بدأت قوائم المرشحين لتولي الحقائب الوزارية تتضح بحلول منتصف أغسطس بعد نقاشات مطولة من لجنة مختصة في قوى الحرية والتغيير، لتشرع في تقديم قائمة من ستين اسماً لرئيس الوزراء بحيث يكون أمامه ثلاث شخصيات بالترتيب لكل وزارة، فيما قال رئيس الوزراء الانتقالي عبدالله حمدوك إنه بدأ منذ الخميس في مهمة اختيار وزراء الحكومة الانتقالية المقبلة بحسب المعايير الصارمة المجمع عليها، وتتمثل في الكفاءة والقدرة على إحداث التغيير وتحقيق قيم الثورة. ولفت حمدوك إلى أنه في حال عدم توفر الكفاءة اللازمة لشغل الوزارة سيعيد القائمة مرة أخرى لقوى الحرية والتغيير. قواعد الوثيقة أشار الفصل الخامس من الوثيقة الدستورية لتكوين مجلس الوزراء وشروط عضويته، حيث أشار إلى أن عدد الوزارات يجب ألا يتجاوز 20 وزارة من قائمة مرشحي قوى الحرية والتغيير عدا وزارتي الدفاع والداخلية اللتين يتم الترشيح لهما من الأعضاء العسكريين في مجلس السيادة. الشرط العام لتولي الحقائب الوزارية يتعلق بالالتزام بتنفيذ برنامج مهام الحكومة الانتقالية وفقاً لبرنامج قوى الحرية والتغيير والذي يتضمن العمل على إيقاف الحروب والنزاعات وبناء السلام وحل الضائقة الاقتصادية والإصلاح القانوني المؤسسي. إلى جانب شروط تتصل بأن يكون المرشح سودانياً بالميلاد ولا يقل عمره عن 25 عاماً فضلاً عن كونه من ذوي النزاهة والكفاءة والتأهيل العلمي والقدرات الإدارية لإدارة المنصب، على أن لا يكون قد أدين بحكم نهائي في محكمة مختصة في جريمة تتعلق بالشرف أو الأمانة والذمة المالية. وشددت الوثيقة الدستورية في مسألة حملة الجنسيات الأخرى بالنسبة لمنصب رئيس الوزراء ووزير الدفاع والداخلية والخارجية والعدل ووضع استثناء في حال التوافق بين مجلس السيادة وقوى الحرية والتغيير فيما يلي رئيس الوزراء ومجلس السيادة ورئيس الوزراء فيما يلي بقية الوزراء. معايير الكفاءة وإن تضمنت الوثيقة الدستورية ما يمكن وصفه بالشروط العامة إلا أن ثمة متطلبات أخرى للتأكد من كفاءة المرشحين لشغل الحقائب الوزارية. ومنذ رمضان الماضي فرغت لجنة مختصة من مبادرة أساتذة جامعة الخرطوم وتجمع مهنيي الموارد البشرية السودانية – أحد الأجسام المنتمية لتجمع المهنيين السودانيين- من وضع جملة من المعايير لشغل الحقائب الوزارية تم تسليمها للجنة الترشيحات لتجمع المهنيين وشركائه في قوى الحرية والتغيير تضمنت ثلاثة مستويات من المؤهلات والجدارات. وحذر تجمع مهنيي الموارد البشرية قوى الحرية والتغيير ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك من اعتماد السيرة الذاتية فقط لتقييم كفاءة المرشحين لشغل الوظائف الدستورية. وقال عضو مبادرة الجدارات عن تجمع مهنيي الموارد البشرية مالك أبو الحسن إن الكفاءة لا يمكن قياسها عبر السيرة الذاتية خاصة أنها لا تعطي نسبة تنبؤ للأداء لا تتجاوز دقتها نسبة 20% في أحسن الأحوال مقارنة بآليات التقييم الأخرى مثل مراكز التقييم المختصة والمقابلات والاختبارات النفسية والتي تصل دقتها عالمياً في التنبؤ بالكفاءة الإدارية لنحو 80% وهو ما يعالج اللغط الكبير والمخاوف المفهومة التي شهدناها في الفترة السابقة حول معايير الاختيار ويحسم الأمر بطريقة علمية مدروسة ومجربة. ويلفت عضو مبادرة الجدارات إلى أن هذه المنهجية الحديثة تعمل على توفير فرص عادلة لجميع المرشحين وتمنع التحيز وتقدم طرقاً شفافة لعملية الاختيار وتربط الأداء في الماضي بالأداء المتوقع في المستقبل وتقلل نسبة الاختيار الخاطئ للمرشحين وتحدد فجوة الأداء وتضع معايير واضحة للاختيار والتقييم للمرشحين. من جانبه يقول مقرر مبادرة أساتذة جامعة الخرطوم د. محمد عبد الله الذي شارك في وضع الاشتراطات يقول إن قائمة (المؤهلات والجدارات) التي سلمت لقوى الحرية والتغيير تتضمن 3 مستويات أولها (الشروط الأساسية) والتي تتضمن عدم انتماء المرشح/ة للنظام السابق (المؤتمر الوطني) أو مشاركته في النظام السابق، كما يجب أن يشهد له بالنزاهة والكفاءة في سيرته المهنية ونصاعة صحيفته المالية، ومن ثم يجب أن يكون حاصلاً على درجة علمية عليا من التخصص في جامعة معترف بها، كما يجب أن تكون لديه خبرة في مناصب قيادية في المجال لمدة لا تقل عن 10 سنوات مع استثناء الشباب فيما يلي القيد الزمني، كما يجب أن يجيد أكثر من لغة أجنبية. وإذا لم يتم حسم المقعد الوزاري لأحد المرشحين عبر الشروط الأساسية يتم تصعيد المتأهلين لمستوى ثانٍ من المعايير يعرف ب(الشروط الإضافية) أبرزها المعرفة الواسعة بالسودان من حيث الجغرافيا والتطورات السياسية ووضوح الرؤية والتفكير الاستراتيجي والذي يتم قياسه عبر أساليب علمية ومعايير عالمية استلهمها (تجمع مهنيي الموارد البشرية السودانية) لتطوير عملية الاختيار، إلى جانب القدرة على اتخاذ القرارات المفصلية والعمل بفاعلية ضمن الفريق مع القدرة على اختيار الفريق المناسب. عضو مبادرة الجدارات عن تجمع مهنيي الموارد البشرية مالك أبو الحسن يقول إن الأمر يتطلب من المرشح الوعي السياسي بالتقاطعات المحلية والدولية والالتزام بالنظام الديمقراطي وفهم وإدارة التنوع في السودان إلى جانب القدرة على التخطيط والتفكير الاستراتيجي والاتصال الفعال مع القدرة على وضع خطط واستراتيجيات وآليات للحد من مقاومة التغيير المتوقع. وفي حال تعذر حسم الترشيح مع استيفاء الشروط الأساسية والإضافية يتم الاحتكام للمستوى الثالث والذي يعرف ب(التمييز الإيجابي) حيث يمثل الانتماء لفئة الشباب والنساء والمجموعات الأقل حظوة التي لم تحصل على فرص طبيعية للمنافسة (المناطق المهمشة، ذوي الاحتياجات الخاصة، إلخ…). مقرر مبادرة أساتذة جامعة الخرطوم د. محمد عبد الله يقول ينبغي إعمال هذه المعايير دون محاباة لشخص أو جماعة إلا أن التحدي الأساسي يتمثل في توفير فرص متساوية للترشح. ويكشف مالك أبوالحسن عن أنهم اجتمعوا بلجنة الترشيح في قوى الحرية والتغيير التي رحبت بطريقتهم في شغل الوظائف الدستورية إلا أنها اعتذرت عن تطبيقها في شغل الوزارات لعامل ضيق الوقت خاصة أنها تحتاج لتدريب لجنة الترشيحات لتطبيقها فيما وعدت بتطبيقها في بقية المقاعد الدستورية وعلى رأسها البرلمان. رئيس الوزراء عبد الله حمدوك اعتبر أن أول اختبار لمصداقية قوى الحرية والتغيير أمام الجماهير هو كفاءة الأسماء المرشحة لشغل الحقائب الوزارية والقادرة على الاستجابة للتحديات الكبيرة لافتاً إلى أنه يطمع في خلق فريق منسجم للعبور بالفترة الانتقالية لبر الأمان.