أنه يتيم لا يعرف له لا أب ولا أم، لهذا يتناوشه اللئام بالرسوم والجبايات رغم ما يقدمه لهم من خدمات. أكبر الجهات المستفيدة من الدفع الإلكتروني هي بنك السودان والبنوك التجارية التي فرضت رسوماً باهظة عليه بما سيجعل الناس ينصرفون عنه للتعامل بالأوراق النقدية وهي صورة عفى عليها الزمن وأصبحت لا تُمارس في أغلب دول العالم. في السعودية والامارات كما في مصر والمغرب تتصاعد نسبة الاعتماد على الدفع الالكتروني واستخدام الكريديت كارد، في كينيا وأوغندا وعدد من دول شرق افريقيا يسود التعامل عبر الدفع بالموبايل وتختفي تدريجياً النقود الورقية والمعدنية. إن الممارسة المتبعة بصورة عامة في دول العالم هي عدم تحميل العميل صاحب بطاقة الائتمان Credit Card أو بطاقة الخصم Debit Card أي رسوم إضافية عند استخدامها للشراء في نقاط البيع أو online، ولشركتي VISA و MasterCard وهما أكبر شركتين مقدمتين لخدمات payment cards قانون/لائحة تمنع التجار الذين يستخدمون شبكتيهما من تحميل المشتري أي رسوم مقابل الدفع إلكترونياً وتعرف هذه القاعدة بإسم The No-Surcharge Rule (NSR) وتلزم بها الشركتان عملاءهما الذين يستخدمون شبكتيهما من التجار. ان تحقيق التحول الرقمي وتحقيق الشمول المالي ونشر الدفع الإلكتروني هي مسؤولية الحكومات اولاً وأخيراً، وهي المستفيد الاول منها من ناحية ادخال السيولة للنظام المصرفي، وتحقيق الشمول المالي والاقتصادي، وتشجيع الاستثمار، ومحاربة الفقر، وتحقيق السياسات النقدية. اضافة الي استفادة المصارف من دخول السيولة للمصارف واستخدامها في الاستثمار وزيادة الودائع، كما ان من مسؤولية المصارف تقديم خدمات حديثة و جيدة لعملائها. لهذا من المهم جدا ان تتحمل الدولة مسؤولية تحقيق التحول الرقمي وتحقيق الشمول المالي، من خلال وضع استراتيجية واضحة لتحقيق ذلك وتحمل مسئولية تمويل هذه الاستراتيجية بدلاً من تحميل ذلك للمواطن. والذي سوف ينفر من الدفع الالكتروني. نتمنى ان يستعين البنك المركزي والحكومة بخبراء مؤهلين لوضع استراتيجيات التحول الرقمي، والشمول المالي، حيث تعاني المؤسسات الحكومية من انعدام الكفاءات المؤهلة لقيادة هذا العمل دون مساعدة من خبراء. ولا يكفي الاستعانة بالمنتجات الدولية فقط، بل يجب ايضاً الاستعانة بخبراء يعرفون واقع السودان ونظامه المصرفي ومشاكله جيدا. إن تحميل مسؤولية نشر الدفع الالكتروني للمواطن بالكامل ردة كبيرة، قد تقود الى تدمير ما تم إنجازه في مجال الدفع الالكتروني طوال السنوات السابقة. ايضاً تحميل المسؤولية لشركات القطاع الخاص لن يجدي وسوف يقود لتدمير هذه الجهود ايضاً. لهذا علي الحكومة والبنك المركزي والقطاع المصرفي تحمل مسؤولية قيادة وتمويل التحول الرقمي الي حين انتشار الخدمات ووصولها لمرحلة عدم الحاجة للدعم، وحتى يتم تحقيق الشمول المالي والاقتصادي والاجتماعي، واصلاح الاقتصاد، كما تفعل كل الدول الأخرى. والله الموفق.