[email protected] شاهدت من علي البعد وتحت ضل النيمة الوريفة ثلاثة رجال يجلسون ويشتد النقاش بينهم وتتعالى اصواتهم اقتربت منهم لأن الشمس قد مالت للغروب لأستبين شخصياتهم ففرحت جداً لأني وجدتهم اشخاص تمنيت كثيراً ان التقيهم فقلت في نفسي ثلاثتهم مرة واحدة الاستاذ وزير المالية علي محمود والأستاذ الصحفي الرائع يوسف سيد احمد الخليفة والأستاذ الرائع ابوبكر الزومة هذا يوم السعد لا شك انني ان حافظت علي هدوئي دون ان يشعروا بي سأستمتع بسهرة رائعة كان الاستاذ يوسف يتناول موضوع غاية الاهمية بصوت عالي وبغضب يناقش موضوع غاية الاهمية وهو موضوع الكسرة وصاح فيهم ( هي ويينا الكسرة يا ريت اياما تعود ) فقد اصبحت اسعار الذرة لا تطاق وقد اصبحت اسعار الكسرة تفوق سعر الخبز . فرد عليه الاستاذ ابوبكر الزومة قائلاً ( ياخ استهدى بالله الراجل ما قاصد كده كان عاوز يوضح فقط انو السودانيين بعد دخول البترول تغير النمط الغذائي بتاعم ونسوا الكسرة ) . علمت من شكل النقاش ان الاستاذ علي محمود ربما ذكر الكسرة بسوء أو انه استخف بأمرها خصوصاً وأنني من الجزيرة وهم ثلاثتهم ليسوا متخصصين في موضوع الكسرة مثلي . المهم بدأ الاستاذ يوسف في شرح مفصل عن صناعة الكسرة لا انكر انني اعجبت بالمعلومات القيمة والدقيقة المتخصصة في صناعة الكسرة شرحا مفصلاً ينم عن معرفة ودراية ببواطن الامور وذكر كلاما قيما حيث ان صناعة الكسرة هذه تحتاج مواد اولية اهمها الذرة الذي يطحن دقيقاً والصاج واللدايات وقليل من الزيت أو الطايوق بالإضافة للوقود الذي اصبح بالغاز أو الحطب المسيل للدموع وذكر ايضاً ان صناعة الكسرة ربما لم تعد تروق لفتيات اليوم فكيف وبعد ان فقدنا جيل الكسرة بأكمله تحدثوننا عن الرجوع للكسرة والغريب في الامر ان الاستاذ علي محمود يقول فليعود السودانيون للكسرة ونحن نشاهد بأم اعيننا الخبز في ايدي بعض الناس والمولات العملاقة لازالت تشيد والبضائع المستوردة تملأ الاسواق والمطاعم الفخمة في شارع المطار لا تزال تبعث بروائح الشواء من كل لون وبعض السادة المواطنون لا يزالون يؤمون هذه المطاعم ويخرجون وبأيديهم اكياس مزدردة بما لذ وطاب من اصناف الطعام . في هذه اللحظة توقعت من الاستاذ ابوبكر الزومة ان يطرق برأسه ويعلن انه خسر المعركة ولكنه قال باستحياء محاولاً ان لا يكسر خاطر السيد الوزير يا سيد يوسف هل تحسدون الناس على ما اتاهم الله من فضله ؟ رد يوسف سيد احمد نحن لا نحسد احداً ولكن نرجو من السيد الوزير ان لا يكلمنا عن موضوع الكسرة هذه الا في حالة انعدام الخبز عن الجميع وان تعلن ضربة البداية من منزلهم العامر بأن تقوم السيدة حرمهم أو من ينوب عنها بإشعال شعلة الدوكة ايذاناً ببداية عهد الكسرة عندها سوف نتجه لها راضين . اما ان يكون الامر خاصاً ببعض الناس نطلب منهم الرجوع للكسرة بينما الرغيف حصرياً علي افواه معينة فهذا ما لا اقبله ولن يقبله الشعب . تحدث بعدها السيد علي محمود وقال اعلم يا اخ يوسف انه لا مجال للنكوص عن موضوع الكسرة هذه الا برفع الدعم كلياً عن المحروقات ورفع الدعم عن السلع فسأل السيد يوسف وموضوع زيادة الاجور ؟ اطرق السيد علي محمود وقال وهذه ايضاً يمكن التفكير فيها بعد رفع الدعم عن كافة السلع تطلعت في وجه الاستاذ ابوبكر الزومة وكأنه لم يوافق علي محمود الرأي هذه المرة فجأة انتابتني حالة من السعال لم استطع كتمها فشعر ثلاثتهم بي فألتفت الي الاستاذ يوسف وقال هنالك شخص اخر صاحب عمود بلاد العجائب ما رأيكم ان نحكمه في الموضوع وباغتني بسؤال اربكني عن رأي في النقاش السابق وجاء الفرج من بعيد اذ ظهر رجلان من بعيد قادمان نحونا فقلت لهم ربما يكون رأيي ليس محايداً لأنني اكتب في صحيفة الوطن المملوكة للأستاذ يوسف سيد احمد ما رأيكم ان نسأل الرجلين القادمين نحونا وافق الجميع وانتظرنا قدومهم بشرط ان اقول رأيي اذا رفض الاثنان أو اعتذروا ووافقت علي ذلك اقترب الرجلان حتى بدت ملامحهما فإذا بهما الدكتور عبد الحليم المتعافي والأستاذ خضر جبريل فحمدت الله انني استيقظت قبل ان اسمع رأيهما .