:: (مُركب على الله)، كانت بلا شراع وبلا دفة قيادة.. وتقريباً - حسب وصف الحال من قبل الأجداد - كان العم على الله هذا يقف بمركبه على شاطئ النيل ويملأ بها الناس والأنعام ثم يتواكل ولا يتوكل، أي يبحر بها بلا شراع وبلا دفة قيادة بقصد الوصول إلى الشاطئ الآخر..وتتحرك المركب وتمضي حيث تشاء (الأمواج)..تارة ترسو مركب على الله بأي مكان على الشاطئ الآخر، وتارة تلف وتدور حول نفسها ثم تعود إلى ذات الشاطئ الذي تحركت منها..هكذا كان عبور النيل بمركب على الله محفوفاً بالمخاطر وكذلك ضياعاً للزمن، لأنها كانت بلا شراع وبلا دفة قيادة ..!! :: وهكذا تقريباً حال اقتصاد البلد، حسب وصف الدكتور الحاج آدم نائب رئيس الجمهورية..إذ يقول نائب الرئيس بالنص : (الواقع في السودان تجاوز لغة الأرقام ويعتمد على الله)، وبالتأكيد يقصد بالواقع (الواقع الاقتصادي)..التخطيط لميزانية الدولة وإدارة تلك الميزانية بحيث تنتج وتصدر أو تنتج لحد الإكتفاء وعدم العجز، مثل هذا التخطيط - المسمى بالاقتصادي - لم يعد يعتمد على (لغة الأرقام)، بل يعتمد (على الله)..لقد صدق نائب الرئيس، ولكن يُخطئ من يظن أن هذا الوصف بمثابة (توكل على الله)، بل هو التواكل واللامبالاة في أوضح ملامحهما..لقد وهبنا الله العقول للتفكير في كل أمور الحياة..نعم، التفكير والتدبير باستخدام نعمة العقل (أمر رباني)..ومن غايات نعمة العقل ألا نتجاوز في التخطيط الاقتصادي على مستوى الفرد والدولة (لغة الأرقام). وإلغاء العقول بحيث تبحر مركب اقتصادنا الوطني - كما مركب على الله - بلا تخطيط، نوع من (التواكل والخمول والعجز)..وكما تعلمون، التواكل والخمول والعجز من الصفات التي لا تستدعي الفخر والاعتزاز أو التباهي بها، بل يستحق من يتحلى بتلك الصفات فرداً كان أم نظاماً (الشفقة والحزن)..!! :: ومع تصريح نائب الرئيس، هناك تصريح آخر يؤكد أيضاً أن مركب اقتصاد البلد تسير بذات حال (مركب على الله)، بلا شراع أو دفة قيادة ..يقول البروف سوار الذهب أحمد عيسى، رئيس المجلس الأعلى للأجور، بالنص لوكالة سونا : (هناك تعقيدات صاحبت هيكل الأجور الجديد للعاملين بالدولة، والقرار الأخير القاضي بزيادة الأجور أدى عند التطبيق إلى خفض أجور العاملين بدلاً عن زيادتها)، هكذا أثر قرار مجلس الوزراء ، ف (تأملوا)..نعم، قرار صادر عن مجلس وزراء حكومة السودان بزيادة أجر العامل تحول - يا كافي البلاء - عند التطبيق إلى قرار يخفض أجر العامل، وهذا لا يحدث إلا بحسابات ولاة أمر اقتصاد السودان.. لقد صدق نائب الرئيس، واقع الحال الاقتصادي تجاوز لغة الأرقام..(فعلاً تجاوز لغة الأرقام)، ولو لم يتجاوزها شكلاً ومضموناً لما خصم - هذا الاقتصاد الغريب وحساباته المدهشة- من راتب العامل عندما أرادوا (زيادة الراتب)..(3+ 2 = 5)، بلغة أرقام تلاميذ أولى أساس، ولكن (3+ 2 = 1)، بلغة المجلس الأعلى للأجور، لأنها ليست (لغة أرقام)، فهذه قد تم تجاوزها .. وعليه، نقترح لمجلس الوزراء إصدار قرار مضاد يخفض أجور العاملين، و هذا قد يصلح الحال ويزيد أجور العاملين (عند التطبيق)..!!