ماهي المعوقات التي تواجه رفع السودان من لائحة الإرهاب؟ لا توجد معوقات أمام أمريكا لرفع اسم السودان من لائحة الإرهاب، لأن مستوى الحوار والتبادل المعلوماتي والتنسيق والتعاون الإقليمي والدولي والثنائي وصل أعلى مستوياته وأصبحت كل المحافل الإقليمية والدولية تشهد بتعاون السودان. كما أن السودان من أعلى هرم الرئيس البشير أكدوا على أن السودان يضع التصدي للإرهاب على صدر أولوياته، ولا يدخر جهداً في التعاون لمحاربته، وقد صرفت الحكومة أموالاً على مؤسسات وآليات للتنسيق والتعاون في مجال مكافحة الإرهاب. هل يعني ذلك أن الجولة الثانية من المباحثات مع واشنطن ستكون سهلة؟ نظرياً ليس هناك معوقات فمن الناحية الفنية لا أحد ينكر تعاون السودان في مجال مكافحة الإرهاب، ولكن التناقضات السياسية تطل برأسها، فأمريكا لا تريد أن تزيح كل العقوبات عن السودان، لتحتفظ ببعض كروت الضغط ضد الخرطوم، لذلك باتت في الآونة الأخيرة تتحدث عن أن السودان لا يقوم بواجباته في حماية ضحايا الاتجار بالبشر والهجرة غير الشرعية، وكما يعلم الجميع فإن السودان دولة مفتوحة على العديد من الدول، ويظل معبراً إلى شمال إفريقيا ومنها إلى أوروبا، وهذه الاتهامات غير موضوعية وليست عادلة، وتتعلق بشكل أساسي برغبة أمريكا في وجود كروت ضغط ضد الخرطوم. واشنطن وضعت جملة من الاشتراطات والمطلوبات أمام الخرطوم يجب الإيفاء بها؟ كل الاشتراطات المطلوبة تم التعامل معها بدرجة عالية من الاهتمام، وفتح السودان كل قنوات التواصل السياسية والاقتصادية والفنية للتعاون، وتشهد المنظمات الإقليمية بتعاون السودان وقدحه الأعلى في مجال مكافحة الإرهاب عبر تجربة شاملة وعميقة، باتت الآن متاحة للجميع للاستفادة منها، وقد أسهمت هذه الجهود في ضم السودان قبل أسبوع للمنبر العالمي لمكافحة الإرهاب الذي يضم العديد من الدول من حول العالم وعلى راْسها الولاياتالمتحدة وفرنسا وغيرها، وهذه الخطوة بمثابة شهادة عالمية لدور السودان في مكافحة الإرهاب، وسيظل السودان يشارك بفعالية في هذا المجال من خلال تقديم الدراسات والتوعية المجتمعية والجوانب الفنية، وهنا دعني أشير إلى تجربة فيلم (إيمان) الذي بات مطلوباً من العديد من الدول حول العالم لاستخدامه كوسيلة تعليمية لمحاربة الإرهاب. * ماذا عن قرار المحاكم الأمريكية بإلزام السودان بدفع تعويضات لضحايا المدمرة كول وسفارات نيروبي ودار السلام؟ بعض الأشياء لم تحسم بعد، ولم يثبت أن للسودان علاقة بهذه الأحداث، هناك الكثير من الإشكالات والتناقضات السياسية في هذه القضية، وإن أراد القضاء أن يحسمها على طريقة العدالة الأمريكية فسيتضح للعالم منهج (قانون القوة). كم عدد المطلوبين الذين قام السودان بتسليمهم مؤخراً في قضايا إرهابية؟ لا نستطيع أن نحصي العدد، ولكن بشكل عام السودان متعاون ومنفتح وليس له أبواب مغلقة، وقد قام بتسليم عدد من المطلوبين في قضايا متعلقة بالإرهاب لبلدانهم لتتم محاكمتهم، ولعل الإعلام يذكر تسليم واحد من أشهر المطلوبين إلى تونس، وذات الأمر تكرر مع دول أخرى أبرزها نيجيريا، والسعودية، وإثيوبيا. إيجاد تعريف موحد لمصطلح الاٍرهاب يمثل واحداً من التحديات التي تواجه المنظمات والمؤسسات الناشطة في معالجة الظاهرة؟ إشكالية تعريف الاٍرهاب تمثل واحدة من العقبات الأساسية التي لم تجعل الناس يجتمعوا على كلمة سواء، وبالتالي التعريف مهم جداً، لبناء الاستراتيجيات، والخطط، والقواعد والمرتكزات الأساسية للتعامل مع هذه القضية، وعندما تتعقد مسألة التعريف يتعقد وضع الخطط والاستراتيجيات للتعامل مع هذه القضية، وحتى الآن لا يوجد تعريف جامع متفق عليه على مستوى العالم، نحن في السودان نتعامل مع هذه القضية كمهدد للأمن القومي، وبالتالي يأتي تعريفنا للإرهاب ضمن الظواهر السالبة، وكما قال نائب الرئيس السوداني حسبو محمد عبد الرحمن فالإرهاب ليس له دين أو لون، أينما وقع فإنه يمثل تهديداً ومخاطر تتهدد الشعوب. ماذا عن المنظمات المعنية بمحاربة الإرهاب كلجنة أجهزة الأمن والمخابرات الإفريقية (سيسا) هل تتفق معكم في هذا الفهم؟ على مستوى (سيسا) هناك اتفاق على هذا التعريف الابتدائي، باعتبار الاٍرهاب ظاهرة سالبة تؤثر بصورة مباشرة على الحكومات والدول والشعوب، وبالتالي تؤثر على المقومات الأساسية للتنمية الشاملة خاصة في إفريقيا، ومن الأفضل أن نتفق على المشتركات العامة صحيح أن هناك الكثير من الأشياء الصغيرة التي نختلف حولها في هذا التعريف، وكل من يتفق على كونه إرهابي يتم التعامل معه على هذا الأساس وفقاً لقواعد معروفة تراعي حقوق الإنسان والقرارات الصادرة من مجلس الأمن لمكافحة هذه الظاهرة. * السودان كلاعب إقليمي مهم في التعامل مع هذه الظاهرة لديه تعاون مع أمريكا ودوّل الغرب التي يتصاعد فيها الحديث عما يسمى ب(الاٍرهاب الإسلامي)، وهو ما يتعارض مع تعريف السودان؟ لكل دولة سياسات وأولويات في التعامل مع هذه القضية، بعض الدول تسعى لتصفية أجندات سياسية معينة وبالتالي لا تعير كثير انتباه للتعريفات التي تعقد أو تأجج الصراع مع العديد من بلدان العالم، وبعضها لا يكترث مثل الولاياتالمتحدة سواء كان التعريف يعقد التعامل مع الدول، لا يستطيع شخص أن يحدد لدولة ما تعريف محدد للإرهاب، وصف الاٍرهاب بأنه يأتي من المجتمعات المسلمة وصف غير دقيق وغير منهجي، وبالتالي تأخذ مثل هذه التعريفات صبغة سياسية لخدمة أجندات دول بعينها. لماذا ينحصر الحديث عن الاٍرهاب الصادر من تنظيمات، فيما يتم تجاهل إرهاب الأنظمة سواء ضد شعوبها أو ضد دول أخرى؟ إرهاب الدول موجود في الاستراتيجية الأممية لمكافحة الاٍرهاب، وقد تحدثت العديد من البنود عن إرهاب الدول، وأشاروا للأنظمة غير الديمقراطية والحكم غير الرشيد وغياب حكم القانون، وبالبحث عن جذور عن الجماعات الإرهابية نجد أن غياب الديمقراطية يمثل عاملاً أساسياً، وبغياب الديمقراطية والحكم الرشيد تصبح هناك فوضى سياسية عارمة وظلم على هذه الشعوب قد تدفع العديد من الأشخاص والتنظيمات لحمل السلاح ضد هذه الدولة، مما يخلق ظلامات جديدة وإرهاب دولة. الملاحظة الأساسية أن مخرجات مؤتمر (سيسا) لم يشر لمسألة الديمقراطية والحكم الراشد كركائز أساسية للاستقرار السياسي؟ البيان الختامي تناول الأفكار والخطوط العامة للمؤتمر، ولكن النقاشات الداخلية للمؤتمر من خلال اللجان الفنية تعرضت لهذا الأمر بصورة مستفيضة، وكما تعلم فإن سيسا بمثابة أجهزة فنية تركز على الإطار الفني في التعامل مع القضية في إطار التعاون الإقليمي والقاري والدولي، وليس من ضمن تفويض سيسا الخوض في المسائل ذات الطابع السياسي في مثل هذه المنابر، وتدع المسائل السياسية للمؤسسات المعنية، التي تصدر منها الإشارات بشكل واضح حول أهمية الديمقراطية والحكم الراشد للاستقرار السياسي. ولكن الاتهام الأساسي الذي يوجه للأجهزة الأمنية في دول العالم الثالث بأنها تحرس وتخدم أنظمة ديكتاتورية وتقوم بإرهاب الشعوب وتهديد الدول المجاورة؟ (سيسا) بشكل أساسي تبحث عن الديمقراطية والحكم الرشيد، وقيام (سيسا) هو داعم بشكل أساسي لقيام الأنظمة الديمقراطية وتعزيز أساليب الحكم الراشد، إلى جانب تقديم بعض الأفكار التي تعين السياسيين في اتخاذ القرارات في الاتجاه الذي يضبط مسار الدولة والحكومة. ماذا عن التعاون داخل (سيسا) لتسليم معارضين سياسيين بوصفهم إرهابيين، فعلى سبيل المثال تطالب مصر حول العالم بتسليم قيادات جماعة الإخوان المسلمين؟ (سيسا) ما تزال فتية بسنواتها الأربعة عشرة، وبالتالي ما تزال هناك بعض الإشكالات بين الدول في الإطار السياسي، و(سيسا) تعمل على معالجتها، وعندما تنقطع العلاقات بين الدول تصبح أجهزة المخابرات هي قنوات الاتصال الوحيدة لتبادل المعلومات، باعتبار أن هذه الأجهزة مهنية تراعي المصالح القومية للبلد. ما دور (سيسا) في الحد من الأدوار السالبة التي تقوم بها أجهزة المخابرات في القيام بحروب بالوكالة لخدمة أجنداتها عبر دعم الحركات المتمردة والجماعات الإرهابية؟ إذا تضررت دولة من دولة أخرى يتم التعامل مع الأمر في إطار المعلومات بعد التحقق منها، حتى لا تحدث فتنة بين الدول، وكغيرنا من الدول والمؤسسات لا نستطيع أن نجزم بأنه من خلال أنشطة (سيسا) ستنعدم الإشكالات والمهددات، فوجود (سيسا) يقليل حدة الإشكالات ومحاولة التعامل معها قبل أن تستفحل، لذلك يجب ألا نفترض بانتهاء الإشكالات بين ليلة وضحاها، ونأمل في قيام حكومات ديمقراطية، ووجود حاكمية للاتحاد الإفريقي لمنع الدول بالقانون من التعدي على سيادة الآخرين. بعد الهزائم الأخيرة التي تعرضت لها داعش هل يمكن القول إن خطرها زال عن السودان أمنياً وفكرياً؟ الاتحاد الإفريقي يضع الدول في تصنيفات تتوزع بين دول (متأزمة المخاطر)، و(شديدة المخاطر)، و(دولة تحت المخاطر)، والسودان مصنف ضمن (دول تحت المخاطر)، ولكن هذا لا يقلل من حجم المخاطر، لا سيما أن السودان يجاور العديد من الدول التي تعاني من مخاطر ومشكلات أمنية تكون سبب لنمو التطرف والإرهاب، كما أن السودان في استراتيجيات الجماعات الإرهابية بمثابة دولة معبر وملاذ آمن، محاولين الاستفاد من المناطق النائية البعيدة عن سيطرة الحكومة، وقد تم القبض على العديد منهم بعد محاولتهم لإقامة منصات تدريب لتنفيذ أهداف بعينها عبر الحدود، كما أن هناك سودانيين ما زالوا يقاتلون في تلك التنظيمات حتى الآن. وماذا تحديداً عن تقديرات السودانيين المقاتلين في صفوف داعش بالعراق وسوريا؟ التقديرات ليست دقيقة ولكنها تصل لنحو 260 مقاتلاً يتوزعون بين العراق وسوريا، وليبيا. ما مصير هذه المجموعات بعد أن فقدت داعش سيطرتها على الأراضي الواسعة التي كانت تسيطر عليها؟ سيعودون إلى بلدانهم، ونحن نعد العدة للتعامل معهم أمنياً وفكرياً، وسنركز على الحوار معهم. السودان له مواعين جيدة للتعامل معهم يعد العدة لاستقبالهم بما يليق بإمكاناتهم وأفكارهم وآرائهم. هل تعتقد أن مثل هذا الحوار سيكون مفيداً لتغيير القناعات أم سيلجأون ل(فقه التقية) لتفادي الحبس؟ الحوار لحد كبير يحيد عدداً كبيراً من الأشخاص وفي بعض الأحيان قد لا يعمل هذا الحوار خاصة مع المتشددين منهم، وفي النهاية لو تغير تفكير شخص واحد فهذا نجاح، وبالمناسبة هناك استهداف للسودانيين في الخارج من هذه الجماعات ليتم إرسالهم لتنفيذ مهام في السودان أو في دول أخرى. هل بدأوا في العودة للسودان؟ نعم ولدينا خطة واضحة في التعامل معهم. هل العودة كأفراد أم أسر؟ ليس هناك نماذج لأسر انضمت لداعش بكاملها، ومعظم من التحقوا بها كانوا أفراداً خرجوا دون علم أسرهم. ماذا عن أسرة أبوزيد التي استنجدت برئاسة الجمهورية لحماية أبنائها؟ لا أريد أن أخوض في قضايا الأسر لأنها مسألة حساسة في السودان، ولكن بشكل عام هناك الكثير من الوعي في الأسر السودانية في التعامل مع هذه القضية بالاتصال بالأجهزة المعنية، وهو ما أعاد الكثيرين.