منذ أن صنفت الولاياتالمتحدةالأمريكية السودان ضمن الدول الراعية للإرهاب وبموجب ذلك فرضت عقوبات اقتصادية عليه فى كافة المجالات فى أواخر تسعينات القرن الماضي واستمرت الى يومنا هذا رغم حدوث متغيرات وتحولات إقليمية ودولية بل إن علاقة السودان وأمريكا هي الأخرى شهدت محطات عديدة لاسيما التعاون فى ملف الإرهاب لكن رغم ذلك ظلت العقوبات ثابتة وتجدد بشكل سنوي، وفى إطار ذلك نظم جهاز المغتربين ورشة عمل تحت عنوان (العلاقات السودانية الامريكية بين عقدة المقاطعة وعقيدة المصالح). التسوية والإنهاء فى مبتدر حديثه فى افتتاحية الورشة طالب رئيس جهاز المغتربين د.كرار التهامي بضرورة وجود تسوية واستثناءات لتخفيف حدة المقاطعة الأمريكية للسودان وتقديم وجه السودان المتسامح والمشرق فى علاقاته ويبرهن التهامي على وجود جوانب عديدة من النقاط يمكن عبرها تلمس المقاطعة الأمريكية وتحقيق تسوية مستشهدا بعدم مقاطعة الولاياتالمتحدة للصمغ العربي، مقراً بتأثير المقاطعة على أوجه الحياة لاسيما الشلل فى المرافق الصحية والطبية بل امتد أثرها الى شمول حتى التفاصيل الصغيرة كالموبايل والانترنت ومنع علماء البلاد من المشاركة العلمية فى السودان، داعيا لضرورة طرق الباب بقوة لإنهاء المقاطعة والاستفادة من المزايا والثروات التى يسيل لها لعاب الولاياتالمتحدة، لافتا الى أنها لديها قدرة قابضة لتطبيق المقاطعة الشاملة، وبالغوص فى حديث الرجل يتضح أن العقوبات الامريكية أحدثت أثرا فعالا فى البلاد خاصة بعد أن برز فى الفترة الأخيرة صعوبة او عدم الحصول على المنتجات ذات المنشأ الأمريكي، الأمر الذي انعكس سلباً على المرافق الحيوية والاستراتيجية لجهة أن الولاياتالمتحدة تعد رقما أساسياً فى الملعب الدولي لا يمكن تجاوزه، ودولة ذات ثقل اقتصادي وعسكري وتقنية عالية، وقد كشف التهامي عن تعطل جهاز ضخم بأحد المستشفيات الكبرى بسبب أن (السوفت وير) للجهاز أمريكي وربما على ذات نسق "الباسورد الذى اكتنف افتتاح مصنع سكر النيل الأبيض" فى العام الماضي. لوبي سوداني وفى ذات السياق دعا النائب البرلماني، الخبير الاقتصادي د. بابكر محمد توم الى ضرورة وجود لوبي سوداني للحصول على استثناءات للمقاطعة خاصة أنها عقوبات تغوص فى الظلم وتفتقد للجانب الإنساني ويبدو أن توم يعول كثيراً على الدبلوماسية الشعبية فى مواجهة العقوبات الرسمية حيث دعا الى تكثيف نشاط منظمات المجتمع المدني السوداني والمغتربين السودانيين لإنهاء المقاطعة، مشيراً الى إيران التى استطاعت رغم العداء الكبير بينها والولاياتالمتحدة الى الحصول على أكثر من 400 استثناء مقارنة بالسودان الذى لم يحصل سوى على 4 استثناءات فقط، وأقر توم بتأخر البلاد كثيرا فى إبعاد شبهة الإرهاب عنه منذ أن وضعت أمريكا المقاطعة فى عام 1992 م ومنعت حتى المؤسسات التى يمثل السودان عضوا فيها مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، منوهاً الى انعدام وجود جهود متصلة لإخراج السودان من القائمة مما أدى لإحجام دول كثيرة عن الاستثمار فى السودان حتى من الدول القريبة له فضلا عن وقف المنح والقروض، ووصف توم المقاطعة بالمخالفة الصريحة لحقوق الإنسان والحرب الاقتصادية باعتبار أنها تؤثر على كافة السلع وفرص التجارة الحرة ومعاش المواطن وقال إن المقاطعة امتدت لإغلاق حسابات 133 شركة فضلا عن حسابات أفراد ليست لهم أي علاقة بالسياسة او الحرب فى دارفور وقامت بحجز كافة الأصول السودانية بجانب تجميدها ل65 معاملة بأكثر من مليار دولار علاوة على رفض 576 إجراء بشكل كامل، مؤكدا أن العقوبات الأمريكية أثرت كثيرا على اقتصاد البلاد حيث ظل البنك المركزي يعاني من قلة العائد خاصة عقب التحول من الدولار لليورو والذى كلف كثيرا بجانب إحجام كثير من شركات البترول والاتصالات والبنوك التجارية عن السودان إضافة للإضرار بصغار المستوردين والقطاع الزراعي وقطاع السكر والتأثير الكبير على الاستفادة من البترول بسبب التقانة الامريكية مما أوجد تدنياً فى النمو وفى سعر الصرف هذا فضلا عن منع إعفاء البلاد من الديون البالغة 43 مليار دولار بالرغم من مبادرة إعفاء الدول المثقلة بالديون بجانب تأخر انضمام السودان لمنظمة التجارة العالمية، غير أن الخبير القانوني وممثل المجموعة الوطنية لحقوق الإنسان د.حسن كرشوم دعا لتقديم دفوعات قوية لإسقاط المقاطعة عن البلاد، مشيرا إلى صدور قرار من مجلس حقوق الإنسان بجنيف خلال الفترة الماضية بإدانة العقوبات الأحادية على الدول، مطالبا بتكثيف الجهود من الدولة ومنظمات المجتمع المدني، وتفعيل دور السودان فى دول عدم الانحياز لإدانة القرارات الأحادية باعتبار أنها انتهاك لحقوق الإنسان.