السياسات المالية والنقدية للعام 2015 حسبما وردت في وثيقة مشروع موازنة العام المالي 2015 الصادرة عن وزارة المالية والاقتصاد الوطني أشارت في مجال الانفاق الحكومي لمسألة البحث العلمي في فقرتين الأولى تقول نصاً: ( زيادة التقديرات المخصصة للبرامج البحثية بالوحدات الحكومية المعنية ومراكز البحوث). وتقول الثانية: (تخصيص موارد إضافية لدعم التعليم العالي والبحث العلمي). اذا ما عدنا لتفاصيل الموازنة من خلال جداول الانفاق نجد أنه قد خصص للبرامج البحثية في هيئة البحوث الزراعية مبلغ 95 مليون جنيه، وللبرامج بهيئة بحوث الثروة الحيوانية مبلغ 85 مليون جنيه، وللبحوث بمركز الاستشارات والبحوث الصناعية مبلغ 7.5ملايين جنيه، وللبحث العلمي بالجامعات السودانية مبلغ 7 ملايين جنيه، وللبحوث العلمية بمدينة أفريقيا التكنلوجية مبلغ 17.4 مليون جنيه. وأشير هنا الى أنني قد جمعت تقديرات شراء السلع والخدمات والبنود الممركزة مع تقديرات اقتناء الأصول غير المالية (التنمية) لأخرج بالنتيجة أعلاه. علماً بأن الكثير من بنود السلع والخدمات لا علاقة مباشرة لها بالبحث العلمي مثل وقود المركبات ومصاريف وتذاكر السفر الخارجي. برغم هذه النظرة التوسعية المتفائلة نجد أن جملة مخصصات البحث العلمي في موازنة العام 2015 قد بلغت 211.9 مليون جنيه وهي تمثل نسبة 0.4% من الانفاق العام ونسبة 0.03% من الناتج المحلي الاجمالي. وهي في جملتها تساوي 26 مليون دولار بالسعر الحقيقي للدولار. الصحفي النابه مزمل أبو القاسم أشار في عموده المقروء (للعطر افتضاح) بصحيفة اليوم التالي الغراء بتاريخ 3 يناير 2015 الى أن اسرائيل تنفق 5% من ناتجها القومي الاجمالي على البحث العلمي. وأجرى عدة مقارنات أثبتت ضعف مخصصات البحث العلمي في الدول العربية مقارنة بإسرائيل والدول الأخرى. استطاعت الدول المتقدمة أن توجد آليات وتعتمد على وسائل تمكنها من توفير الميزانيات اللازمة للإنفاق على البحث العلمي وتنويع مصادره، إضافة إلى الإنفاق عليه بسخاء من ميزانياتها، بينما في البلدان العربية تواجه المؤسسات البحثية والجامعية الكثير من المعوقات والتحديات، ومن أهمها انخفاض مستويات التمويل، وتدني إسهام القطاع الخاص في شؤون التعليم العالي والبحث العلمي، إذ أن نسبة تمويل البحث العلمي تكاد لا تصل إلى 1٪ في الموازنات العامة. إحصائيات سنة 2004م والتي نشرتها منظمة اليونسكو تقول إن الدول العربية مجتمعة خصصت للبحث العلمي ما يعادل 1.7 مليار دولار فقط، أي ما نسبته 0.3٪ من الناتج القومي الإجمالي. في حين نلاحظ أن الإنفاق على البحث العلمي في إسرائيل (ما عدا العسكري) قد وصل في نفس العام إلى 4.7٪ من ناتجها القومي الإجمالي. والجدير بالذكر أن المؤسسات التجارية والصناعية في إسرائيل تنفق ضعفي ما تنفقه الحكومة الإسرائيلية على التعليم العالي. وإذا قورن وضع إسرائيل بالدول المتقدمة الأخرى، نجد أنها تنافس وتسبق كثيرًا من الدول الغنية والبلدان المتقدمة في هذا الميدان، فنجد أن نسبة الإنفاق على البحث العلمي من إجمالي الناتج الوطني في السويد وصلت إلى 3.3٪، و2.7٪ في سويسرا واليابان، وهي تتراوح من 2 إلى 2.6٪ في كل من فرنسا والدنمارك والولايات المتحدة، وما يتراوح بين 0.5٪ إلى 1.9٪ في بقية الدول المتقدمة. بالنظر للظروف التي يمر بها اقتصادنا الوطني نشير الى أهمية التعاون الدولي في هذا المجال نظراً لمحدودية الموارد التي يمكننا تخصيصها للبحث العلمي. والله الموفق. د/ عادل عبد العزيز الفكي هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته