فلتوضع كل المسائل على الطاولة ... الدستور، قانون الأحزاب، قانون الأمن الوطني، قانون الإنتخابات، الحريات العامة، قانون الصحافة، محاربة الفساد.... الخ ولتبدأ مناقشات جادة ... على سبيل المثال معظم الديموقراطيات المستقرة الآن تمارس اجهزتها (حق الإعتقال) وربما توسعت الممارسة بعد احداث سبتمبر ... هذا غير وسائل إنتزاع المعلومات التي ترفض أمريكا تسميتها بالتعذيب ... ولكن المعارضة لديها إنتقادات معلنة بأن حكومة المؤتمر الوطني تمارس الإعتقال كأداة سياسية لإعاقة منافسيها وتفكيك الأحزاب والسطو على معلوماتها ... فلتطرح هذه الإتهامات مرفقة بالمقترحات التي تكفل قيام الدولة بواجبها في حماية الأمن دون إساءة ممارسة الواجب ... أما مزايدات المعارضة بإلغاء القوانين المقيدة للحريات وغير ذلك إنما يصلح للمهرجانات الخطابية فقط ... لأنه وبكل بساطة أي قانون مقيد للحريات ... لأنه قانون وليس كتيب إرشادات كشافة. الشرح والزيادة: موضوع حق الإعتقال مجرد عنوان عريض إذ أن السلطات في كل الدنيا تمارس الإستدعاء والتحفظ والمصادرة والحد من الحرية وحظر السفر الخ .. أما (حمى مكافحة الإرهاب) فحدث ولا حرج ..! لا بد من تحرير موضع النزاع (كما يقول الفقهاء) بين الحكومة والقوى الأخرى ... وهو ممارسة الدولة لهذا الحق وليس وجود الحق من عدمه. في نظر المعارضة والقوى السياسية أن الممارسة معيبة ولا علاقة لها بالمهددات الأمنية إنما (المهددات الحزبية) ... المعارضة تقول أن المؤتمر الوطني بوصفه حزبا حاكما يريد إحتكار السلطة ويستخدم قوانين الدولة واجهزتها في تحطيم الأحزاب وتفكيكها وإزهاق أي مقدار من العافية السياسية فيها حتى يردد (من هو البديل)؟! كما أنه يستغل الخلفية العقائدية للدولية ومؤيديها ويصف كل من يعارض (الدولة الإسلامية) بالخائن والعميل والمرتد و.. موضع النزاع إذاً لا يشمل إنكار المعارضة والقوى السياسية لقانون الأمن الوطني وصلاحيات الاجهزة في ممارسته ... ما يقال في (المهرجانات الخطابية) سببه الجوهري هو عدم الثقة في الممارسة الحكومية. مهلا ... هنا لا بد من طرح سؤال ... هل القوى السياسية كلها على هذا الرأي؟ الجواب بالتأكيد (لا!) ... هنالك قوى ترغب في إسقاط النظام ولو كانت ممارسته عشرة على عشرة بل الاحزاب ذاتها قد تختلف التوجهات داخلها فمنهم من يرغب في تحول ديموقراطي آمن ومنهم من يرغب في تغيير جذري إستئصالي أو يساعد من يقوم بذلك. موضع النزاع من جهة المؤتمر الوطني أن هنالك قوى سياسية تقوم بأعمال عسكرية وتغطى عليها بالنشاط السياسي والإعلامي المدني وأن الدولة تتحمل على عاتقها واجبات من ضمنها إخماد أي مخطط للفوضى وإراقة الدماء في طوره (المائي) مهما كانت التكلفة. الحل في وجهة نظري يبدأ من (لجنة الدستور) أو أية لجنة مشتركة من كل الأحزاب وذلك بأن يكون لكل حزب ثلاثة ممثلين أو أكثر ويمنحون حصانة من الإعتقال والحد من الحرية ... بل ومن أي إجراءات جنائية في أية جريمة موجهة ضد الدولة .. ولا بأس أن يصدر هذا وفق تشريع إستثنائي من البرلمان... هذه الحصانة لا يتم رفعها إلا بإجراءات قضائية وطلب مسبب للمحكمة ... او بإلغاء القانون إذا فشلت الصفقة ... وبعد ذلك ليحكم الشعب السوداني على اداء لجنة الدستور ... الحكومة وحلفائها ومعارضيها المتمتعين بالحصانات مهما قالوا ومهما سافروا ومهما فعلوا ..!