رئيس مجلس تنظيم الإعلام المصري مكرم محمد أحمد ل(السوداني): يمكننا وضع خطوط حمراء لضبط خطاب الإعلام المصري ربما أخطأ إعلامنا حينما خلط بين الشعب والحكومة في السودان حلايب وشلاتين ليست مبرراً لفصل القاهرة عن الخرطوم مؤخراً مارس بعض الإعلاميين المصريين هجوماً على الخرطوم.. فما هي المبررات؟ بسبب عدم منطقية بعض نتائج زيارة اردوغان، مثلا ما قيل عن إعطاء دولة ميناء لدولة أخرى دون تشاور مع الدولة الجارة والصديقة، أو ما قيل من حديث عن قاعدة عسكرية دون تشاور في الأمر. لكن تطوير العلاقات مع الآخرين يعد من صميم الشئون الداخلية والسيادية للخرطوم؟ لا، فالتحكم في البحر الأحمر ليس أمراً يخص السودان بل يهم كل الدول المطلة على البحر الأحمر، هو بحر الجميع طالما يطلّون عليه، وكلنا نحاول تأمينه من أجل تجارة دولية حرة وعادلة، لذا لا يُعد شأناً سودانياً خالصاً، خصوصاً وأن ثمة أعراف وتقاليد دولية، فمصر والسودان ليستا كأي دولتين بل هما دولتين جارتين على مر التاريخ، وعاشت فيهما أجيال تحلم بوحدة وادي النيل. إذاً باعتباركم السلطة المعنية بتنظيم العمل الإعلامي في مصر فأنتم تُقرّون ما قام به الإعلام المصري؟ لا نقره، فربما أخطأ إعلامنا حينما خلط بين شعب السودان وحكومة السودان، لكن هذا الخطأ يمكن غفرانه في غمرة ماحدث . ونعلم أن هناك من يريد أن يسقط الإعلاميين المصريين في فخ إساءة الشعب السوداني وهذا لا يمكن أن يحدث. ولماذا تكون للخرطوم عدائيات تجاه القاهرة؟ بسبب حلايب وشلاتين.. بالرغم من أن حلايب وشلاتين لا تصلحا أن تكونا مبرراً لفصل البلدين، وكان يمكن أن تكون للخرطوم مبررات لو تواطأت مصر على انفصال جنوب السودان على حساب السودان، لكنها كانت آخر دولة تعترف بذلك. كثيرون يرون أن العداء أمر متوهم لدى القاهرة بحكم الاختلاف الآيديولوجي بين النظامين الحاكمين فقط؟ سياسة الأخوان المسلمين هي من يخلق كل ذلك، فالإسلاميون كحزب فليحكموا مرحباً بهم. لكن أن يمارسوا سياسيات لتخريب العلاقات السودانية المصرية، هذا أمر لا يمكن السكوت عليه. حالياً ما الذي أثار الإعلام المصري إزاء زيارة أردوغان؟ أردوغان معلوم بمعارضته لمصر ، ومن المؤكد أيضاً أنه لا يمكن لأحد أن يمنح ميناءً لدولة أخرى دون أن يستشير المصريين، لأن البحر الأحمر كما قلت لك يهم الجميع، بالتالي فالإعلاميون المصريون يرون أن تلك سياسات عدائية تجاه بلادهم. بالمقابل، الإعلاميون السودانيون يرون أن تجاوز القاهرة لاحتجاج الخرطوم حول حلايب وشلاتين سياسات عدائية أيضاً، ومع ذلك لا يوجد من يوجِّه إساءة إلى الحكومة أو الشعب المصري؟ حلايب وشلاتين لا يمكن أن يكونا سبباً لخلاف ومفاصلة بين مصر والسودان بل يجب الجلوس حولها للبحث في الحقائق باستعراض الوثائق. لكن لا يمكن أن يكون ذلك بمثابة عدائيات تجاه السودان، ويكفي أنه سابقاً ظل مبارك ممسكاً بالهاتف لساعات طويلة لإقناع الدول العربية بأن تعترف بحكومة 89. هذه مواقف واضحة لدعم السودان، لذا نحن نتمنى أن تعود العلاقات إلى القمة مع العلم أنها لم تتدهور إلى هذا المستوى من قبل. ألا يمكن لكم وضع خطوط حمراء لضبط خطاب الإعلام المصري تجاه القضايا الحساسة بين البلدين بدلاً عن زيادة الاحتقان وتوتير العلاقات؟ يمكن بالطبع، ويمكن أن نطالبهم بعدم المساس بالشعب السوداني، لأنه شقيق، والخلافات مع الحكومة وليست مع الشعب، بالتالي لهم أن يتحدثوا بمطلق الحرية عن السياسات ولكن لا مساس بالشعب السوداني. ---- الأمين العام لمجلس الصحافة عبد العظيم عوض ل(السوداني): السودان عند بعض المثقفين المصريين جزء من الخديوية خاطبنا الجميع بما في ذلك الرئاسة المصرية بسبب هذا الخطاب الإعلامي ما يحدث لا يُمثّل رأياً رسمياً مصرياً أو خطّاً حكومياً الخطاب الإعلامي السوداني منضبط بطبيعته كيف ترى تصعيد بعض الإعلاميين المصريين على الخرطوم في هذا التوقيت؟ بالنسبة لما يحدث من بعض الأخوة الإعلاميين المصريين، فإنني أعبر عن عميق أسفي للمستوى الذي انحدر إليه بعض إعلاميي القاهرة، وهو ما يسيء لمصر ولشعبها ولثقافتها. خصوصاً وأن الكثير من السودانيين تعلموا في مصر، كما أن للإعلام المصري صلات حميمة مع السودانيين في سياق تبادل الخبرات والتدريب المشترك، الأمر الذي أسهم في استفادة السودان من التجربة الإعلامية والصحفية المصرية. لكنها ليست المرة الأولى الذي يحدث مثل هذا التصعيد؟ نعم ليست المرة الأولى بل في كثير من المرات تمت مخاطبة الجهات المصرية في كل المستويات بما في ذلك الرئاسة بهذا الخطاب الإعلامي المتبنَّى من البعض هناك، لكن تكون هناك وقفة محدودة ومن ثم سرعان ما تستمر هذه الحملات التي تظهر من حين لآخر وتستهدف أي تطور يحدث في علاقات السودان الخارجية أو تطور علاقاته الثنائية مع الدول الشقيقة والصديقة، ما يخلق علامة استفهام كبيرة حيال هذا الموقف المصري المتكرر والشاذ. نحن في السودان نحترم ونقدر الإعلام المصري الجاد والرصين والصحافة المصرية الرصينة التي على مر التاريخ استفدنا منها كثيراً. و حالياً ما يحدث من الإعلام المصري تجده في كثير من عناصر الدولة المصرية سواء كان في المجالات الثقافية أو الاقتصادية أي أن هناك تراجع، ونتمنى أن يعي عقلاء مصر ما يمكن أن يقود إليه ذلك. هل تُعبِّر هذه الحملات عن الخط الرسمي لمصر؟ لا أعتقد أن ذلك يمثل رأياً رسمياً مصرياً أو خطَّاً أو يعبر عن وجهة نظر مصرية، بل ربما يعبر عن بعض المثقفين المصريين الذين ما لا زالوا ينظرون إلى السودان كجزء من المملكة الخديوية المصرية، وبالتأكيد هذا أمر انتهى تماماً، لذا فإن ذلك الخط لا يمثل مصر كلها وإنما البعض فقط. كيف لا يمثل خطاً رسمياً، وهذه الحملات لا تثور إلا في سياق الملفات التي تهم الحكومة كحلايب أو سد النهضة؟ هي بالفعل ترتبط بتلك القضايا لكن أستبعد وجود خط رسمي داعم لها، ومع ذلك لا أستبعد أن هناك خطاً مع سبق الإصرار والترصد لشغل السودان والسودانيين عن تنمية بلادهم واقتصادهم وعلاقاتهم الخارجية، وقضية السودان المركزية في حلايب وشلاتين المحتلة وعمليات التمصير الممنهجة. كما أن التطور الماثل الآن مع الأشقاء خصوصاً في سياق الاتفاقيات الاستراتيجية والدفاعية والأمنية يزعج البعض ويثير قلقهم. ولماذا يغيب رد الفعل السوداني؟ لأن الخطاب الإعلامي السوداني منضبط بطبيعته، والصحافة السودانية على مدار عمرها الذي تجاوز 110 عاماً عُرفت بخطابها المنضبط سواء كان تجاه مصر أو أي جهة أخرى، كما أنه خطاب مستنبط من قيم المجتمع السوداني التي يعلمها الأشقاء، ولا يمكن أن نجاري مثل تلك الخطوط و لا نقوى على ذلك أصلاً. نحن نعرف الإعلام المصري، ونعرف عقلاء الإعلام المصري وكبار المثقفين المصريين يحترمون السودان، وهذه الفقاعات ستزول سريعاً لصالح مصلحة البلدين والشعبين.