وطبقا لبيان صادر عن الرئاسة فإن المجلس أكد أهمية جمع الصف الوطني وتحقيق السلام وضرورة الاحتكام لصوت العقل، لتجنيب البلاد الانزلاق نحو الفتن. واطلع المجلس على تقارير مفصلة حول الوضع السياسي والأمني الراهن، واتخذ جملة من التدابير التي من شأنها تعزيز السلام والاستقرار بالبلاد. وأكد المجلس أن المحتجين يمثلون شريحة من شرائح المجتمع التي يجب الاستماع إلى رؤيتها ومطالبها، مشيراً إلى حرص الحكومة على الاستمرار في الحوار مع جميع الفئات بما يحقق التراضي الوطني. مخرجات اجتماع الرئاسة وتركيزها على الحوار لم تكن المرة الأولى التي تشير الرئاسة إلى أهميتها. التعامل عن طريق الحوار الرئيس البشير أكد في اجتماع له مع لجنة الحوار الوطني، أن التعامل مع الوضع الراهن يكون فقط عن طريق الحوار باعتباره المدخل الصحيح للاستقرار. يومها ركز الرئيس على انطلاق حوار موسع يستهدف الشباب وحملة السلاح وجميع الأطراف التي لم تشارك في الحوار الوطني السابق، أضاف أن ذلك يأتي لاقتناعه بأن الحوار هو الوسيلة الوحيدة التي تؤدي إلى خيارات ترضي وتحقق إجماع السودانيين، مشيرا إلى أن هدفه إحداث تحول في الواقع السياسي لتحكمه معايير الشفافية والعدالة وإتاحة الفرص المتساوية لكل الناس والحريات العامة وتحمل المسؤوليات تجاه قضايا الوطن، وجمع الشمل الوطني وتهيئة الساحة ليكون الحوار هو الطريق الواضح إلى حل القضايا عبر حزمة من الإجراءات المطروحة. وجدد البشير التأكيد أن الوسيلة الوحيدة للوصول إلى الحكم هي الانتخابات، وأضاف: (البداية تكون بقانون الانتخابات على الرغم من أن البرلمان أجازه، لكن هذه ليست خاتمة المطاف، ولا مانع من النقاش المستفيض حوله). وأكد أن (الحكومة لن تغلق الباب أمام الراغبين في الحوار). ويذهب محللون إلى أن اهتمام الرئاسة بالحوار يتسق مع حرص الرئيس البشير على إنفاذ مخرجات الحوار الوطني ومواصلته في مسيرة تحقيق السلام. مشاريع سابقة الرئيس البشير رغم أنه كان الاسبق في طرح فكرة الحوار الوطني، بيد أن تطور الاحداث وتصدر الاحتجاجات المشهد منذ 19 ديسمبر 2018م، وطرح في وقت سابق مدير جهاز الأمن الفريق صلاح قوش مبادرته إطلاق سراح (186) معتقلا من الذين تم اعتقالهم في وقت سابق الاحتجاحات الأخيرة، وطبقاً لتقارير إعلامية فإن قوش أجرى حواراً مع الشباب المعتقلين قبيل إطلاق سراحهم بمقر اعتقالهم، توصلوا من خلاله لتفاهمات حول الأسباب التي دعت الشباب للتظاهر. وأفضى الاجتماع لتكوين لجنة من الشباب المعتقلين لبحث القضايا التي دعت للتظاهر والسعي لحلها عبر النقاش والحوار. مبادرة قوش تزامنت وقتها مع مبادرة رئيس الوزراء معتز موسى لدى مخاطبته ختام مؤتمرات البناء التنظيمي القاعدي لشعب الأساس للحزب بمحلية الخرطوم، مطالباً بمبادرة حوار وطني شامل بين كل مكوناته السياسية تحت رعاية رئيس الجمهورية، وأن يكون الحوار لإشاعة قيم المودة والتآلف والتراحم وقبول الآخر بين الجميع من أجل الوطن، وأن يكون شعاره "يبقى السودان". أهمية الفكرة القيادي بالمؤتمر الوطني حسب الله صالح يذهب في حديث سابق ل(السوداني)، إلى أن منهج الحوار منهج علمي يتم التوافق حوله من جميع اهل السودان منذ ثلاث سنوات، موضحاً أن الحوار الوطني السابق تمت فيه مناقشة كل قضايا البلاد والتوافق حولها وخلص إلى مخرجات، مشيراً إلى أن البلاد تتعرض لأزمات وحصار اقتصادي منذ 21 عاما، الأمر الذي نتج عنه احتجاجات، مضيفاً أنها بدأت مطلبية تتعلق بالوضع الاقتصادي ولذلك الحكومة تبذل الجهود لإرساء قيم الحوار مع جميع أهل السودان والمنظمات والمجتمع الدولي لتحقيق الاستقرار. وأكد صالح أن نهج الحوار متجذر وأفضى إلى نتائج مرتبة، قاطعا بمواصلة الحكومة فيه للوصول إلى حلول مرضية للشباب، وأضاف: الحكومة تعمل في ظروف معقدة من خلال الحصار والوضع الاقتصادي، مؤكداً أن أي خطوط تلاقي بين كل الجهات يفضي لوضع أفضل للبلاد، بالتالي فإن الخط موحد في الدعوة للحوار (الحوار بس). وشدد صالح على أن الحوار يستطيع حل كل الأزمات (ما طق حنك)، منوهاً إلى أن كل القضايا الاقتصادية تمضي في ترتيب للمعالجة، مشيراً إلى أن تعدد المطالب للحوار تؤكد وحده الخط السياسي وانسجام قيادات البلاد، نافيا أن تكون دعوة قوش تتضارب مع مبادرة معتز، موضحاً أن الأمر لن يحدث تضارب بل يؤكد أن الرؤية واضحة والتنسيق عالي المستوى. (بندول ومسكن): الحوار الوطني الذي انطلق في يناير من العام 2014م، عقب تظاهرات انطلقت بالبلاد في سبتمبر من العام 2013م، الذي قاطعته عدد من الأحزاب المعارضة منها حزب الأمة القومي بقيادة الصادق المهدي، واختتم في العاشر من اكتوبر عام 2016م، وأفضى إلى (994) توصية، الضعف في تنفيذ مخرجات الحوار الأول، من شأنه أن يكون خصماً على أي مشاريع أخرى للحوار. ويذهب عضو آلية الحوار الوطني الحركة الشعبية الديمقراطية عبد العزيز دفع الله في حديث سابق ل(السوداني) إلى أن الشباب جزء وقطاع مهم ومحايد عبر عن حاجاته بطريقته، موضحاً أن أي حديث لحوار اخر هو محاولة ترقيع لبعض الأشياء، لأن أجندة الحوار الوطني شملت كل الفئات، مشيراً إلى الأزمة تكمن في ضيق آلية التنفيذ وأن المسؤولية تقع على المؤتمر الوطني وحلفائه، قائلاً: "ليس هناك حوار غير حل المشكلة". وأوضح عبد العزيز أن الحكومة إذا كانت جادة في إجراء حوار عليها إعادة الاعتبار للحوار الوطني وإكماله بالحوار الدستوري ووضع الأولويات الحالية لاستكمال قضايا الحريات والسلام ومشاركة الآخرين، فضلاً عن التصدي للأزمة الحالية وما ترتب عليها وكذلك تهيئة المناخ للحوار، وأضاف: أي حديث آخر يمكن أن يكون بندولا أو مسكنا وليس له أي قيمة وأن الحوار الوطني فيه آخر فرصة لتوحيد البلاد، موضحاً أن المطالب في الشارع موجودة في الحوار الوطني لكن الهزيمة كانت في الآليات وضيق الأفق مما دفع البلاد للأزمة الحالية، مؤكداً على أن الحفاظ على الحوار الوطني أن يعطي اعتبارا للدولة السودانية. مع من نتحاور؟ معظم مؤسسات الدولة وحتى رئاسة الجمهورية تطالب وتدعو للحوار لإيجاد حلول للأزمة الحالية التي نتج عنها احتجاجات. الدعوة للحوار ربما تعد خصماً على الحوار الوطني وربما تخترق جدار الأزمة الحالية، وأيضاً ربما تحدث تضارب وتصبح بلا جدوى. ويرى النائب البرلماني المهندس الطيب مصطفى في حديث سابق ل(السوداني) مع من ستجري الحكومة الحوار؟ من يمثل هؤلاء الشباب أم الذين سطوا على الحراك من القوى السياسية من اليسار العريض؟ موضحاً أن الأمر قد يكون له تأثير. وأشار مصطفى إلى أن الشباب لم يفوض شخصيات ولم يشكل تنظيما يعبر عنه وإذا أرادت الحكومة التحاور مع من تتحاور ومع أي مجموعة، مضيفاً أن الشباب في الشارع ليس مسيسا وليس له تنظيم للتفاوض معه، منوهاً إلى أن الحوار إذا كان مع قوى سياسية فهذا أمر آخر. وأضاف: لا جدوى من الحوار ما لم ينظم مع جهات مثلاً نقابة الأطباء التي تتبع للحزب الشيوعي، منوها إلى أن الحوار إذا كان مع تجمع المهنيين يجب أن تصرح الحكومة بذلك ولا تقول الشباب، لأن التنظيمات السياسية المنظمة التي تدير الشباب هم المهنيون التابعون للشيوعيون. منوهاً إلى الحكومة لها الحق في التفاوض مع أي جهة أخرى في إطار مخرجات الحوار الوطني ولا تتعارض معها لأن الذين وضعوا مخرجاته سيتعرضون لأي تعديلات تجري وراء ظهورهم. أسباب الاحتجاجات وقد اندلعت الشرارة الأولى للاحتجاجات بخروج الطلاب بعدة مدن في أواخر العام الماضي على خلفية تفاقم الأزمة الاقتصادية بوصول سعر الرغيف من جنيه واحد إلى ثلاثة بالإضافة إلى ندرة دقيق الخبز وارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية وكذلك أزمة السيولة النقدية، إذ حدّت المصارف من السحب النقدي، مبررة الحكومة ذلك بعجزها عن توفير السيولة النقدية فضلا عن أزمة الوقود.