تقدم السودان لأول مرة في عام 1994 بطلب الانضمام لعضوية منظمة التجارة العالمية، وذلك بصفة الدولة الأقل نمواً. وبموجب تصنيف الأممالمتحدة، فإن الدول الأقل نمواً تعد أفقردول العالم،حيث تسهم بأقل من 2% من إجمالي الناتج المحلي العالمي وأقل من 1% من التجارة السلعية العالمية. علماً بأن الدول الأعضاء بمنظمة التجارة العالمية تقر بأهمية المعاملة الخاصة للدول الأقل نمواً مع تزويدها بالمساعدات اللازمة لتحقيق أهدافها التنموية. في هذا الصدد، نجد أن اتفاقيات المنظمة تتضمن بنوداً خاصة تهدف إلى زيادة الفرص التجارية بالدول الأقل نمواً، مع مراعاة المرونة الكافية بشأن هذه الدول عند تطبيق أنظمة وقواعد المنظمة. يذكر أن المنظمة، وبالتعاون مع الوكالات الدولية المعنية، وضعت برنامجاً خاصاً يرمي لدعم مشاركة الدول الأقل نمواً في نظام التجارة العالمية. وذلك فضلاً عن القرار الذي سبق إجازته من قبل مجلس المنظمة بخصوص تبسيط وتعجيل إجراءات عملية انضمام الدول الأقل نمواً لعضوية المنظمة. يشار إلى أن منظمة التجارة العالمية، المتعددة الأطراف (التي حلت عام 1995 محل الاتفاقية العامة للتعرفة الجمركية والتجارة (الجات) تنصب جهودها على تنظيم وترقية التجارة على النطاق العالمي، كما أنها تعنى بتطوير انظمة وقواعد التبادل التجاري بين الدول الأعضاء بما يكفل انسياب حركة التجارة العالمية التجارة بأكبر قدر ممكن من السلاسة والحرية واليقين. فضلاً عن ذلك، فإن المنظمة تعد بمثابة المنتدى المختص بشأن التفاوض حول الاتفاقيات التجارية بين الدول الأعضاء. وذلك علاوة على تقديم الدعم الفني اللازم للدول النامية. وبفضل صلاحياتها الواسعة، فإن المنظمة تضطلع بدور ملموس في تنظيم التجارة على المستوى العالمي، وذلك عن طريق تسوية المنازعات التجارية بين الدول الأعضاء، إلى جانب تقديم الدعم الفني اللازم للدول النامية. وبما أن المنظمة تتمتع بالنفوذ والصلاحيات الواسعة، فإنها تلعب دوراً حاسماً في تنظيم التجارة الخارجية، وذلك فضلاً عن بذل الجهود الرامية لإيجاد الأسواق العالمية الأكثر انفتاحاً وشفافية، مع إتاحة الفرص وحشد الموارد بغية تحسين جودة المنتجات الزارعية والصناعية على المستوى الوطني. كما أن عضوية المنظمة تتيح المزيد من فرص الاستيراد والتصدير مع العديد من الشركاء التجاريين الجدد، الأمر الذي يفسح بدوره المجال لتنويع قاعدة الاقتصاد الوطني للدول الأعضاء. وعادة من توجه الانتقادات لمنظمة التجارة العالمية لتجاهلها ما حاق بالدول النامية من خيبة أمل في الاندماج في منظومة التجارة الدولية واقتطاع الحصص المتوقعة في التجارة العالمية. حيث تولد الاعتقاد بان التجارة على الصعيد الدولي تعود في الغالب الأعم بالفوائد والمكتسبات للدول المتقدمة تحديداً. في حال أصبح السودان عضواً بمنظمة التجارة العالمية، فإن ذلك من شأنه أن يؤدي نظرياً إلى المزيد من فرص الاستيراد والتصدير مع أعداد أكبر من الشركاء التجاريين، الأمر الذي سوف يفسح بدوره المجال لتنويع قاعدة الاقتصاد الوطني، خاصة وأن خفض الرسوم الجمركية على الصادرات السودانية حري بأن يتيح المزيد من فرص المنافسة للمصدرين السودانيين في الأسواق العالمية. ومع ذلك-وبحكم الأمر الواقع- فإن زيادة حصة السودان من التجارة الخارجية ستظل رهينة بزيادة الإنتاج والإنتاجية على المستوى المحلي. لا سيما أنه لا يوجد مجال للمنافسة بين المنتجين بالسودان ونظرائهم بالدول الأعضاء بالمنظمة. عموماً، يلاحظ أن قيمة التجارة الخارجية للسودان تتسم بالتواضع وذلك باستثناء عام 2011 الذي حقق فيه السودان فائضاً تجارياً مقداره حوالي 957 مليون دولار أمريكي وذلك بفضل صادرات البترول التي كانت تشكل أكثر من 50% من إجمالي صادرات السودان. وكما هو معروف فقد تعرضت الصادرات السودانية لصدمة كبيرة إثر انفصال جنوب السودان عام 2011. علاوة على ذلك، يلاحظ أن قطاع التجارة الخارجية بالسودان تواجهه العديد من المصاعب، ومن بينها الحواجز الجمركية وغير الجمركية بالرغم من الجهود الملموسة لتحريرالاقتصاد الوطني. وتتمثل أهم العوامل التي تعيق التجارة الخارجية بالسودان في القيود على الواردات والضرائب التمييزية،وذلك فضلا عن حالات التباطؤ في التخليص الجمركي، مع عدم شفافية اللوائح والإجراءات المتبعة . أيضاً يأتي هيكل الصادرات السودانية من ضمن التحديات التي يتعين النظر عليها بعين الاعتبار. حيث نجد أنها تتألف غالبا من السلع الزراعية والمواد الخام والمنتجات الغذائية، وهذا يعني بالضرورة الحد من قدرات السودان للتنويع الفعال لمنتجاته بالأسواق الخارجية. في هذا الصدد، يلاحظ أن العلاقات التاريخية والتوجهات السياسية للحكومات السودانية المتعاقبة تلعب دوراً مهماً في تحديد نمط ووجهة الصادرات السودانية. عموماً، فإن نمو أهم الصادرات السودانية يظل رهيناً بالطلب العالمي . كما أن الهيكل النمطي الحالي للصادرات السودانية يعني ضمناً ضمور الفرص المتاحة لنمو الصادرات السودانية. من ناحية ثانية ، فإن أبرز التحديات الأخرى التي ستواجه السودان في حال انضمامه لمنظمة التجارة العالمية ، تتمثل في الآتي :- إن انضمام السودان لاتفاقيات منظمة التجارة العالمية، دون إعادة هيكل قطاعاته الاقتصادية لمواجهة المنافسة العالمية، من شأنه أن يزيد من مشكلات تلك القطاعات. خاصة أنه لا يوجد مجال للمنافسة بين المنتجين السودانيين ومنتجي الدول الأعضاء بمنظمة التجارة التجارة العالمية ، الأمر الذي يتطلب أن يحصل السودان على فترة انتقالية مناسبة لتأهيل قطاعاته الاقتصادية، وعلى رأسها قطاعات الصناعة والزراعة والخدمات. يعاني السودان من مشكلات كبيرة تتعلق بالفساد في القطاعات الحكومية، حيث يصنف السودان ضمن أكثر 10 دول فساداً في العالم. ويعد قطاع الجمارك من أبرز القطاعات التي تعاني من الفساد، وذلك حسب رصد منظمة التجارة العالمية. وهذا بالضرورة يجعل السودان بلداً غير مرغوب فيه لممارسة التجارة العالمية، وغيرها من أنشطة الخدمات التي تنضوي تحت لواء برامج منظمة التجارة العالمية.