قبل حوالي اسبوع اتصل بي صديق من اهل التكينة وبدأ حديثه معي هاتفا "الحقنا الحقنا يا ود البوني التقاوي طلعت مضروبة" فعلمت منه بعد تهدئته أن صديقي الهادي وهو مزارع برنجي اي درجة اولى قد زرع القمح بتقاوي الادارة كعادته قبل الناس لانه كان حريصا على بداية الشتاء وسقاه قبل أن تهيئ الادارة الترعة (قناة الري ) ومرت عشرة ايام ولم ينبت . وفي مساء ذات اليوم جاءتني اتصالات من قسم وادي شعير تؤكد لي ما حدث في التكينة فوضعت يدي على قلبي ليس لأني مزارع وقد جهزت ارضي لزراعة القمح بل لانه اذا كان الامر عاما في كل الجزيرة فإن الطامة ستكون قومية. لقد اختلط العام بالخاص لاسيما وان جراحاتي مع القمح اصبحت متتالية ومسكت نفسي عن الكتابة في الموضوع سائلا المولى أن (يكضب الشينة ) فاذا بالاعلام القومي كله ينفجر بقضية التقاوي المضروبة ويا له من إعلام عظيم وما اجمل أن ترى قضيتك تأخذ بتلابيب الرأي العام . واصدقكم القول لاول مرة اشعر بأن الطرح الاعلامي مواساة ما بعدها مواساة طبعا هذا بعد بعده التقويمي فشكرا صحافة الخرطوم المقروءة اولا ثم المشاهدة واخيرا المسموعة لتناولها لهذه القضية التي تحتوي في داخلها بلاوي متلتلة. في العام قبل الماضي (2011 / 12 ) زرعت حواشتي قمحا بتمويل من شركة اسمها مزدانة. وبعد الرية (السقية) الرابعة انحسرت المياه من القنوات واستخدمت الوابور بتكلفة عالية لريتين وعندما جئت للسابعة لم يجد حتى الوابور الماء الذي يمكن أن يشفطه واصبحت الترعة قاعا صفصفا فكان الانتاج ضعيفا جدا اخذته كله الشركة الممولة ولم تعوضني عن خسارتي الكبيرة ولا مليما واحدا فاحتسبت الامر لله. وفي الموسم الماضي (2012 / 13 ) قررت زراعة القمح بتمويل ذاتي اي من جيبي واتبعت كل الحزم التقنية وصرفت عليه دم قلبي فكانت تكلفة الفدان 1450 "كتابة الف واربعمائة وخمسين جنيها" (الجديد ) لأن المدخلات كانت نارا موقدة وكان الماء متوفرا وكانت الانتاجية خمسة جولات للفدان ثمن الجوال 250 جنيه فكانت الخسارة مائتي جنيه في كل فدان لان الدولة لم تدعم المزارع بينما تدعم مستورد القمح – الاربع او الثلاثة شركات الكبيرة- ببيع الدولار لها بجنيهين ونصف !!! في هذا الموسم 2013 / 2014 قررت مجافاة القمح حتى القراصة توقفت عن اكلها وجزمت بأن لا ازرع ولا سرابة فكرت في زراعة الكسبرة وهي مجزية فجاءنا الخبر بأن الادارة هذا الموسم قررت توفير كل المدخلات وبالمعدل العالمي من سماد ومرطب ومبيد وطلب منا الزراعة دون أن يمرروا علينا العقد الذي يهدد بنزع الحواشة في حالة عدم السداد بل قيل لنا في حالة الفشل لأي اسباب خارجة عن ارادة المزارع فانه سوف يعوض وان الادارة سوف تأخذ تكلفتها عينا بواقع اربعة جولات للفدان فتعرضت لضغط من جيراني المزارعين ووافقت على زراعة القمح لاسيما وان حواشتي (اول بيت) فتركها بورا او زراعتها غير القمح سوف تؤثر في سقاية بقية الجيران الذين قرروا زراعة القمح ثم طلب منا تحضير الارض على حسابنا فقلت لهم (اها قولوا واحد) وحضرنا الارض ونحن في انتظار بقية العمليات الفلاحية التي سوف تقوم بها الادارة وهي كلها عمليات آلية (جاءنا الخبر منشاع في الاربع قبل اسود طويل الباع) بأن التقاوي مضروبة فما قولك سيدي الشعب السوداني المنكوب ؟