ليس في الصباح أو في الليل فقط.... ولكنني لا أستيقظ في ساعة من ليل إلا واستخدم (قوقل نيوز) ليعينني على التقاط آخر الأخبار المنشورة في أي موقع باللغة الإنجليزية عن السودان وهذا يمنحني المتابعة على رأس الدقيقة وليس الساعة كما أنه يمنحني مؤشراً آخر وهو أن صمود الخبر أعلى الصفحة بالرغم من ظهور أخبار أخرى يعني أن العالم كله يقرأ في هذا الخبر طيلة فترة الصمود أكثر من كل الأخبار... أيضا ظهور الخبر مقتبساً في مواقع أخرى أو بلغات أخرى يعني أنه صار (المصدر الأوحد!)... وغير ذلك من الملاحظات المهمة التي تعين على تقييم الخبر وآثاره المتوقعة بطريقة إحصائية...! خبر مركز السلام للقلب في الخرطوم وقصة الجراح الإيطالي (جينو سترادا) تجاوز كل هذه المعايير بنجاح باهر وجعلني أغرق في تفاصيل الموضوع على مدى ساعات... وتتخلص القصة في أن فيلم القلب المفتوح (أوبن هارت) هو ضمن خمسة أفلام مرشحة لنيل الأوسكار عن فئة الأفلام الوثائقية القصيرة. وفي الفيلم أن حكومة السودان هي الجهة الوحيدة التي تدعم المستشفى جنباً إلى جنب مع منظمة (إيميرجنسي) الإيطالية وهو المستشفى الوحيد الذي يقدم خدماته مجاناً للسودان وكل دول الجوار الإفريقي... حيث يبدأ الفيلم بقصة ثمانية أطفال روانديين قدموا للسودان للعلاج في المستشفى. احترت في السودان... هذا البلد الذي تتبارى أجهزة الإعلام الدولية في إظهاره أكثر البلدان رعباً ودموية بينما هو (طب القلوب) و (شفاء الأجسام)... احترت كيف ينصف السودان الطبيب الخواجة ويثمن دعم حكومته لمستشفاه رغم الضائقة وتدني سعر الصرف ويشهد لصالحها ليقتحم هذا الفيلم منصة الأوسكار في الدوري النهائي.... حتى لو لم يفز فإن وجوده ضمن خمسة سيمنح الفيلم صفة الدولية..! نسخت الأخبار حتى استخلص منها عموداً وأغمضت جفني ليتصل بي في وقت متأخر من الليل الدكتور عبدالباقي الجيلاني أحد أصدقاء المستشفى ليعرض عليّ زيارته في المنزل ليهديني (سي دي) فيه الفيلم... وأول ما طلع الصباح كنت على بابه وبعد لحظات كنت أشاهد الفيلم في بيتي... وفيه زيارة الرئيس عمر البشير للمستشفى ومعه د. المتعافي ود. أحمد بلال... ومدير مركز القلب... والبشير يتعهد باستمرار التزامات السودان رغم الضائقة الاقتصادية... ويقترح نظاماً من العلاج التكافلي مثل النماذج الموجودة في المستشفيات السودانية حيث تدعم عوائد القسم الخاص نفقات القسم العام... جينو يشكر ونفسه تأبى ذلك.. يقترح البشير تشييد مستشفى آخر دون المساس بالأول (ويشيل ويخت!) في المقترحات... يطرق جينو ويشكر الحكومة ويعلق في نهاية الفيلم أنه يرغب في دعم عالمي لاستمرار المجانية لصالح كل أفريقيا... وينقل المسؤولية للعالم كله. حقيقة من يشاهد الفيلم يحترم السودان ورئيسه... وتتضح الصورة أمامه أن السودان بمقدوره إنقاذ الكثير من الدول الإفريقية وأن فيه دولة تحترم التزاماتها الإنسانية بالرغم من الضائقة التي تمر بها... وأن الرئيس رجل عادي ومتواضع وبشوش ويتقدم بمقترحات وحلول لإنقاذ أي موقف ويقبل المناقشة والتعديل وينصرف ليترك للآخرين فرصة التفكير والاجتهاد (تم تحديد موعد لاحق بعد الاجتماع الأول!)... وتجدر الملاحظة أن لا البشير ولا وفده المرافق سجل الزيارة وفي ذهنهم قصة الفيلم ولا الأوسكار... مجرد التزام رسمي وإنساني وقبل كل شيء (سوداني)...! تحية للرئيس البشير وتحية لدكتور جينو... وتحية للشعب السوداني... ولا يفوتني هنا أن أتمنى أن يمثل (إعلامنا) لعملية قلب مفتوح..!