سافرت مع ذلك الكائن العجيب الى دولتهم المسماة ببرنبيطا...والحديث عن دولة (برنبيطا) اعزائي القراء يطول، ففي تلك الدولة لاتوجد اي (فواتير)..يعني (ماعندهم لانفايات ولاعوائد ولا دمغات)، الشعب هناك يعيش حياة غريبة بالفعل..فقد شاهدت بأم عيني محاكمة لأحد المواطنين هناك بسبب انه قام بمسح حذائه في الشارع العام..وحاولت ان اقارن مابينه وبين بلادنا..فأصبت بالحيرة..وقررت ان (اعمل رايح). ثلاثة ايام قضيتها في برنبيطا برفقة ذلك الكائن العجيب..كانت هي الفترة المسموحة لي فيها بالبقاء هناك، وقبل ان اغادر سألت رفيقي الكائن الغريب عن متطلبات الاقامة وقلت له وانا اقوم بفرك رأسي بعصبية: * هسي يعني ياولدنا..الواحد لو داير يجي يعيش معاكم هنا..يعمل شنو.؟ * هذا امر صعب جداً..يتطلب منك ان تقوم بتقديم استمارتك وتنتظر الرد. * لا يعني الرد بجي في كم يوم كدا. * ههههه...كم يوم..!! قل كم سنة ياعزيزي..هنالك كثيرون يتقدمون بالطلبات التى تأخذ في اقل الاحيان (عشرين سنة). * عشرون شنو..؟ ليه اصلو انا ماشي (القمر). * نعم..انت بالفعل تريد ان تعيش في برنبيطا وهي جزء من تلك المجرات. * غريبة والله..انت عارف في بلدنا ماعندنا كلام زي دا..يعني عندك مثلاً (الحبش) ديل بجوا خاشين تووووووش..زول بقول ليهم ماشين وين مافي. * هههههه...لا ياعزيزي النظام لدينا هنا مختلف جداً. * يازول خلاص..انت اعمل لي الاجراءات..وانا لو ربنا حيانا بتواصل معاك. * اتفقنا ياعزيزي..الى لقاء. * مع السلامة يافردة..وماتنسي الوصية. عودتي الى البلاد كانت شبيهة بدرجة كبيرة بتفاصيل الذهاب..فقد قام المسؤولون في مطار برنبيطا الفضائي بإجلاسي على كرسي ملئ بالازرار ووضعوا تلك النظارة على عيني..وطلبوا مني أن اتمسك جيداً و... استيقظت لأجد نفسي في منتصف ميدان جاكسون بالخرطوم..وحولي تتناثر عشرات النساء الملثمات اللائي يقمن بزج ابنائهن الصغار لتسول مافي جيوب عباد الله..نهضت من مكاني وانا اقوم بنفض الغبار الملوث الذى علق بملابسي، سرت في الشارع وأنا في حالة من الذهول للفرق الكبير مابين هنا وهناك..مرت بجانبي سيارة مسرعة وهتف صاحبها في وجهي بغضب: (انت ماشايف ياحمار)...؟ عدت الى منزلي بعد اكثر من ثلاث ساعات بالرغم من ان المسافة الافتراضية للوصول هي نصف ساعة، ولكن (للزحمة) ظروف خاصة..القيت بنفسي على الفراش في اعياء..واغمضت عيني..وانا اتمني ان استيقظ واجد تلك العشرين عاماً قد مرت بسرعة..حتى احزم حقائبي واعود مرة اخرى لدولة برنبيطا..وما أن غفوت قليلاً حتى استيقظت مذعوراً وانا استمع لجهاز الراديو المنبعث من تحت الفراش وصوت ذلك المذيع يتلو خبراً مفاده: (هذا وقد اكدت مصادرنا و(راداراتنا) ان الطبق الطائر لايزال يدور في الاجواء السودانية ولم يخرج حتى الان..وما أن اكملت الاستماع للخبر حتى اطلقت ضحكة عالية..ففي هذه اللحظة تحديداً عرفت قيمة (راداراتنا)..!