مصر العزيزة رعاها الله أصبحت هذه الأيام رمانة ميزان ثورات الربيع العربي التي ادعت مرورها في 1989م، والتي تناضل حتى الساعة، والتي اعتبرت أنها أنجزت مهامها في العام الماضي أو العام الجاري. فأين مالت رمانة ميزان الثورة المصرية، تميل تبعاً لذلك موازين الثورات في تونس وليبيا والمغرب والأردن، وحتى السودان، وليس ذلك لريادة تتمتع بها مصر فحسب، وإنما لعوامل كونية رسمت خرائط الشرق الأوسط الكبير. كونداليزا رايس «53» عاماً حسب تعريف بروف البوني، وللسياسة الإمبريالية في الكرة الأرضية شئون. لم يكن رئيس جمهورية مصر العزيزة يجهل ما يعنيه مرسومه الرئاسي «المحصن»، ولكن فعله!!! والمناورات الرئاسية التي أعقبت الزوبعة، كانت معروفةً. وما لم يكن معروفاً حجم ردة الفعل من من الأحزاب الليبرالية وشباب الثورة.. والمتابع لاندلاع شرارة الفيس بوك، ما كان يخطر على باله أن شهداءهم وجرحاهم سيحصد نضالهم الإخوان المسلمون والسلفيون، وهم آخر الملتحقين بركب الاحتجاجات. وما نزل أحمد شفيق عضو المجلس العسكري المغضوب عليه لولا أن ترتيباتاً تجري تحت الطاولة تضطر الثوار لاختيار الإسلاميين. إذن المواجهة الجارية بين ثوار 25 يناير والإسلاميين الآن هي الحكم والفيصل بين الثورة، وأصحاب فكرة الشرق الأوسط الجديد. والمنطق والعقل ودم الشهداء وأنّات الجرحى كلها تريد انتصار الثورة بتضحيات جسام، وبعناد بدرجة الدكتوراة... والأمر كذلك لن يقتصر على ثوار مصر وحدهم، وإنما سيعود إلى شعوب الشرق الأوسط الكبير. هذا منطق الثورة والتاريخ، في مواجهة منطق القوة وقهر الشعوب. وعلى ثوار الربيع العربي السابق واللاحق أن يكرّسوا هذا الفهم ويشمروا عن ساعد الجد والنضال؛ حتى يعود الحق إلى نصابه، والحقوق للشعوب المقهورة باسم الدين تارة، وباسم الحق الإلهي تارة أخرى. على شعوب الشرق الأوسط أن تستعد لمنازلة الإمبريالية والصهيونية التي تسعى لتقسيم الشرق الأوسط ليسهل ابتلاعه. ووجوباً على هذه الأنظمة التي تسعى لبيع تاريخها النضالي أن تتأكد أن هذا من المستحيلات، وتذكروا من فتحوا صدورهم للموت وجادوا بنور أعينهم من أجل التاريخ والنضال.