وترجلت .. ايها الوردي ..عن دنيانا في مساء سبت.. في يوم اجمعت الدنيا كلها علي انه عطلة .. استرخاء .. تأمل .. كأنما ينظرون وينتظرون هذا الحدث في هذا اليوم.. حتي موتك ايها الهرم الكبير .. لفت الانظار.. وسارعت الاقوام عند سماع الفاجعة الى حيث انت ترقد.. منهم الذي صدم.. ومنهم الذي لم يتمالك دموعه.. ومنهم من حمد الله على المكروه كما ابوبكر الصديق.. ولا عجب من ان يختارك الله من بين بني بلادي الاوفياء الاصفاء وهم كثر .. ولا نتعجب كما تعجب ابن الرومي في قوله ..توخى حمام الموت أوسط صبيتي فلله كيف اختار واسطة العقد.. رحل قبلك نجوم ملأوا سماءنا طربا شجيا ولحنا عذبا .. فكانوا اركانا واوتادا تشد البناء من اطرافه.. وعندما بدأت في الرحيل وتدا تلو الوتد .. وكأنما العندليب كان من اواخر الاوتاد التي تشد خيمة بناء الغناء السوداني.. وبمغادرته سقط البناء علي رؤوسنا برحيلك ايها النيل.. ايها البحر.. ايها النخل ..ايها الغابة ..ايها الصحراء ..ايها النوبي الاصيل ..ايها العربي النبيل.. والعربي عربي اللسان.. ايها الادروب الولوف في الشرق.. ايها الزارع في الجزيرة الخضراء وما حولها.. ايها البدوي في بادية كردفان.. ايها السلطان من دارفور.. ايها الابنوسي الاسمر من جسدنا المبتور بفعل ساس يسوس.. يا انت يا وطننا علمنا معني الحب والاخلاص .. يا من صدحت باسم الوطن في كل المناسبات .. الاستقلال .. الثورة .. الحرية .. الحب.. يا من جعلتنا نتغني ونطرب معاك حتي بلغتك المحلية.. رحلت وفي الحلق غصة.. وفي المقلة دمعة حرى ابت النزول وتحجرت.. لماذا البكاء وماذا يفيد .. نبكي انفسنا.. نبكي الوطن .. نبكي لزوال هذا الصوت الشجي والي الابد.. لا جديد سنسمعه بصوتك.. حتى الانس توارى والابتسامة.. ماذا بقي لنا من ذكراك ايها العملاق.. حتى الاستقلال الذي نلناه منذ 56 وصدحت انت بأجمل اغنياته لم يتنزل واقعا.. اليوم نرفع راية استقلالنا ويسطر التاريخ مولد شعبنا.. لكننا اليوم ننكس الرايات حداداً عليك والاعلام.. محمد عثمان وردي.. سيبكيك الاغراب قبلنا .. وكأني بالاحباش وقد دقوا سرادق العزاء.. وفي تشاد.. والنيجر .. ومالي والسنغال.. وغانا.. اقول غانا ومنكم من يستغرب.. وردي حكاية وقصص لا تنتهي.. وكتاب ومجلد لا تفتر من تصفحه.. وردي الوطني المخلص والشعبي الغيور والامة ليس كابراهيم.. ولكن امة بمقاييس زماننا هذا.. واتحادي اصيل لا اصل.. لا حاجة له لاصلاح وتجديد.. واحتجاجات ومذكرات.. حاشا وكلا.. .. وكنت مِلكاً شائعاً لنا جميعاً وليس بشيوعي ولا ناصري ولا بعثي .. ولا ولا.. لا حزب لك ولا جماعة .. جماعتك اهل الحرية والديمقراطية والعدل والمساواة الحقة.. كنت امبراطورية عظيمة تضاهي امبراطوريات عظيمات قد افلت.. لم يبق منها شئ.. ولا نقول فرعونا .. رغم انك انك من سلالتهم ..لان الفراعنة الجدد فصلّوا الفرعونية عليهم ولبسوها ثيابا.. بعد ان استلبوها من النوبة وهودوها كما تريد اسرائيل تهويد الاقصى.. الكتابة عنك لا تنتهي .. والقلم لا يفتر.. رحمك الله الغالي وردي الذي لا يغلى على ربه.. ربي قد جاءك وردي ولا ندري كيف هي صحائفه.. كتبنا عنه بما نعلم من خير وفعل حسن.. ربي انه عبدك.. انت خلقته واخذته اليك .. فان كان مسيئاً فاعف عنه وتجاوز.. وان كان محسناً فزد في احسانه.. وادخله الجنة..آآآآآمين. .... مقيم بجمهورية الصين الشعبية.