سيد الأتيام يحقق انتصارًا تاريخيًا على النجم الساحلي التونسي في افتتاح مشاركته بالبطولة الكونفدرالية    وزير الداخلية .. التشديد على منع إستخدام الدراجات النارية داخل ولاية الخرطوم    كامل إدريس يدين بشدة المجزرة البشعة التي ارتكبتها ميليشيا الدعم السريع في مدينة الفاشر    شاهد بالفيديو.. استعرضت في الرقص بطريقة مثيرة.. حسناء الفن السوداني تغني باللهجة المصرية وتشعل حفل غنائي داخل "كافيه" بالقاهرة والجمهور المصري يتفاعل معها بالرقص    شاهد بالفيديو.. الفنان طه سليمان يفاجئ جمهوره بإطلاق أغنية المهرجانات المصرية "السوع"    إلى متى يستمر هذا الوضع (الشاذ)..؟!    شاهد.. ماذا قال الناشط الشهير "الإنصرافي" عن إيقاف الصحفية لينا يعقوب وسحب التصريح الصحفي الممنوح لها    بورتسودان.. حملات وقائية ومنعية لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة وضبط المركبات غير المقننة    قرارات وزارة الإعلام هوشة وستزول..!    10 طرق لكسب المال عبر الإنترنت من المنزل    شاهد بالفيديو.. طفلة سودانية تخطف الأضواء خلال مخاطبتها جمع من الحضور في حفل تخرجها من إحدى رياض الأطفال    جرعات حمض الفوليك الزائدة ترتبط بسكري الحمل    الأمين العام للأمم المتحدة: على العالم ألا يخاف من إسرائيل    لينا يعقوب والإمعان في تقويض السردية الوطنية!    تعرف على مواعيد مباريات اليوم السبت 20 سبتمبر 2025    السفاح حميدتي يدشن رسالة الدكتوراة بمذبحة مسجد الفاشر    الأهلي الفريع يكسب خدمات نجم الارسنال    حمّور زيادة يكتب: السودان والجهود الدولية المتكرّرة    إبراهيم شقلاوي يكتب: هندسة التعاون في النيل الشرقي    الطاهر ساتي يكتب: بنك العجائب ..!!    صحة الخرطوم تطمئن على صحة الفنان الكوميدي عبدالله عبدالسلام (فضيل)    «تزوجت شقيقها للحصول على الجنسية»..ترامب يهاجم إلهان عمر ويدعو إلى عزلها    قرار مثير في السودان    وزير الزراعة والري في ختام زيارته للجزيرة: تعافي الجزيرة دحض لدعاوى المجاعة بالسودان    بدء حملة إعادة تهيئة قصر الشباب والأطفال بأم درمان    لجنة أمن ولاية الخرطوم: ضبطيات تتعلق بالسرقات وتوقيف أعداد كبيرة من المتعاونين    هجوم الدوحة والعقيدة الإسرائيلية الجديدة.. «رب ضارة نافعة»    هل سيؤدي إغلاق المدارس إلى التخفيف من حدة الوباء؟!    الخلافات تشتعل بين مدرب الهلال ومساعده عقب خسارة "سيكافا".. الروماني يتهم خالد بخيت بتسريب ما يجري في المعسكر للإعلام ويصرح: (إما أنا أو بخيت)    تعاون مصري سوداني في مجال الكهرباء    ترامب : بوتين خذلني.. وسننهي حرب غزة    شاهد بالفيديو.. شيخ الأمين: (في دعامي بدلعو؟ لهذا السبب استقبلت الدعامة.. أملك منزل في لندن ورغم ذلك فضلت البقاء في أصعب أوقات الحرب.. كنت تحت حراسة الاستخبارات وخرجت من السودان بطائرة عسكرية)    900 دولار في الساعة... الوظيفة التي قلبت موازين الرواتب حول العالم!    "نهاية مأساوية" لطفل خسر أموال والده في لعبة على الإنترنت    محمد صلاح يكتب التاريخ ب"6 دقائق" ويسجل سابقة لفرق إنجلترا    المالية تؤكد دعم توطين العلاج داخل البلاد    شاهد بالفيديو.. نجم السوشيال ميديا ود القضارف يسخر من الشاب السوداني الذي زعم أنه المهدي المنتظر: (اسمك يدل على أنك بتاع مرور والمهدي ما نازح في مصر وما عامل "آي لاينر" زيك)    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    الخرطوم: سعر جنوني لجالون الوقود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مع ياسر عرمان.. بعد الخروج والعودة:الوضع الحالي هش ويحتاج ألا تحتكر أي جهة واحدة الحقيقة
نشر في السوداني يوم 05 - 12 - 2019

ياسر سعيد عرمان، نائب رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال، سياسي من العيار الثقيل، وقيادي يعرف كيف يشعل الساحة السياسية بمواقفه وآرائه الجريئة، فهو يتكئ على تجربة سياسية طويلة حيث أمضى (41) عاماً من سنوات عمره ال (57) في دروب العمل السياسي الوعرة منها (8) سنوات في الحزب الشيوعي السوداني و (33) عاماً في الحركة الشعبية. جاء ياسر للخرطوم التي طُرد منها في شهر مايو الماضي بعد أن مرت مياه كثيرة من تحت الجسر.. التقيت بياسر، الوفي لعلاقاته القديمة والودودة مع الصحفيين، في مقر إقامته بفندق كورال الخرطوم عصر أمس، ووضعت على طاولته حزمة من التساؤلات التي يتقاطع فيها العام مع الخاص، فأجاب عليها بتلقائية من تعوَّد على هذا النوع من الأسئلة الساخنة مسبقاً:
* طُرِدتَ من الخرطوم وأخرجِتَ بدون ارادتك في مايو الماضي، وعدت وسط احتفاء بك عبر صالة كبار الزوار.. فما الذي حدث في هذه الفترة؟.. هل رضيت عن العسكر أم رضوا عنك ربما؟
* الموضوع ليس رضيت عن العسكر أو أن العسكر قد رضوا عني. فأنا لم أخدم لمصلحة أي عسكر، وبذلت كل حياتي من أجل الشعب السوداني. وما حدث أن هنالك وثيقة دستورية تحكم الفترة الانتقالية أعطت حريات لكل الشعب السوداني، وهي حريات انتزعها الشعب السوداني، ونحن راهنا على إرادة الجماهير طوال نظام البشير، وإرادة الجماهير انتصرت ونحن الآن نعمل من أجل مرحلة جديدة نتمنى أن تقودنا هذه المرحلة وتقود السودان إلى اتجاه جديد، وهذا هو المهم وليس أنا. ويجب ألا تدور كل القضايا حولي، يجب أن تدور حول الوطن.
* لاحظ البعض أن استقبالك لم يكن كما في العام 2004م، فقد وصفه البعض بأنه كان فاتراً وباهتاً؟
* استقبالي لم يكن فاتراً ولم يكن باهتاً، وهذه كلها جزء من تركة النظام المسمومة في محاولة خلق ورسم صورة لي فشلت عبر السنوات وستفشل الآن، ولم يستطع النظام طوال ثلاثين عاماً أن يرسم لي صورة كقاتل وصورة ذهنية كإنسان يخدم من أجل هذه القضية الشخصية أو تلك. أنا رسمت صورتي التي أُريدها لنفسي وشعبنا تقبلها عبر السنوات. وصورتنا جاءت فوق إرادة كل من حاول أن يرسم صورة لي معاكسة لما هو واقع. فما حدث أنت تعلمه تماماً ويجب أن نترك هذه المحاولات لرسم صورة ذهنية لي مخالفة للواقع، ومخالفة لما يريده شعب السودان، وشخصنة الأمور. والمواضيع الآن لا تدور حولي وإنما تدور حول الشعب السوداني. والشعب السوداني يريد مشروعاً وطنياً جديداً، وهذه هي القضية التي يجب أن تناقش وليست مربوطة بي أو بأي شخص آخر.. ورحل قرنق وبقيت فكرة السودان الجديد وأنت رأيت في الاعتصام وفي هذه الثورة كيف تم الاحتفاء بأفكار السودان الجديد، وأفكار السودان الجديد هي التي تمثلني وهي الآن موجودة بصورة قوية وحيوية في السودان، لذلك كل هذه المحاولات المسمومة لم تنفع حينما كان النظام مسيطراً ولن تنفع الآن حينما جاءت الحريات بإرادة الشعب السوداني.
*يقال إنك أصبحت أشبه بجندي أعزل، وفارس بلا جواد.. فلا قائد الآن مثل جون قرنق ولا رفاق مثل الحلو ومشار وباقان؟
* هذا كله جزء من الصورة الذهنية التي يريد البعض أن يرسمها، فالمشهد السياسي الآن فيه ملايين السودانيين وملايين السودانيات، فيه شباب وجيل جديد ونحن ننتمي لإرادة الشعب، فدعهم يقولون ذلك، ولماذا يهتمون بي باستمرار ويريدون أن يرسموا لي صورة ذهنية؟ ولماذا هذا الخوف الذي يجعلهم يكرسون وسائل الاعلام و(السويشال ميديا) طوال هذه السنوات ولم يفلحوا ولن ينجحوا، فهذه صور ذهنية مسمومة كما قلت لك. فذهب قرنق وهو الآن موجوداً أكثر حضوراً وبهاءً من أي وقت مضى. ويجب أن نهتم كيف ذهب الجنوب وكيف تمت الابادة الجماعية لملايين السودانيين، فهذه هي القضايا المطروحة.. قضايا أن السودان تم تدميره بصورة غير مسبوقة من مجموعات الاسلام السياسي، وهذه المجموعات يجب أن تتحمل ما فعلته بالسودان.
* قلت إن قرنق ذهب وبقي فكره.. كثيرون لا ينظرون لأثره من نفس زاويتك، بل لا يرون أي أثر لفكر قرنق الآن.. فأين حضور ورؤية قرنق التي تتحدث عنها؟
* الأزمة كلها حول رؤية قرنق، والسودان ما يطلبه الآن ويريده هو رؤية قرنق، وهذه الحروب المنتشرة في السودان تدور حول رؤية قرنق وحول المواطنة، وأكبر قضية الآن في السودان هي قضية المواطنة وهذه رؤية قرنق.. أذهب إلى جمهورية النفق وإلى ميدان الاعتصام (الشعب يريد بناء السودان الجديد) ومن الذي أتى بشعار السودان الجديد؟ هو قرنق نفسه. وصوره ترفع في أي مكان والأجيال الجديدة بدأت تتعرف عليه بصورة أفضل من الصورة التي رسمتها أجهزة الاعلام الحكومية، هذا الاعلام الحكومي يجب أن ينتهي، ودعايته وترهاته المسمومة وهناك مرحلة جديدة سنرسمها نحن مع شعبنا. وشعبنا، والشهداء هم الذين رسموا هذه المرحلة ونحن مع إرادة الشعب، ومع إرادة الشهداء، ونراهن على الشعب السوداني ولا نراهن على غيره.
* ياسر عرمان شخصية قلقة لا تصلح للإسهام في بناء دولة مستقرة.. هكذا يقولون.. فماذا تقول أنت؟
* يا سيدي لا أريد أن أقول ولا أريد أي أحد أن يتحدث وهنالك وقائع. فأنا في الحركة الشعبية منذ (33) عاماً وإذا كان ينتابني القلق فهل يمكن أن أكون موجوداً لمدة (33) عاماً؟!.. أي قلق هذا؟.. أنا أمضيت معظم شبابي وحياتي في الحركة الشعبية، وكنت في الحزب الشيوعي لمدة (8) سنوات، وأمضيت (41) عاماً في الحركة الشعبية والحزب الشيوعي.. فهل هذه الفترة مجرد نزهة أم قلق أم شيء آخر؟ هذا متروك للشعب السوداني. وأنا لا أريد من مجموعات مهزومة الآن أن تقيمني، فأنا راهنت على الشعب والآن هزمنا هذه المجموعات، والآن هنالك مرحلة جديدة وأنا لم آتِ بإذن أي شخص إلا بإذن هذا الشعب السوداني، ولذلك هذه الصور والحديث عن أنني شخصية قلقة وقاتلة ومجرمة وبأني شخصية كذا وكذا، كل هذه الصورة الذهنية فشلت. أنا ذهبت للاعتصام وأنت كنت موجودا ويمكن أن تذهب وترى الفيديوهات وكيف أُستُقبِلت في داخل الاعتصام. ولو كنت قلقاً، فأنا شخص كنت محاكماً بالاعدام ومع ذلك جئت لأسهم مع الجيل الجديد ولأتضامن ولأُعلي رايات الثورة، وأعلينا رايات الثورة وانتصرت الثورة، ولذلك هذه الصور لا تهمني في شيء.
* كنت أحد أبرز نجوم المشهد السياسي طوال السنوات السابقة، ألا يزعجك الآن أن يكون هنالك نجوم جدد يتصدرون المشهد السياسي بينما تتراجع نجوميتك نوعاً ما؟
* يا سيدي أنا لستُ عمر الشريف ولست دنزل واشنطن. أنا شخص حاولت أن أناضل مع شعبنا وحاولت أن أسهم في التغيير بقدر ما أستطيع ولا أريد نجومية أو الحديث عن نجوم جدد أو قدامى. النجم الوحيد هو الشعب السوداني وهذا هو النجم الذي لا يخبو ونشرب من ضوئه جميعاً.
*أنفقت أكثر من ثلثي عمرك في العمل السياسي، فكيف تنظر إلى الوضع الآن في السودان؟
* (أكثر من ثلثي عمري؟) ألا يتعارض هذا مع حديثك عن أني شخصية قلقة؟. أنا الآن عمري (57) عاماً، وأنفقت في العمل السياسي (41) عاماً. لذلك أنا قلت لك إن هذه الصورة الذهنية لن تصمد..
*عفواً يا أستاذ فأنا لا أتبنى هذه الآراء وتلك الصور بالضرورة؟
* أنا لا أُجيب على آرائك الشخصية يا شبارقة، فأنت تأتي بأشياء وصلتك عبر افادات مهما كانت طبيعتها، وأنا أرد وأقول إن هذه الافادات كاذبة وحاولت أن توصلني إلى القبر قبل الموعد، وهذه الصور سقطت وبقي الشعب السوداني، فأنتمي إلى هذا الشعب وأرضى بحكم الشعب وبحكم التاريخ، وكل المراحل دللت على أنني أُحظى باحترام من دوائر واسعة ومهمة.. وهذا تم حينما أتينا في 2004م وكتب أحدهم أنني لن أُستقبل في الخرطوم محمولاً على الأعناق، وأُستقبِلت حتى في المرة الأخيرة محمولاً على الأعناق، فليس هذا هو المهم، وإنما أُريِد أن أُدلل على عدم نجاح تلك الصور الذهنية مطلقاً في اغتيالي.. لماذا؟.. لسبب بسيط لأنني من هذا الشعب وجزء من القوى التي تقاوم من أجل التغيير ومن أجل بلد جديد، وهذه الأفكار لن تموت حتى لو ذهبت. فهذا الجيل وهؤلاء النجوم الجدد أنا سعيد بهم لأن نجوميتهم جاءت من أجل التغيير ومن أجل بلد جديد، والنجم الوحيد الذي سيبقى هو شعبنا.
*مع كل ما قلت أنت لم تجب على سؤالي السابق بشأن رؤيتك لمستقبل السودان بعد أن أنفقت ثلثي عمرك في العمل السياسي.. فهلا أنت متفائل أم متخوف ربما؟
* أنا دائماً متفائل، وأنظر إلى أن الوضع الحالي وضع هش ويحتاج ألا تحتكر أي جهة واحدة الحقيقة، ويحتاج للاعتراف بإرادة الشعب السوداني ويحتاج إلى تغيير حقيقي. وحصلت من قبل فترات للانتقال وثورات، والغائب في هذه البلد قضية المواطنة، وقضية المواطنة رُفعت في تاريخ السودان الحديث منذ عام 1924م منذ جمعية اللواء الأبيض، وهذه القضية غائبة ويجب أن يتجه السودان إلى دولة مواطنة توفر العدالة الاجتماعية وتوفر السلام والطعام والمواطنة بلا تمييز، وهذا هو الغائب في هذا المشهد. أنا أخشى على البلد، وأنا لا أخشى إلا الله، لكن أخشى على بلدي..
*ممَ تخشى عليها؟
* أخشى عليها من الابادة الجماعية التي تمت، ومن انفصال الجنوب الذي حدث من قبل، وأخشى عليها من الوضع الإقليمي والدولي المضطرب، وأخشى عليها مما حدث في العراق وفي ليبيا وفي اليمن وفي سوريا، ولذلك أنا أقول إن الطريق الوحيد هو احترام إرادة الشعب السوداني..
*سيناريوهات الاضطراب في العراق وليبيا واليمن وسوريا هل ما زالت ماثلة رغم تجاوز الثورة للمرحلة الخطرة؟
* مازالت ماثلة، والسودان الآن به خمسة جيوش، ويحتاج لجيش واحد. والسودان الآن به أزمة اقتصادية عميقة، وبه ثورة نحتاج أن نستجيب لمطالبها، والسودان الآن يحتاج إلى أن نبني بلداً جديداً ونتجه اتجاهاً جديداً، وهنالك مراكز عديدة الآن تتصارع وإذا لا ترى ذلك أنا أراه بوضوح. ولذلك أنا جئت كي أسهم في كيفية أن نصل إلى اتجاه يرضاه الشعب السوداني أولاً، واتجاه يبني بلادنا على أسس جديدة وينهي الحروب. والسلام هو قضيتي الرئيسية وأنا جئت لأٌبشّر بالسلام مع الآخرين، ولذلك يجب ألا يدور الحوار حولي، يجب أن يدور حول الحركة الشعبية وحول قوى الكفاح المسلح وحول السودان نفسه.
* هل تعتقد بعد ثورة ديسمبر المجيدة أن السلاح لن يرفع مرة أخرى في سماء بلادنا؟
* يجب ألا يرفع، فالثورة فرصة. والثورة رفعت ثلاثة شعارات (حرية، سلام وعدالة).. والسلام ركن من أركان الثورة وهو ركن غائب ويجب أن نأتي به جيمعاً، فأنا جئت لكي أُبشّر بالسلام ولكي أعمل مع كل القوى الفاعلة في المسرح السياسي، وأنا أرى أنه يجب أن يكون هنالك عمل واضح بين مجلس السيادة ومجلس الوزراء والأهم مع الشارع السوداني. فالشارع السوداني لديه مطالب في الحرية والسلام والعدالة ويجب تحقيق هذه المطالب وانهاء الحروب ويجب أن ننتقل إلى مرحلة جديدة وأن نركز على كيفية توفير السلام والطعام والعدالة في هذه البلد.
* يقولون إنه كلما نضجت تجربة اليساري صار أكثر ميلاً للإسلاميين أو للدين.. هل ينطبق عليك ذلك؟
* الدين ليس حكراً على الإسلاميين، والإسلاميون ليسوا أوصياء على الدين. فهذا الدين ورثناه كابرا عن كابر وجدا عن جد ولم نأخذه في عام 1989م من أسد أفريقيا أو غيره. والدين ملك لأجدادنا ولآبائنا، ولذلك نحن نريد أن نحرر الدين نفسه من الوصاية والاستهبال والأكاذيب، والحديث الفارغ وكأننا كنا خارج الدين. فأنا دخلت صفوف اليسار من أجل العدالة الاجتماعية وناضلنا ضد الحكومات ولم نناضل ضد الله مطلقاً، وهذه هي القضية، ومحاولة التعمية ومحاولة اظهار أن هنالك من يدافع عن الدين وهناك من يقف مع الدين غير صحيح. الشعب يريد سلاما ويريد طعاما ويريد مواطنة وهذا ليس له علاقة، فالذين حكموا باسم الدين أساءوا لقيم الدين وهم الذين ألحقوا أكبر ضرر بالدين وهم الذين يجب أن يحاسبوا على الإجرام الذي ارتكبوه..
*البعض استوقفتهم في تصريحاتك الأخيرة نبرتك التصالحية عن الإسلاميين الذين شاركوا في التغيير لذلك جاء ذلك الحديث؟
* هي أكثر من تصالحية، أنا نظرتي مربوطة بالفكر..
*جَلِّ لنا فكرتك في هذه القضية أكثر؟
* أنا قلت إن هنالك فرقاً بين المؤتمر الوطني كحزب فاشي – وأنا أؤيد حله تماماً- وأعتقد أنه حزب مجرم بكل المقاييس، وبين التيار الإسلامي.. فالتيار الإسلامي به تيارات عديدة، وهناك تيارات عملت مراجعة وتيارات مؤمنة بأنه يجب أن تذهب في طريق جديد ويمكن أن تقبل بالديمقراطية وبالمنافسية السياسية، وما حدث في 1989م أضر بالحركة الإسلامية وبالتيارات الإسلامية، وكان لمصلحة أفراد كانوا يستلمون أموالا يتحدثون عنها الآن علناً ونهبوا ثورات البلد، ولذلك التيار الإسلامي نفسه تضرر من هذه المجموعة، والآن ما أقوله إن الفكر لا يمكن القضاء عليه ولا يمكن اجتثاث الفكر، فحتى النازية ومجموعات (الكو كلوكس كلاند) الآن موجودة..
*عفوا.. هل تقصد أن الفكر الإسلامي لا يمكن اجتثاثه؟
* فكرة الإسلام السياسي لا يمكن استئصاله وسيكون موجودا لكن يجب أن يتصالح مع الشعب وليس الشعب أن يتصالح مع الإسلام السياسي، ويجب أن يتصالح مع الديمقراطية وحقوق الإنسان والمواطنة بلا تمييز ومع المحاسبة والقضاء المستقل..
*هل يمكن أن يكون لهم دور في المستقبل؟
* الدور هم الذين يحددونه. والإسلاميون إذا رغبوا في التصالح مع شعبهم فهم الذين يحددون أن يمضوا في طريق الشعب، وما حدث أضر بالحركة الإسلامية وأضر بالسودان. ولذلك ما قلته هو يجب ألا نأخذ الإسلاميين ككتلة صماء، فهنالك إسلاميون راغبون في مستقبل جديد مع كافة القوى السياسية. وقضية الدين والدولة يجب أن تُحسم في المؤتمر الدستوري.. والمؤتمر الدستوري لابد أن يقام لأنه سيجيب على مشروع وطني جديد عبر سؤال واحد حقيقي هو (كيف يُحكم السودان؟) قبل (من يحكم السودان؟) وهذه أفكار قرنق التي تتحدث عن أنها ماتت.
*هل سيعقد المؤتمر الدستوري خلال المرحلة الانتقالية؟
* يمكن أن يتم في نهاية المرحلة الانتقالية بعد أن يتم إصلاح النظام السياسي وإصلاح الحياة السياسية وإصلاح أجهزة الدولة وإنهاء الحروب ويجب أن يقام مؤتمر دستوري؛ وهذه قضية مهمة. والمؤتمر الدستوري يجب أن يأتي بمشروع وطني جديد وللإسلاميين إذا رغبوا أن يشاركوا في هذا المشروع الوطني الجديد. وأنا أقول الإسلاميون الذين أجرموا أو فسدوا ليس لديهم حصانة من أحد وهم سيذهبون للمحاكم مثل غيرهم، أما التيار الإسلامي فلن يذهب وسيكون موجوداً، ولذلك أنا لستُ مع رفع شعار للقضاء على التيار الإسلامي، فالإسلاميون الذين يريدون أن يتصالحوا مع مشروع جديد ويجددون حركتهم، فالسودان كله يحتاج إلى تجديد وهذه يجب أن يناقشها الإسلاميون، الحياة السياسية تحتاج إلى تجديد والدولة تحتاج إلى تجديد، وكل الأفكار المطروحة بما فيها فكرة السودان الجديد تحتاج إلى ميلاد جديد. والاسلاميون عليهم أن يبحثوا عن طريق جديد وميلاد جديد لحركتهم وليس هو طريق البشير، فطريق البشير أوصلهم إلى طريق مسدود وهو بالفعل أوصلهم إلى طريق موصد ومسدود.
*ألا ترى أن رؤيتك هذه بشأن مستقبل الإسلاميين قد تكسبك استياء وسخط بعض الرفاق؟
* الرفاق يستخدمون فكرهم وعقولهم، ولم أرَ أي رفيق في نقاش موضوعي يرى أن الإسلاميين كتلة صماء، معروف إن الإسلاميين لهم تيارات، فأنا لا يمكن أن أضع الأستاذ الشهيد أحمد الخير مع البشير في سلة واحدة، بل هو ضحية لنظام البشير نفسه.
*يبدو أنك لا تضع د. غازي صلاح الدين كذلك في سلة واحدة مع بقية الإسلاميين؟
* غازي صلاح الدين مختلف عن البشير، وأحمد الخير مختلف عن غيره. وغازي صلاح الدين لدينا معه حوارات ونقاشات وأعلم أنه يرغب في التغيير ومنذ وقت مبكر قال ذلك وأنا لا أريد أن أُحاكمه الآن فهو يعرف كيف يتعامل مع الحياة السياسية السودانية لكن دعنا لا نتكلم عن الأشخاص، نريد أن نتكلم عن الفكرة من أساسها.
* إلى أي مدى تعتبر حكومة حمدوك الآن جزءاً من أحلام عرمان؟
* تحدث عن الشعب السوداني، دعك من أحلامي، أنا ليس لدي أحلام قطاع خاص، أنا أحلامي كلها قطاع عام يا شبارقة، وأحلامي مربوطة بأحلام هذا الشعب.
نواصل..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.