ترجمة: القسم السياسي كتبت صحيفة لوس أنجلوس تايمز الأمريكية في افتتاحيتها أنه وفي غضون الأسابيع القليلة القادمة سيحتفل شعب الجنوب بالذكرى السنوية لاستفتاء تقرير المصير وتكوين دولتهم الجديدة، تلك اللحظات التاريخية التي أدلى فيها الناخبون بأصواتهم وهم يرقصون فرحا وهم يغلبون خيار الانفصال عن الخرطوم بنسبة تقارب ال(99) %، البعض كان يضع في اعتباره التحديات الكبيرة التي تواجه بلاده ولكن البعض الآخر تحدث بتفاؤل بالغ للصحفيين عن توقعاتهم العالية؛ الجسور الجديدة، الطرق، المدارس، والوظائف بما في ذلك الغذاء كل ذلك نتيجة للحكم الذاتي. بناء صعب وتمضي الصحيفة وتقول: "والآن بعد أن ولى ذلك التفاؤل وعقب أربعة أشهر من ظهور دولة الجنوب الوليدة الى حيز الوجود عادت الدولة الجديدة للانزلاق لحالة الحرب من جديد، فبناء دولة جديدة ليس بالأمر السهل على الرغم من البهجة التي عمت الشوارع والطرقات فلم يفكر أي شخص في حقيقة التحديات التي سيحدثها انقسام السودان وخلق دولة جديدة في ظل الفقر والأمية والتخلف وفي إمكانية أن يحدث كل ذلك دون ألم ونضال وأزمات، وعلى الرغم من الوعود التي قطعتها الخرطوم بخلق علاقات حسن الجوار والتعايش السلمي إلا أن معظم المراقبين شككوا في أن العداء العميق بين الشمال والجنوب والذي أدى لحرب أهلية دارت رحاها لأكثر من عقدين من الزمان يمكن أن يزول، في ذات الوقت اعترف المسئولون من الجانبين بعد إجراء الاستفتاء وانفصال الجنوب بوجود العديد من القضايا العالقة التي لا تزال دون حل والتي تهدد بالرجوع عن السلام الهش الذي تم التوصل إليه في نهاية المطاف – في إشارة لاتفاقية السلام الشامل- التوقعات التي لم تختلف كثيرا عن التحذيرات التي أطلقها المسئولون الغربيون خلال توسطهم لحل النزاع بين الجانبين في سنوات الحرب، ولكن حتى تلك التحذيرات والتوقعات لم تكن من السوء بما يكفي لتدهور الأوضاع بهذه الوتيرة المتسارعة. خطورة أكثر وربما أصبح الأمر أكثر خطورة في الوقت الحالي في ظل تصاعد العداءات بين الدولتين على طول الحدود بين الشمال والجنوب بما في ذلك ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق التي قاتلت الى جانب الجنوب خلال سنوات الحرب الأهلية الطويلة ولكنها تنتمي حاليا للشمال بحكم الخريطة الجديدة التي تم اعتمادها للدولة الوليدة، انخرط حاليا مقاتلو الجيش الشعبي بالولايتين في حرب مع الخرطوم والتي بدورها قصفت المنطقتين وأعلن المسئولون الأمريكيون مؤخرا أن أزمة إنسانية خطيرة تهدد المنطقة لتعذر وصول المساعدات الإنسانية الطارئة لأكثر من (200) ألف من المواطنين شردوا نتيجة القتال ويواجهون حاليا انعدام حاد للأمن الغذائي بجانب انتشار الأعمال العدائية بمناطق أخرى على الحدود بين الدولتين فهنالك ادعاءات بقصف الحكومة السودانية لمعسكر نازحين (ييدا) الذي يأوي أبناء النوبة ومواطني ولاية جنوب كردفان بالقرب من الحدود بين الدولتين وهنالك هجمات على منطقة (قفة) – الادعاءات – التي نفتها الحكومة السودانية وأكدت على أنها تستهدف فقط المناطق الجنوبية التي تقدم المساعدة لمتمردي جنوب كردفان والنيل الأزرق، وأضحى القتال في المناطق الحدودية من المشاكل التي تهدد اتفاق السلام بين الشمال والجنوب مع استمرار النزاع حول ترسيم الحدود النهائية بين الدولتين لا سيما مع وجود رحل يعبرون الحدود شمالا وجنوبا وهنالك العديد من التساؤلات التي تطرح نفسها بشأن النازحين الجنوبيين الذين لا زالوا يعيشون شمالا كذلك مستقبل منطقة أبيي المتنازع حول تبعيتها، وهنالك مسألة شائكة بشأن تقسيم عائدات النفط بين الشمال والجنوب فالجزء الأكبر من احتياطي النفط يقع بالجنوب ولكنه يجب أن يضخ عبر أنابيب النقل الموجودة بالشمال فالجنوب وافق على مبدأ تخفيف الصدمة الاقتصادية التي يواجهها الشمال ليس بشأن فقدانه لثلث أراضيه فحسب ولكن نسبة لفقدانه (75) % من عائدات البترول التي تعتبر المصدر الرئيسي للدخل، وحتى إذا لم يكن الشمال مصدر قلق دائم فالجنوب مواجه بكثير من التحديات والعقبات ليس فقط بسبب الأمية التي ترتفع لنسبة (85) % ونقص المعلمين وأعلى معدلات لوفيات الرضع في العالم ولكن هنالك العديد من المليشيات المتناحرة التي لم تكن متأكدة من دورها في النظام الجديد، ومع المساعدات الخارجية الهائلة وتدفق عائدات النفط فمشكلة الفساد المستشري بالجنوب أصبحت المشكلة المدمرة للبلاد، وعلى الرغم من الواقع الذي رفض بشدة من قبل الجانبين إلا أن الشمال والجنوب في حاجة لبعضهما البعض فمستقبلهما مرتبط لحد كبير ففي الأسابيع القادمة كلا الجانبين في حاجة لضبط النفس ووقف تصعيد العدائيات والشروع في التعامل مع القضايا الأكثر حساسية وإلحاحاً والتي تتضمن قضايا الحدود والفساد والحرب وعائدات النفط عندها فقط يمكن استعادة الشعور الذي صاحب اللحظات التاريخية في يناير الماضي.