ومع الاعتراف بالماضي وقراءته من عدة زوايا نود أن نشير إلى الإشكالية الكبرى التي بدأت تطل برأسها من جديد بين الإدارة العامة للحج والعمرة ووكالات السفر والسياحة. بعد أن وصلت الأمور إلى طريق مسدود ولم يتوصل الأطراف إلى تسوية لمعالجة هذه الأزمة المستفحلة خلال اجتماع أمس الأول مما فتح الباب واسعا لبروزها على المشهد العام. ولقد اتسعت روافد الأزمة وتشعبت بين العديد من الجبهات وخلقت حالة من التوتر العام، وتكمن أصل المشكلة بين الإدارة العامة للحج والعمرة ووكالات السفر والسياحة في كراسة العطاء بعد أن التزمت الهيئة كطرف أول بتحويل مبلغ ثلاثة آلاف ريال لكل حاج بالمملكة العربية السعودية إلا أن أصحاب وكالات السفر دُهِشوا حينما أخبرهم مدير الإدارة العامة للحج والعمرة بأن المبلغ المتبقي في حدود ال(2) مليون ريال ببنك السودان وعليهم أن يتقاسموا المبلغ بين حجاجهم في حين أن المبلغ المطلوب في حدود ال5 ملايين ريال وبكل المقاييس تعد هذه الأزمة مثيرة للقلق، وثم عامل آخر وهو أن هذا القطاع الكبير لم يتحصل على حقه الطبيعي في البعثة فالإدارة العامة وزَّعت الألف فرصة بفهمها منها 646 أمراء ومرشدون، وكان الطبيعي أن ينال القطاع حقه في حدود ال118 فرصة إلا أن الإدارة اعتذرت لهم بأنها نفدت ولم يتبقَ منها سوى ال20 فرصة وعليهم أن يتقاسموها أيضا بين عضويتهم لهذا لم يعد من الممكن غض النظر أو التغافل عن هذه المشكلات المعضلة. وعليه وأمام رغبتنا في تلمُّس ورصد هذه المشكلات وعرضها للجهات المختصة لمعالجتها وإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان، فالسؤال الجوهري كيف توقِّع الإدارة العامة العامة للحج والعمرة على كراسة العطاء دون أن تعرف حدود إمكانياتها وإمكانيات الدولة فيما يلي النقد الأجنبي؟ كيف يكون الحال إذا تظاهر حجاج القطاع السياحي واعتبروا أن أصحاب الوكالات خدعوهم حين أخبروهم بأنهم سوف يوفرون لكل حاج مبلغ ثلاثة آلاف ريال؟ ووقع الحجاج مع أصحاب الوكالات العقد على هذا الأساس ثم تملَّصت الإدارة العامة للحج والعمرة لتترك أصحاب الوكالات يأكلون نارهم، الأجدر للإدارة العامة أن تلتزم بمعاهداتها ومواثيقها لأنها تقود الحجاج ويكفي الاستشهاد بهذا النموذج بأن ندرك كيف انزلقت الهيئة العامة للحج والعمرة بعد أن كادت تسير في الطريق صحيح. ولعل طبيعة هذا الإشكال في ضوء قراءته تفرض علينا أن نقف فيما هو كامن وراء هذا التعنت ونحاول إدراك ما ألمح إليه البعض وما لم يصرحوا به تصريحا، ولكنه متضمن في ثنايا الحقيقة، فالحج السياحي يشمل في بنود عقوده خصائص ومزايا لم توفَّر في الحج العام حيث يفضل بعض الحجاج السفر عبره وإن ارتفعت التكلفة واليوم القطاع الخاص منوط به تحمُّل المسؤولية بعد خروج الدولة نهائيا من أعمال الحج ليقوم القطاع السياحي بدوره بعد تأهيل نفسه ونفض الركام من عضويته وخلق شراكات ومؤسسات كبرى، على قرار تلك المؤسسات العاملة في مجال الحج بالمملكة العربية السعودية كالمؤسسات الأهلية والشركات اللوجستية أخيرا تفاديا لمثل هذه السلبيات في الفهم والتعليل والتزاما بطبيعة العقد الذي جاء في الكراسة العطاء. أخيرا نناشد المجلس العسكري التدخل لحل هذه المشكلة حتى لا تسبب مشكلة بين الحجاج وأصحاب الوكالات وعلى الإدارة العامة الحذر حتى لا يكون التناقض بين أقوالها وأفعالها والتزاماتها المنصوص عليها في الكراسة العطاء التي توقِّع عليها سنة متبعة، وعلى الدوام ظلت الإدارة تأخذ حقها كاملًا من الوكالات حين لم تلتزموا بالشروط المتفق عليها بالعقود تستخدم حق الفيتو وتطبق الشروط الجزائية وتسيل شيك الضمان المودع بطرفها واليوم جاء الدور على الإدارة العامة للحج والعمرة فمن الذي يقوم باستخدام الفيتو وتطبيق الشروط الجزائية وتسييل أرصدتها ببنك السودان سوى المجلس العسكري.