تبدأ الأسبوع القادم الامتحانات النهائية في كثير من المدارس لمرحلتي الأساس والثانوي, وتعقبها بفترة ليست طويلة امتحانات مرحلتي الأساس المؤهلة للثانوي, وامتحانات الشهادة الثانوية المؤهلة للجامعة. وانسجاما مع هذين الحدثين الكبيرين تدخل البيوت السودانية في حالة من الاستنفار والتعبئة لخوض ما يعرف بمعركة الامتحانات، والتي يستخدم فيها بعض أولياء الأمور كل ما من شأنه أن يرفع معدلات أبنائهم الأكاديمية، ويجعل أسماءهم في صفوف المقدمة عند إعلان النتيجة . ووسط هذه الاستعدادات والحرب الضروس, تنشط دروس التقوية ومعسكرات التركيز, وتلمع بعض الأسماء الرنانة, لأستاذ فلان ملك الكيمياء, وأستاذ علان إمبراطور الرياضيات ، وهكذا يقع أولياء الأمور في فخ الدروس الخصوصية باهظة التكلفة, ويبذلون جهدهم في محاولة لاستقطاب تلك الأسماء, والتي يعتقدون أن بإمكانها التقاط مايتساقط من درجات أبنائهم. عندها ترتفع أسقف مطالبات بعض الأساتذة الخصوصيين حتى يصل سعر الحصة عند البعض لمبلغ 250 جنيها, بعدها لكم أن تتخيلوا تكلفة عدد الساعات لتغطية مقرر دراسي لواحدة فقط من المواد الدراسية. إن تعليم الأبناء أنبل وأجمل وأفضل الغايات, ونجاحهم وتفوقهم هو الشيء الوحيد القادر على إعطاء الحياة معنىً وقيمة, وهو فقط القادر على أن يجفف مساحات دواخلنا المبتلة بالمعاناة والشقاء . ولكن ما يحدث الآن من مغامرات يخوضها أولياء الأمور, ومن خلفهم مافيا الدروس الخصوصية, لن يؤدي بأي حال من الأحوال إلى النهايات السعيدة التي نعتقد ونأمل. وعلينا في البدء أن نحدد ماذا نريد نحن من أبنائنا وماذا يريد أبناؤنا, حتى نصل إلى خارطة طريق توضح لنا ولهم الرؤية, دون أن نحلق بخيالنا ونحلم بطرق أخرى, تكون وعرة وصعبة المنال قياسا بقدرتهم على الاستيعاب. ويجب علينا أن نتصالح مع أنفسنا وأبنائنا حول فكرة (الأول) فليس بالضرورة أن يكون كل الأبناء أوائلا, هذا ليس ضروري البتة، لأن الإمكانات الذهنية والقدرة على الاستيعاب تختلف من تلميذ لآخر, لذلك لا ينبغي أن نحمل أبناءنا فوق طاقتهم، وأن الفترة القادمة هي فترة مهمة للتواصل الروحي والنفسي مع أبنائنا, والاقتراب منهم وبث الثقة فيهم دون التقليل من قدرهم وقيمتهم . دعونا نحفزهم معنويا عوضا عن التحفيز المادي, فمثلا ليجلب كل أبٍ أو أمٍ دفترا, أو أجندة يُعَنْوِن كل صفحة واحدة باسم أحد الأبناء, ويبدأ في كتابة أسماء المواد بالتعاون والمشاركة مع الأبناء أنفسهم, وكل صفحة تقابلها صفحة بها نفس المعلومات لشقيقه, أو شقيقته, وتوضع معلومات الصفحة في شكل جدول به حقول, تشمل اسم المادة والدرجة الكاملة, ودرجة التلميذ ثم عدد درجات النقصان . إن هذه الطريقة ورغم أنها سهلة وبسيطة, إلا أنها تعزز عددا من المفاهيم لدى الطالب, أبرزها الثقة بالنفس وقوة الإرادة, وروح الإصرار والتحدي, ومحاولة الاجتهاد لجعل المربع(2)مثل المربع (3) . بمعنى جعل الرقم في الدرجة الكاملة, لايختلف عن الرقم في درجة التلميذ. .....دعوا أبناءكم يُعبئون هذا الجدول وسترون الفرق، وأهم شيء أن يُعبئوه بكل حب وهدوء.