سؤال يدور في الخاطر: هل السياسي ذلك الشخص الذي درس العلوم السياسية باعتبارها علماً كسائر العلوم الإنسانية من اقتصاد وإدارة وتربية وعلم نفس واجتماع وقانون؟ أم أن السياسي هو ذلك الشخص الميكانيكي الذي يقفز فوق كل تلك التخصصات نظرية بل علمية ومن ثم يصدر قراراته في كل مناحي الحياة، وبنظرة عامة نجد أن أكثر من 95% من ساسة وزعماء العالم ليسوا هم خريجي كليات علوم سياسية مع الفارق في المنظور الأخلاقي لأولئك الساسة كثير من الساسة خصوصاً في عالمنا المحلي والعربي ولجوا باب السياسة المميز رغم قلة تعليمهم وبساطة مهنهم. السياسي- إلا من رحم ربي- انتهازي يسعى لينطلق لمواقع السيادة في المجتمع وادعائه أنه هو الأجدر والأصلح لقيادة الدولة والمجتمع يستوي في ذلك من كان في السلطة أو المعارضة! لماذا لا نترك أمر إدارة الدولة للتكنوقراط بأن يتولى سنام الوزارة مثلاً من يحمل تخصصاً ذا علاقة بتلك الوزارة كأن يكون وزير الصحة طبيباً والدفاع عسكرياً والتعليم استاذاً والطاقة مهندساً وهكذا. أنظر إلى السياسة في التاريخ الإنساني فأجد أنهم هم من أشعلوا الحروب والفتن وسفكوا دماء عشرات الملايين في هيروشيما ونجازاكي. هم الذين قادوا لدمار الحضارات، إحراق روماً، وتدمير بغداد.. و.. راجعوا التاريخ تجدوا أن كل المصائب من مجاعات وتشريد ولجوء ونزوح وفقر وأمراض وراءها سياسيون وقادة. ملوك ورؤوساء وحكام والأمر المخيف جداً، إن في هذا العصر يحتفظ بعض الحكام الكبار شفرة إشعال الحرب الذرية وفناء البشرية. السياسي مشرع بالحق والباطل بمخصصات تفوق عشرات أضعاف مخصصات غيره من العلماء وبخلاف صرفه على أهله وعشيرته يصرف كثيراً على جيشه وأمنه وتوطيد سلطانه ومن عجائب أمر الساسة أنهم هم الذين يشعلون الحرائق ومن ثم يكلفون الآخرين بإخمادها. والسياسي في عالمنا العربي بالإضافة لتلك الأدوار يظل متشبثاً بالسلطة حتى بلوغه سن الخرف ومن ثم يبدأ التمهيد لتوريث الحكم لأحد أبنائه أو عشيرته، لم نسمع أو نر في عالمنا العربي من تقدم من تلقاء نفسه للتنازل عن مقعده بسبب عجزه أو مرضه، أو فشله، بل يظل يغالط الحقائق إلى أن يقول الله كلمته بنزع السلطان منه. إن من نعم ثورة الاتصال أن الدلائل تشير إلى أن مستقبل الدولة نظاما سياسيا قد يدار بواسطة حكومة إلكترونية لا بشر، حكومة عادلة ومنضبطة ويومها سيكون المتضرر الوحيد هو السياسي! حسبو عبد الله تربوي بالمعاش