تشكل القرارات الاخيرة بتوحيد سعر الصرف خطوةهامة لمعالجة الاختلالات النقدية ضمن حزمة إجراءات لإصلاح نظام الصرف وتوحيده. رغم انه جاء متأخرا ويتماشى هذا القرار مع برنامج صندوق النقد الدولي الذين يدعو دوما لروشتة تحرير اسعار الصرف رغم ان شريحة كبيرة ترى انه قد يتسبب في المدى القصير في ارتفاع الأسعار حيث لايزال المواطنون يعانون من التضخم الذي تجاوز 300 في المائة في يناير الماضي. رغم أن أسعار السوقين بين البنوك والأسواق الموازية اضحت متقاربة يتم تحديد أسعارها المرجعية من قبل البنك المركزي وآليات العرض والطلب كما ان احتفاظ البنك المركزي باحتياطي مالي قوي من العملات الاجنبية يدعم نجاح هذه القرارات ، وبلا شك فان القرار سيلعب دورا هاما في محاصرة المضاربين وتهريب السلع والعملات . ويأمل البنك المركزي من هذه الخطوة تحفيز المنتجين والمصدرين والقطاع الخاص… واستقطاب تدفقات الاستثمار الأجنبي وتطبيع العلاقات مع مؤسسات التمويل الإقليمية والدولية والدول الصديقة بما يضمن استقطاب تدفقات المنح والقروض من هذه الجهات والمساعدة في إعفاء ديون السودان الخارجية المقدرة حاليا بنحو 72 مليار دولار والاستفادة من مبادرة الدول الفقيرة المثقلة بالديون" وتشير المؤشرات بان التحويلات عبر البنوك قفزت الى نحو مليون دولار وتتراوح بين 500 الف 600 ألف يوميا، ومن بشائر القرار نجاح اول تجربة تحويلات بين بنك سوداني وبنك في واشنطن حسب تصريحات لسفيرنا في واشنطن. ويتجه السودان في ظل القرارات الجديدة الى تطبيق نظام مصرفي مزدوج من خلال استمرار النظام الإسلامي الذي تعمل به البنوك وشركات التأمين منذ عام 1984 مع إعطاء البنوك الحرية في أن تعمل بنظام غير إسلامي. وقال زين العابدين محافظ البنك المركزي إن "النظام المصرفي المزدوج… سيفتح الباب أمام البنوك الأجنبية لتعمل في السودان".وهذه الخطوة هامة لانها تستقطب المزيد من الاستثمارات ورؤوس الاموال ومما لا شك فيه فان التحديثات الجارية حاليا في قانون تشجيع الاستثمار سيساهم ايضا في تحسين مناخ الاستثمار ويبقى التحدي الاكبر في الآليات التنفيذية على الارض من خلال تأسيس نوافذ موحدة لتسهيل التعاملات ومحاربة جيوش السماسرة والطفيليين. وفي تقديري لنجاح هذه السياسات يجب منح المزيد من المحفزات للمغتربين بما يشجعهم على تحويل مدخراتهم عبر البنوك مثل الإعفاءات الجمركية للمركبات والاثاث ومنح السكن والاراضي وادوات الانتاج الصغيرة والمتوسطة.. الخ ويمكن الاستفادة من تجارب الدول العربية والدول الآسيوية في كيفية التعامل مع المغتربين وتتحدد هذه الإعفاءات وفقا لحجم التحويلات وستساهم هذه القرارت في تمكين الشركات الاجنبية والمستثمرين من تحويل ارباح الأعمال بسهولة وكانت عمليات التحويل معضلة كبيرة تواجه الشركات التي كانت تلجأ لشراء الدولار من السوق الأسود مما يرفع من التكاليف التشغيلية والإنتاج والأرباح. وكشف البنك الدولي أن الهند تصدرت هذا العام قائمة البلدان التي تلقت تحويلات مالية كبيرة من أفراد جالياتها بالخارج, حيث بلغ إجمالي هذه التحويلات 58 مليار دولار. وأوضحت بيانات البنك الدولي أن إجمالي التدفقات المالية التي حصلت عليها البلدان النامية هذا العام من مغتربيها بلغ 351 مليار دولار من أصل التحويلات المالية الإجمالية المقدرة بمبلغ 406 مليارات دولار وهو ما يمثل زيادة بنسبة %8. وأضافت البيانات أنه لأول مرة منذ الأزمة المالية العالمية تشهد التحويلات المالية إلى جميع المناطق الست النامية ارتفاعا ملحوظا هذه السنة. متوقعا أن ترتفع إلى 441 مليار دولار في غضون ثلاث سنوات قادمة. وتأتي الصين في المرتبة الثانية بعد الهند بمبلغ 57 مليار دولار تليها المكسيك 24 مليار دولار والفلبين بمبلغ (23 مليار دولار) ثم باكستان وبنغلاديش 12 مليار دولار لكل منهما ونيجيريا 11 مليار دولار ومصر ولبنان 8 مليارات دولار لكل منهما. وأشار البنك الدولي إلى أن ارتفاع أسعار النفط ساعد على خلق أرضية صلبة للتحويلات المالية من بلدان مجلس التعاون الخليجي إلى بلدان جنوب وشرق آسيا ومن روسيا نحو بلدان آسيا الوسطى. متوقعا أن تنمو هذه التدفقات بنسبة %7.3 العام المقبل. ويذكر أن انخفاض قيمة العملات المحلية لبعض البلدان المصدرة للهجرة كالهند وبنغلاديش والمكسيك خلق حوافز إضافية للمغتربين لتحويل أموالهم إلى بلدانهم الأصلية. مدير تحرير جريدة لوسيل عضو اللجنة الاقتصادية قطر