الدواء مادة كيميائية صناعية أو طبيعية ذات تركيب جزيئي وصيغة معينة وتركيز محدد، يتميز بخصائص ثابتة ويصنف تبعا لها وهو يوصف للوقاية أو التشخيص أو العلاج، وذلك لإرجاع وإعادة التوازن الفسيولوجي والحيوي إلى حالته الطبيعية ما أمكن، وغايته هو تحسين الوضع الصحي أو لتصحيح المسار الاجتماعي أو تعديل الحالة النفسية . هذه الادوية لها مدة صلاحية وبانتهاء صلاحيتها لا بد من التخلص منها بأسلوب علمي نتوخى به سلامة البيئة والصحة, لكن كيف يتم التخلص من تلك الادوية التالفة ذلك هو السؤال خاصة أن تلك الأدوية تحتوي على مكونات كيماوية خطيرة. توجهت إلى أقرب صيدلية إلى منزلي وسألت صاحبتها عن كيف يتخلصون من الدواء الفاسد أو منتهي الصلاحية؟ اي هل توجد محارق لذلك ؟!! فقالت لي إنهم يعطونها إلى شركات معينة وتقوم تلك الشركات بطمرها في الارض في غرب امدرمان، هكذا بكل بساطة!! وحينما سألتها عن وجود المحارق قالت لم تسمع بوجود محارق الدواء في السودان لكن توجد بعض المحارق بالمستشفيات لذلك لا توجد طريقة للتخلص من الدواء سوى الطمر في الارض !!! أي تحفر حفرة في خلاء امدرمان ( ويا لعذاب مدينتي الحبيبة كل المصائب تأتي لها وحدها ) وتترك للزمن وعوامل التعرية من امطار ورياح وتسمم تربتها وترقد كقنابل موقوتة للاجيال القادمة لكي تمزج مع دمائهم وروحهم هدية من زمن تعيس قلعت فيه العافية والرحمة والاخلاق!!! أو الخيار الآخر وهو خيار عقلية اربح ولا تخسر الذي يتم بتغيير صلاحية الدواء او التخلص منه في مناطق لا ينتبه الناس فيه إلى قراءة زمن انتهاء الدواء!!! وحتى اذا ماتوا يومهم وليس للدواء دخل المهم اربح وتخلص معاً!!! سيتحدث اهل الصحة عن الرقابة على الدواء وأن هنالك متابعة وعمليات تفتيش واذا سلمنا بذلك هل يدرون بمقابر امدرمان للدواء!!! وهل اهل الصحة يدرون مدى خطورة هذا على البيئة الآن ومستقبلاً!!! واذا كانوا يدرون لماذا هم مهتمون بتوزيع المستشفيات على اطراف المدن واهلها اساساً ميتون ميتون!! وبمعرفتهم وصمتهم وفشلهم في ايجاد المحارق المناسبة للتخلص من الدواء!!!! إن أسس وخطط الرعاية الصحية المطلوبة غير متوافرة بطريقة مرضية و تكاد تكون تلقائية عشوائية وعفوية، وإلى أن يقتنع المسؤولون بذلك، تستمر تلك الخدمات في التدهور، عندما تقاس بمثيلاتها في الدول المتطورة، وإلى أن يتم تغيير مفهوم الأمن البشري الذي لم يعد يرتكز على المفهوم العسكري فحسب بل أصبح يرتكز على مدى تأمين الحاجات الأساسية والضرورية لوجود الإنسان ( بيئة – صحة – ثقافة- إقتصاد- إجتماع !! إن اداء وزارة الصحة بشقيها الاتحادي والولائي اظهر عجزاً عن تطوير عملها وأنها لم تفلح في تنفيذ الإستراتيجية الوطنية للصحة!!! يجب على وزارة الصحة استشعار الأمانة التي فرضها الله على هؤلاء المسؤولين، والاعتراف بتردي الخدمات الصحية وضعف الرقابة الدوائية!!! اهل الصحة والدواء لماذا لا يلزمون شركات الدواء في اخذ مرتجعها والتخلص منه بطريقة علمية وبسيطة تعمل بها كل بلدان الدنيا حتى شركات الزبادي والالبان تأخذ المرتجع وتتخلص منه بطريقتها بطريقة علمية دون أن تضر بالبيئة!!! فلماذا يا شركات الادوية تقتلون المدن والخلاء وتدمرون البيئة؟!!! . لماذا لا تكون لجان للأدوية منتهية الصلاحية، وأن تكون هذه اللجنة مكونة من أفراد من شركات الادوية ومراقب من وزارة الصحة وآخر من وزارة البيئة، ويتم حرقها في محارق خاصة؟!!! لكن للأسف هناك دواء منتهى الصلاحية يُباع فى الاسواق، لذلك فلابد من تشديد الرقابة على الصيدليات وشركات الأدوية بصفة مستمرة من أجل الحفاظ على أرواح المواطنين. إن عملية تدوير الادوية منتهية الصلاحية" من خلال طرحها في السوق بتواريخ انتاج وصلاحية جديدة!!! ويساعد في ارتكاب جريمة الغش هذه رفض الشركات استلام مرتجعات الادوية "منتهية الصلاحية" من الصيدليات، وخطورة مرتجعات الادوية تكمن في إعادة استخدام هذه الادوية غير الصالحة لعلاج المرضى، وقد تصيبهم بأمراض ومضاعفات خطيرة قد تنتهي بوفاتهم.!!!! إن مشاكل الدواء في السودان تبدو مقلقة بقدر كبير اذ بين كل صيدلية وصيدلية صيدلية تصرف دواء بدون روشتات و تتخلص بطريقتها من الدواء منتهي الصلاحية حسب ضمير ملاكها وليس القوانين والرقابة!!!! إن كمية الادوية المتداولة كبيرة بشكل مخيف ففي الخرطوم تظهر سلسة الصيدليات المنتشرة بالاسماء الجذابة وكأننا نتناول الادوية كغذاء قد تتناسب وعيادات الاطباء المزدحمة والمستشفيات الممتلئة ليلاً ونهاراً!!! هل يا ترى اجرت وزارة الصحة الاتحادية او الولاية دراسات في ازدياد اعداد المرضى وانتشار الامراض بصورة كبيرة في السنوات الاخيرة؟!!! وهل ازدياد الصيدليات المتراصة ومعظمها تصرف بدون روشتة طبية، ظاهرة طبيعية؟ وهل مصانع الادوية المحلية والعالمية تصنع الادوية لنا فقط دون بلاد الله الاخرى؟!!! انها والله ظاهرة غير صحية ومؤشرات خطيرة ونذر كارثة بيئية!!! إن الدواء منتهي الصلاحية يمثل كارثة تخضع لضمير الصيدلي والذي اصبح يواجه مافيا تقوم بتجميع الادوية منتهية الصلاحية من الصيدليات والربح مضمون من اعادة تدوير تلك الادوية !! ومثل هذه الادوية تحمل من المخاطر والاضرار الجسيمة للمرضي ما قد يؤدي إلى الوفاة، الا يكون للصيدلية الحق في أن تطالب شركات الادوية بسحب المرتجعات من الصيدليات لأن مجرد وجودها - بخلاف مخاطرها - تسدد عنها ضرائب يتحملها الصيادلة، في حين أن الشركات لن تخسر في حالة سحبها للمرتجعات، والجميع يعلم ارتفاع اسعار الدواء ومدى الربح الذي تحققه تلك الشركات!!!! إن على الجهات المعنية التفتيش على الصيدليات وإلزام الصيدلي بوضع الأدوية منتهية الصلاحية في مكان واضح ومنفصل بالصيدلية ووضع لافتة توضح انتهاء صلاحية تلك الادوية والزام الشركات باسترجاعه!! يجب علينا ترسيخ مفهوم سلامة وأمان استخدام الأدوية التالفة ومنتهية الصلاحية، وحماية أفراد المجتمع من الاستخدام الخطأ للأدوية. وعلينا الارتقاء بمستوى الأمان الصحي والبيئي من خلال رفع الوعي والتثقيف الصحي والتخلص من تلك المنتهية صلاحيتها و حماية المجتمع والبيئة من الأضرار الناجمة عن سوء إدارة واستخدام الأدوية !!! د. نوال حسين عبدالله هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته