مقال السيسي للمبعوث الأمريكي (سد النهضة قضية وجودية لمصر) ، ثم قبلها خط أحمر حدده السيسي بشأن الأمن المصري المائي ، سبقته تصريحات تؤكد على يد طولى لمصروهو قول مبطن على قدرة مصر لضرب سد النهضة من قاعدة مصرية انطلاقاً من دولة جنوب السودان، تصريح ترجم ما رشح من نية سلفه الرئيس الاخوانجي مرسي لشن حرب علي إثيوبيا لإرغامها على التوقف عن أطماع بناء سد النهضة. ثم في الجانب الآخر تسد إثيوبيا أذنيها وقراً وتسكت صمماً عن الاستماع أو الرد علي المعاهدات الدولية بشأن استخدامات مياه الأنهار، في عرفها أن سد النهضة لإثيوبيا هو كما السد العالي لمصر، منه يتحقق إنتاج الكهرباء لإنارة الريف الإثيوبي وإخراجه من دائرة البؤس والفقر كما فعلت وأضاءت كهرباء السد العالي الريف المصري من قبل. بين تلويح مصر بالقوة ووضع السيسي لخطوط حمراء ، وتجاهل إثيوبيا لفقه وأدبيات التفاوض التي تمنح الكسب لأطراف التفاوض والكل يربح، البضاعة التي يطرحها المفاوض المصري هي عدم التفريط في نقطة ماء من حقوق مصر التاريخية ثم نقطة تقفل الحوار الجملة الوحيدة، وفي الطرف المقابل تخلو جعبة المفاوض الإثيوبي عن جزرة يطرحها على أطراف التفاوض . عقلية تفاوض ما زالت ترزح عند أساليب الحقبة الاستعمارية، تغيب لغة التعاون في الحصول على ذهب بني شنقول وتشد الحملات العسكرية تتحرك من العمق المصري للحصول على الذهب عنوة وبيد طويلة تتحرك ليس من على ظهور الخيل والجمال كما في السابق بل ترسل نيران الحرق والدمار تحملها صواريخ تتحرك من أراضي غير مصرية. العقل والرشد في الحكم لا يقتصر تطبيقه على شعب الداخل المصري أو الإثيوبي، الوصول إلى قواسم مشتركة مع دول الجوار الإفريقي تحديداً يضمن استقرار الأمن الداخلي لدولة مثل إثيوبيا لا تملك القدرة على بناء جدار يفصل حدودها البرية أو منظومة صواريخ وأقمار صناعية تحمي أجواء إثيوبيا عموماً وجسم سد النهضة على وجه التحديد، تكون الغلبة لترجيح الاتفاق على معادلة تتوازن فيها زوايا المثلث بأضلاعه إثيوبيا – السودان ومصر. المشروعات المشتركة لا تقف عند مثلث إثيوبيا والسودان ومصر بل تتطلب الحكمة التنادي مع كينيا وأوغندا وتنزانيا، مصر هبة النيل قول مصري يمكن أن يرد عليه بأن إثيوبيا أم النيل ويوغندا ليست أما غريبة على النيل الذي يوسمه السيسي بخط أحمر ويمد لحمايته يداً طولى تتحرك من ذات العمق الإفريقي الزنجي. مهمة المفاوض السوداني ليست مستحيلة ولكنها تحتاج إلى الوقوف على مساحة واحدة عند ملتقى النيلين الأزرق والأبيض والنظر إلى البلاد التي سار عبرها ضرعي النيل والتقيا عند توتي، خص العلي الحكيم الخرطوم بهذا الملتقى لنتدبر ونعيد النظر في دورنا الذي يجب أن نلعبه لتقديم حكمة أهل السودان عند مجمع البحرين حيث غاب الحوت من على المكتلين المصري والإثيوبي.