نطالع عبر الشاشات وفي الصحف انباء الهجوم على ليبيا الشقيقة - والحرب الأهلية - الدولية التي تنزلق إليها يوما بعد يوم. وبغض النظر عما تناقله وسائل الاعلام التي افتقدت المهنية والمصداقية لدى المشاهد العربي، وهي تحاول على نحو مفضوح اغراق المنطقة في الفوضى. هذا لا ينفي ان الانظة العربية تتحمل جزءاً كبيراً من المسؤولية، وهي تمارس كافة انواع الوصاية والقمع والبطش بمواطنيها، إلا ان قبول (الثوار) بتدويل القضية، وارتهانهم لمستقبل بلادهم لدى الاجنبي، يطرح ألف علامة استفهام. والمواطن العربي أصبح بين خيارات صعبة، فهو لا يجد نفسه داخل النظام السياسي في بلده، وهو لن يكون سعيداً بما يراه من تدمير لمنشآته ولبعض بني وطنه على ايدي الغزاة الاجانب، الذين بحثوا عن غطاء عربي فوجدوه في ظل عجز النظام العربي والافريقي. والغرب الذي صاح مفكروه وذوو الضمائر الحية فيه بأن هذا الغرب يكيل بمكيالين فهو نفس الغرب الذي ادار ظهوره لأهالي غزة، وهم يقصفون ليل نهار. وهو ذات الغرب الذي ظل ينظر إلى اسرائيل وهي ترمي آلاف الأطنان من القنابل على لبنان طيلة 33 يوماً.. والغرب هو الذي قتل أكثر من 655 ألف مواطن عراقي باعتراف تقارير المنظمات الدولية ويقبع فيه الآلاف من المعتقلين دون محاكمات، ودون أن يعرف ذووهم أين هم؟ ودون أن يتحرك مجلس الأمن أو سواه من منظمات حقوق الانسان.. ما يحدث في ليبيا وفي مناطق أخرى من الوطن العربي وافريقيا نموذج لمأساة الحضارة الانسانية، التي لازالت تعتمد أسلوب القهر والعنف كأسلافهم ممن ادعوا حمل رسالة الرجل الأبيض الحضارية إلى العالم، وهي رسالة شهدتها هيروشيما ونجازاكي وفتينام وفلسطين والعراق وافغانستان وأخيراً ليبيا.