قبل أيام و بالتحديد فى 30 مايو 2012 كنت ضمن اكثر من خمسمائة شخص جاءوا من مختلف انحاء العالم ليشاركوا فى المؤتمر الدولي للتبني على المستوى الدولي.. أتوا ليناقشوا فقط موضوع التبني على المستوى الدولي واشكاليته و ذلك بدعوة من منتدى سياسات الطفل الافريقي باثيوبيا. والجدير بالذكر ان من أهم أسباب قيام هذا المؤتمر هو النهايات المؤلمة التى حدثت للاطفال الذين قامت بعض الدول الأوربية وامريكا و كندا بتبنيهم..كانت هنالك دراسات صغيرة وورش تفاكرية عن هذه الاشكالية وكان لابد من ان تخرج هذه النتائج و أن تخضع للمزيد من النقاش...كانت هنالك امرأة يوغندية تصرخ لقد انتهى الحال باطفالنا الذين تم تبنيهم فى الاصلاحيات والمصحات الاوربية وأتضح لنا أن الامر ليس الا مجرد تجارة واجندة أخرى..وفي دراسة التقييم ظهرت امريكية لقد تبنيت طفلا افريقيا و من اكثر ما تألمت له سؤاله الدائم لماذا يا أمي لونك أبيض و لوني أسود وهل عندما اكبر سيكون لوني مثل لونك بالتدرج... أنه أمر مؤلم!!. فى افتتاحية المؤتمر قدم السيد ديفيد ماكوي المدير التنفيذى لمنتدى سياسات الطفل الافريقى الوضع الراهن والذى عكس فيها الزيادة المخيفة لعدد الاطفال الذين يتم تبنيهم من افريقيا و كيف أن الأمر اصبح تجارة واسترقاقا واشار الى أنه حسب تقرير عام 2010 انه من اثيوبيا تم تبني 4397 طفلا وهى من اكبر الدول الافريقية المصدرة للاطفال للتبني تليها نيجريا 259 طفلا ثم جنوب افريقيا 189 طفلا ثم بوركينا فاسو 186 طفلا ثم مالى 132 طفلا ثم غامبيا 129 طفلا ثم ساحل العاج 105 طفلا ثم المغرب 94 طفلا فيوغندا 83 طفلا وكينيا 92 طفلا. اما بخصوص اكثر الدول المتبنية لهؤلاء الاطفال حسب تقرير 2010 فهى الولاياتالمتحدةالامريكية 12,149 طفلا ثم ايطاليا4130 طفلا ثم فرنسا 2504 طفلا ثم اسبانيا 2891 طفلا ثم كندا 1946 طفلا ثم السويد 729 طفلا ثم هولندا طفلا 705 ثم المانيا 504 طفلا ثم الدنمارك 419 طفلا ثم بلجيكا 388 طفلا. وتساءل ديفيد هل نقوم بالتبني من اجل مصلحة الاطفال ام من اجل حل مشاكل الاسر التى تحتاج الى طفل..هل نعطى الطفل لأسرة ؟؟.. أم نعطي الأسرة طفلا ؟؟ وتحدث عن ارتباط التبني بالمكاسب المالية والفساد ومشكلة ضعف المراقبة والاشكاليات النفسية والاثار السالبة على نفسية الاطفال... ثم تم عرض فيلم بعنوان (التبني رحلة غير مضمونة). وكان هنالك شبه اجماع من قبل جميع المشاركين بأن السيل قد بلغ الزبى و لابد من ايجاد حل وبجانب تمثيل المنظمات كان هنالك تمثيل قوي للحكومات التى اكتوت بنار التبني ذو الواجهة الانسانية فكانت هنالك السيدة جانيت موسفينى السيدة الاولى فى يوغندا والسيدة زينبو تاديس وزيرة المراة والطفل باثيوبيا والسيدة انيتا كالند وزيرة الجندر والطفولة بملاوى والسيدة زينب مينا وزيرة المرأة و الطفل بنيجيريا والسيدة جنيفين ايناجوس وزيرة المراة والاسرة بالكنغو والسيدة كليمنس تراور وزيرة الرعاية الاجتماعية ببوركينافاسو وكان الجميع يبكي لوضع الطفل الافريقي الذىي أصبح كالمستجير من الرمضاء بالنار... الاحصاءات الرسمية تشير الى تبني أوربا و أمريكا 000و41 طفل افريقى بحجة الوضع لديهم أفضل وأن هنالك مستقبلا مشرقا ينتظر هؤلاء الاطفال و كان الواقع مختلفا فتشرد منهم من تشرد و دخل الاصلاحيات من دخل منهم ولعل هؤلاء هم أفضل حالا من غيرهم الذين اختفوا أو تم استغلالهم فى أشياء لا يعلم بها الا الله.. والغريب فى الأمر عندما سألت أحدهم لماذا لا تتبنون من داخل بلدانكم وهنالك العديد من الأطفال فاقدى الرعاية الوالديه بها فقال لي ان هنالك اجراءات صارمة وفترة تدريب للأسرة قبل أن تتبنى الطفل و متابعة ومراقبة لصيقة وقلت فى نفسى ما أرخص أطفالنا!!! و حمدت الله و لطفه لفشل محاولة منظمة أرش دى زوى الفرنسية لاختطاف الاطفال بدعوى تبنيهم... وعدت الى جلسات المؤتمر و كان هنالك من يتساءل لماذا تم ايقاف تبني الأطفال فى هايتي رغم الأعاصير و الكوارث الكبيرة التى ألمت بها!!! لأنهم اكتشفوا انه يتم تبنيهم لاستخدامهم كفئران تجارب وانه يتم استغلالهم أسوأ استغلال!! أكدت الدراسة التى قام بها منتدى سياسات الطفل الافريقي الاتى: (أن المصالح التجارية حلت محل الاهتمام برفاه الطفل و جعلت من الأطفال سلعا فى عالم التبنى والذى اصبح غير أخلاقي وعلى نحو متزايد) وعليه فقد حذر المشاركون في هذا المؤتمر بان الدافع وراء التبني فى كثير جدا من الحالات هو كسب المال وأن هنالك العديد من الحالات التى تشير الى أن هنالك ضغوطا داخلية و خارجية تفرض على الحكومات للموافقة على تبني اطفالهم وأن نسبة حالات التبني من افريقيا زادت بنسبة 300% فى السنوات الثمانية الماضية و الولاياتالمتحدةالامريكية هي اكبر بلد يتبنى الاطفال الافارقة ولقد اشار التقرير أن العديد من دور الأطفال فى افريقيا انشئت بغرض جني الأرباح وفى بعض الحالات وصل السعر الى 000و30 دولار عن كل طفل متبنى... ومن اهم توصيات هذا المؤتمر هو عمل المزيد من المراقبة والمتابعة والدراسة لموضوع التبني على المستوى الدولي وتشجيع الاليات المحلية والتبني الداخلى ودعم الأسر وحماية الأطفال وعدم اللجوء للتبني على المستوى الدولي الا في حالات تستدعي ذلك و كملاذ أخير وفقط فى حالات فشل كل الملاذات الاخرى و التنسيق بين كل الجهات ذات الصلة لتقليل تبني الأطفال الافارقة. أتضح لنا في هذا المؤتمر أن هنالك اشكالية ايضا فى مفهوم التبني الذي على ضوئه يحصل الطفل على اسم الأسرة الجديدة و رغم كل المحاولات تكون هنالك استحالة فى ان يتم اقناع الطفل بأن هذا هو والده و هذه هى والدته وعندما طرحت مفهوم الكفالة الاسلامي في هذا المؤتمر وكيف أنه فى مصلحة الطفل الفضلى وأنه من الآليات التى تم ادخالها فى الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل وجد الامر قبولا وخاصة من الدكتور بنيامين دوات نائب رئيس لجنة الخبراء الافارقة لحقوق الطفل وهمست فى نفسي صدق من قال أن الاسلام هو الحل وذهبت بذاكرتى لمؤتمر كان كل المشاركين فيه من المسلمين وكان الجميع يفكر فى كيفية تغيير مفهوم الكفالة فى الاسلام وفي ضرورة أن يكون مثل التبني وأنه لابد من يتم اعطاء الطفل الاسم و الميراث ونسوا قوله تعالى (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا) صدق الله العظيم!!!وأقارن الان و أنا فى مؤتمر منسقيه و غالبية لجانه ليس بها مسلمون ويكون مر الشكوى من التبني بصيغته الحالية وأقسم أنه لولا التشويه الذى حدث للاسلام لتبنى العالم الصيغة الاسلامية للكفالة بمفاهيمها القيمة والتى وضعها من هو أعلم بالعباد. وأختم بقول السيدة زينبو تاديس الوزيرة الاثيوبية (بعد هذا المؤتمر لدينا الكثير من الواجبات والأمور التى علينا القيام بها والمشكلة لا تخص الحكومات وحدها بل تتطلب تنسيقا وجهدا مشتركا من جميع الجهات ذات الصلة....) والأمر يحتاج لمزيد من الدراسات والجلسات التفاكرية... والله الموفق. * مدير معهد حقوق الطفل