(شفناهو شفناهو) حاول يخفي نفسو وهل يخفي القمر في سماهو تعتبر من اجمل اغاني الحقيبة التي كتبها شاعرنا الكبير سيد عبد العزيز ، وتعتبر حاول يخفي نفسو من الاغاني القليلة التي كتبت بطريقة السجال او المبادلة بين شاعرين كان يكتب احدهم بيتا ويكتب الآخر بيتا يرد عليه في نفس القافية والجرس الموسيقي الذي اسست عليه القصيدة ،وقد تستمر المساجلة الى ما يقارب الثلاثين بيتا وهل يخفى القمر قاربت الثلاثين بيتا موزعة على شخصين خرجت كاروع ما يكون الاخراج الشعري بين شاعرين محترفين متقاربين في الشحنة النفسية والمعنوية والابداعية متاثرين بحدث واحد استطاع ان يوحد مشارعرهما تجاهه اكثر من ان يباعدها ، ومن جماليات المساجلات انها تترك الطرفين في حالة شحن معنوي عالٍ محاولين استغلال لحظة الالهام الحسي والمعنوي لاستخراج أفضل ما لديهما، وقد تاخذ المساجلة اوالمطارحة تنفسا قويا لاستعراض المهارات الشعرية والثقافية مما ينتج عن ذلك لوحة إبداعية متناهة الألق والإبداع . شرارة الإبداع أصل الحكاية في تلك الاغنية ترجع الى ان الشاعر سيد عبد العزيز في منتصف اربعينيات القرن الماضي كان مارا بشوارع حى المسالمة بإمدرمان في أحد العصريات برفقة احد اصدقائه الشعراء آن تلك اللحظة و فجأة ظهرت إحدى حسان حي المسالمة وفتحت باب الشارع وهي بملابس المنزل الخاصة تريد ان تلقي شيئا خارج المنزل ، ومع ظهورها مباشرة خارج الباب لمحها سيد عبد العزيز وصديقه إلا ان الحسناء عندما رأت ان هذين الشابين لمحاها حاولت ان تخفي نفسها بسرعة واستدارت داخل الدار بصورة فيها خفة ورشاقة عالية ولكنهما قالا ان الفتاة التي ظهرت لهما فجأة بوجه كالقمر عندما استدارت وحاولت تركض للداخل ابرزت محاسن ومفاتن من خلفها كانت اكثر جمالا واثارة عندما كانت مطلة بوجهها لذلك قال ابو السيد عندما غيرت البنت اتجاهها للداخل ( حاول يخفي نفسو وغير اتجاهو – سطع النور في أفقو وكل إنسان رآهو ) وبالرغم من ان الفترة الزمنية التي شاهد فيها ابوالسيد الفتاة مع صديقه كانت فترة وجيزة للحد البعيد إلا انه عندما ملأ عينيه وداوخله قال (مرة إذا نظرتو ونظرو اليك رناهو – قلبك ينشرح لو وترتاح لي لقاهو – دون تشعر تحبو وتلهج في ثناهو) لمحة غزل رقة الفتاة وحياؤها الجم وخجلها الشديد منح ابو السيد وصديقه مزيدا من الشجاعة والجراءة على ان ينظما فيها تلك الابيات ، خصوصا عندما ابتدر ابو السيد القصيدة وهو يسأل صديقه قائلا (شفناهو شفناهو هل يخفي القمر في سماهو) ليرد صديقه في شطر البيت قائلا (ابدا وطبعا لا) وهكذا استمرت القصيدة سجالا بينهما ، الفتاة حاولت بكل رقتها وحياؤها وخجلها ان تخفى نفسها وهي لا تعلم ان الحياء ما كان في شيء إلا زانه واكسبه ألقاً وبريقاً ويقيني ان الفتاة اذا كانت تتميز بشيء من الجراءة و(قوة العين) لما كانت الهمت هذين الشاعرين على ان يكتبا درة من درر الحقيبة في لمح البصر، ابو السيد يمتلك ناصية الوصف والتجسيد عندما يصف الفتاة لدرجة انك يمكن ان تشاهد تلك الحسناء مشاهدة العين من خلال وصفه وتقريبه الحسي الدقيق في ابياته كأن يصفها ويقول (جذاب حسنو رايع لادن خلقو مايع – رقص البان مشيهو تحب تنظر وشيهو – عيونك تختشيهو من قوة ضياهو ومن شدة حياهو) ويُقرب اليك الصورة الفتوغرافية الحسية لمزيد من الوصف و التجسيد ويقول (مفرح وشوفتو تفرح بِتلقّاكَ باسم- كالزهر المنسق في زمن المواسم – تشوف في مقلتيهو حياة دلالو وتيهو – والّلحظ البِجرِح والوجد المُبرح – أنا من دون أصرِّح قلبي اصطفاهو – وهسه هناك معاهو) ضف الى ذلك ان حفظ القرآن الكريم والثقافة التجويدية لمعاني المصحف الشريف انعكست جليا في مفردات ابوالسيد وذلك عندما استخدم عبارة (او ماملكت يداهو) تلك العبارة القرآنية الصرفة وقال(يلالي والكواكب تتناثر حداهو – فيه الحسن أودع ما ملكت يداهو .