومتكامل معها له أوضاعه الأمنية والعسكرية والاقتصادية وسيادة على موارده المعدنية والبترولية وسياسة خارجية مع الحدود المفتوحة، كما يكون له الحق متي ما استكمل مقومات الدولة في الانفصال التام مع مراعاة أدب الوحدة والتكامل الذي هو أساس الحياة الحديثة (جنوب بؤرة للتواصل والتداخل ما بين شمال السودان وشرق إفريقيا)، ويقول ان جنوب اليوم ليس كياناً جغرافياً فحسب أساسه الحدود ولكنه جملة من التفاعلات والواردات التي تتشكل يومياً ? ويدعو الى عدم قطع الطريق أمام ما يحدث من واردات وتفاعلات.
الآثار السياسية
بعد ان يشير الى شرطين لازمين لإنهاء سيادة دول وإقامة دولة جديدة عن طريق تقرير المصير بوصفه حقاً من حقوق الإنسان، والملجأ الأخير للفئات الاجتماعية الأصغر حجماً، الشرط الأول: عندما تُجرّب جميع وسائل العلاج الاجتماعية ويثبت عدم فعاليتها لحماية حقوق الفئات الاجتماعية وتحقيق أهدافها وتطلعاتها، والشرط الثاني: عندما يكون قد ثبت وفقاً للمعايير الدولية أن الضمانات والآليات الممنوحة غير فعالة لحماية حقوق وهوية هذه الجماعات، يتحدث الدكتور آدم محمد أحمد عبد الله في ورقة (الآثار السياسية المترتبة على انفصال الجنوب) عن أوجه القصور في الاستفتاء على حق تقرير مصير جنوب السودان ويحددها في في ثلاث جوانب هي:
أ/ عدم مشاورة الشماليين في شمال السودان: حيث بقي دور الشماليين في الشمال دوراً هامشياً، ودور المتفرج في مصير الوطن وهو يتمزق دون أن يكون له الحق في الإدلاء برأيه بأي شكل من الأشكال.
ب/ الشماليون في الجنوب: أما الشماليون في الجنوب ورغم إقامة بعضهم هناك منذ فترة ما قبل الاستقلال فلم يشملهم الاستفتاء حيث اقتصر الاستفتاء على قبائل الجنوب فحسب، ولا شك أن ذلك يعتبر أكبر انتهاك لحقوق المواطنة التي تكفلها كافة القوانين والصكوك ذات الصلة لهؤلاء.
ج/ الجنوبيون في الشمال: وقد نص الاتفاق على خلاف ذلك على منح الجنوبيين في الشمال حق التصويت في الاستفتاء حتى لو أقام أحدهم خمسين عاماً في شمال السودان.
ويسجل الدكتور آدم ملاحظته على تفويض الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني ويقول انه من المعلوم أن الحركة الشعبية لا تمثل كل شعب جنوب السودان، طارحا السؤال: هل الحركة الشعبية مفوضة للتوقيع نيابة عن الجنوبيين في مسألة خطيرة ومصيرية مثل تقرير المصير؟، ويستدرك (ولكن يمكن القول أن الحركة الشعبية ضمنت للجنوبيين حقهم في الإدلاء بأصواتهم في الاستفتاء المزمع لتقرير المصير في عام 2011م)، ليعود ويقول انه ليس من المتوقع في ظل الوضع الراهن في الجنوب أن تفوز غير إرادة الحركة الشعبية، إذ لا تسمح الحركة الشعبية للتيارات والأحزاب الأخرى بحرية الرأي والحركة والتواصل مع الجمهور في الجنوب لبلورة موقف مغاير لموقف الحركة الشعبية حول الوحدة أو الانفصال.
أما بالنسبة للمؤتمر الوطني فيقول الدكتور آدم انه كذلك غير مفوض من قبل شعب شمال السودان للحديث نيابة عنهم وتوقيع اتفاقات مصيرية باسمهم، فالمؤتمر الوطني لا يشكل أغلبية في الشمال السوداني، مشيرا الى ان ذلك تسبب في بروز أصوات في الشمال تعترض على الاتفاقية نفسها بحسبانها منحت الجنوبيين أكثر مما يستحقون من حصص السلطة والثروة خاصة وأن المؤتمر حسب رأي هؤلاء لم يوقع على اتفاق نيفاشا بمحض إرادته وإنما بضغوط خارجية مشهودة من جهات متعاطفة مع جنوب السودان.
ويقدم الدكتور آدم تقييما للموارد في حالة الانفصال حيث ستخصم الموارد من الشمال لصالح الجنوب:21 ? 33% من الموارد البشرية، 25% من الأرض وهي بكر صالحة للزراعة طول العام لوجود الأمطار، الجنوب عمق استراتيجي للشمال (26% من الكتلة الحيوية)، 60% من الثروة الغابية، 70% من الحياة البرية، مياه النيل الأبيض وروافده، 55% من الثروة الحيوانية، 60% من الثروة السمكية، 80% من النفط.
ويحدد مشكلات ومخاطر منح الجنوبيين حق تقرير المصير، في نقاط، أولها انه سابقة في أفريقيا ويناقض ميثاق منظمة الوحدة الأفريقية، وسوف يؤدي إلى انهيار عدد كبير من الدول الأفريقية التي تعاني مشاكل مماثلة، وثانيها: تفتيت السودان اذ قد يؤدي انفصال الجنوب إلى تفتيت السودان إلى عدة دويلات، وثالثها: الاحتراب الداخلي في الجنوب، فمن المتوقع في حال انفصال الجنوب أن تندلع حروب أهلية بين مكونات الجنوب المختلفة وكذلك قد يؤدي تقرير المصير إلى حروب داخلية واضطرابات في الشمال فالتباين العرقي في الشمال والديني أصبح أسوأ من الجنوب، اضافة الى اكتظاظ الشمال بالمليشيات والحركات المسلحة في الخرطوم والولايات، فضلا عن استمرار التدخلات الخارجية والوجود الأجنبي في الشمال حيث القوات والمنظمات الدولية في كردفان ودارفور، واستمرار المطالبة بمحاكمة من ارتكبوا جرائم حرب في دارفور، وخامسها: حدود الجنوب مع الشمال: فمن المشاكل التي قد يثيرها انفصال الجنوب مسألة ترسيم الحدود في أبيي والنيل الأزرق وجنوب كردفان، مشيرا ن الى االترسيم الآن في إطار الدولة الواحدة أسهل من تأجيلها ليكون الترسيم بين دولتين متنازعتين.
مياه النيل
الدكتورة إكرام محمد صالح تناولت في ورقتها (أثر الانفصال على مياه النيل) رؤية حكومة جنوب السودان لمياه النيل واشارت الى بعض النقاط لتوضيح موقف حكومة جنوب السودان من مياه النيل ومنها ان معظم دول المنبع تجاور جنوب السودان {إثيوبيا ? كينيا ? أوغندا ? الكنغو الديمقراطية} ولها علاقات قوية جداً مع حكومة جنوب السودان في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعسكرية، بل تمثل هذه الدول الداعم الرئيس لحكومة الجنوب، وبناءاً علي ذلك فإن حكومة جنوب السودان رغم اهتمامها الكبير بمشكلة مياه النيل بين دول المنبع ودولة المصب مصر، فإنها تتصرف وتتحرك بحذر شديد، لأن حق تقرير المصير الذي نتج عن اتفاق السلام في 9/1/2005م ، تعتبره حكومة الجنوب أولوية ومكسب للجنوب سوف يكون في خطر إذا تم خلطه مع المواقف السياسية لحكومة الجنوب تجاه مياه النيل، ويرجع ذلك لخطورة هذا الموضوع من قبل دول المنبع السبع، فجنوب السودان يمثل جزءً أساسيا ومعتبرا من حوض النيل، ويمر به نهر النيل قبل شمال السودان ومصر، فإذا قدر للاستفتاء أن يأتي بدولة جديدة (جنوب السودان) فسوف تزيد من الوضع والموقف المتأزم حول مياه النيل ، وسوف تكون غير مرغوب فيها إذا انضمت لأحد طرفي النزاع (دول المنبع السبع أوالسودان ومصر) هذا رغم أن كل الدلائل تشير بوضوح بانها ستكون أقرب بنسبة كبيرة لدول المنبع .
وتقول الدكتورة اكرام إن وضع مياه النيل في حكومة جنوب السودان في هذا الوقت (قبل الاستفتاء) معقداً جداً في ظل الشراكة القوية لحكومة الجنوب مع دول المنبع، منبهة الى ان حكومة جنوب السودان عملت علي عدم الدخول في الخلافات الدائرة الآن بين دول المنبع والسودان ومصر، وتركت الموضوع برمته إلي أن يتم التعامل مع السودان كدولة موحدة حتى الآن وفقاً لاتفاقية السلام الشامل، وبالتالي لم تساهم حكومة الجنوب ولم تشارك في كل المؤسسات المتعلقة بإدارة ملف المياه، ولم تسعي للعب دور في مشكلة مياه النيل في هذه الفترة، وذلك لاهتمامها بملف عملية تقرير المصير التي تحتاج فيها لدعم جميع الدول وخاصة دول المنبع السبع.
وتلاحظ الدكتورة اكرام ان لحكومة جنوب السودان دور فاعل ومشارك في المسائل الأخرى التي تربطها مع حكومة الوحدة الوطنية مثل الثروة البترولية ، الحدود، الأرض والموارد الطبيعية الأخرى، الاقتصاد والديون .. الخ . وتشير الى ان حكومة جنوب السودان تري أنه لا توجد مشاريع للري في الجنوب في الوقت الحالي تتطلب الدخول في الصراع والخلاف حول مياه النيل، فمعظم مشاريع الري توجد في شمال السودان . وحتى المشاريع الكبيرة في شمال السودان لا تستقل كامل حصة السودان من مياه النيل المقررة حسب الاتفاق الثنائي بين السودان ومصر وفقا لاتفاقية عام 1959م التي تبلغ 18,5 مليار م3 . وتقدر الكمية المستخدمة ب 14 ? 16 مليار م3 سنوياً . وحتى المشاريع الصغيرة الموجود في جنوب السودان التي لم تكتمل بعد أو التي تحتاج إلي إعادة تأسيس لا تتطلب مياه كثيرة فحاجة الجنوب من مياه النيل في ظل هذه المشروعات الصغيرة أو في حالة اكتمالها ستظل محدودة وستظل هناك كمية من حصة السودان المائية غير مستقلة، لكل ذلك جعلت حكومة جنوب السودان المسئولية عن حصة السودان المائية وما يدور من خلافات حول مياه النيل بين دول المنبع والسودان ومصر خلال هذا الفترة لحكومة الوحدة الوطنية. وتستنتج أنه في حالة اختيار شعب جنوب السودان في الاستفتاء حول تقرير المصير للانفصال في يناير 2011م ، فإن موضوع مياه النيل ونصيب الدولة الجديدة سيكون من أهم مواضيع التفاوض وستكون حكومة الجنوب في وضع أفضل كونها دولة مستقلة ضمنت تعاون الجميع (دول المنبع السبع + السودان ومصر) في تحقيق مصيرها . وبدأت في موقف استقلال ذاتي غير مرتبط بضغوط التفاوض في مسألة موقفها من المياه بصورة أفضل بناءاً علي التوسع الذي تريده في زيادة المشروعات التنموية، وتشير الى أنه ما لم يصبح جنوب السودان دولة معترف بها لا يمكن أن يسجل مواقف واضحة في قضايا حساسة قد تجلب عليه بعض المشاكل، وتتوقع في حال أصبح الجنوب دولة ان تكون لرؤيته تداعيات أكبر على حكومة الشمال وليس على الأطراف الأخرى.
وتمضي الدكتورة اكرام الى القول ان من مصلحة السودان معالجة موضوع المياه بشكل منفرد « فك المسار أو الارتباط مع مصر « مثلما حدث في الموقف من اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية عام 1997م المتعلقة بالاستخدامات غير الملاحية للمجاري الدولية، حيث صوت السودان على الاتفاقية، وامتنعت مصر عن التصويت، مشيرة الى ان مصالح السودان تختلف عن مصالح مصر وظروف السودان تختلف عن ظروف مصر (فمصر تجاور فلسطين المحتلة من قبل إسرائيل ودخلت في صلح منفرد مع إسرائيل دون مشاورة السودان - اتفاقية كامب ديفيد)، كما ان السودان أكثر قرباً وجواراً لدول حوض النيل [دول المنابع] ويواجه مشكلات سياسية وأمنية غير مائية ويؤثر ويتأثر بذلك الوضع إذا توترت العلاقات بينه وبين تلك الدول أكثر من تدهورها مع مصر لأن مصر بعيدة عنها ولا تجاورها، هذا فضلا عن ان السودان مؤهل للعب دور أساسي وتوفيقي أي يجب أن يراعي مصلحته العليا دون مجاملة أو عاطفة مع احد من دول المنابع أو دولة المصب والتوفيق بين الجميع، مشيرة الى ان اتفاقية 1959م وضعت السودان دون رغبة شعبه في تكتل مع مصر على بقية دول حوض النيل، وتقول ان هذا الوضع الماثل حتى الآن يضر بمصالح الشعب العليا (فمصر تستقوى بالسودان لتنفيذ مصالحها)، مؤكدة ان مصر لا تستطيع عمل أي شيء دون السودان الذي لا يحتاج لمصر مائياً، اضافة الى ان الاتفاقية الإطارية الجديدة لا تؤثر على السودان فالإشكال أصلاً بين مصر ودول المنابع، وقد لا يكون في مصلحة السودان الدخول في تلك الإشكالية التي أدخلته فيها مصر، خالصة الى وجود تعارض تام في المصالح المائية بين الدولتين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.