برشلونة يلعب مباراة تاريخية في ميامي ويتكبد خسارة مبكرة    أخطاء شائعة عند شرب الشاي قد تضر بصحتك    شاهد بالفيديو.. شيبة ضرار: (المصباح وأخوانه حرروا الخرطوم وعدد من الولايات ويستحق أن ينصب له تمثال)    شاهد بالصور.. روماني الهلال يفاجئ جماهير فريقه بعد توقيع العقد ويظهر بالزي القومي السوداني    تعليق مثير لمناوي    شاهد بالصور.. روماني الهلال يفاجئ جماهير فريقه بعد توقيع العقد ويظهر بالزي القومي السوداني    النصر السعودي يحسم صفقة كومان    شاهد بالفيديو.. بعد أن عثرت على صورة فاضحة لخطيبها مع عشيقته المتزوجة.. فتاة سودانية تفتح بلاغات في "نسابتها" وتقوم بسجن والده وشقيقته    بادي يستقبل وفد الامانة العامة لاتحاد المصدرين والمستوردين العرب    شاهد بالفيديو.. أخذت تتفاعل في الرقص.. سيدة سودانية تفاجئ المعازيم وتقتحم "صيوان" فرح بأحد الأحياء وهي راكبة على ظهر "حمار"    شاهد بالفيديو.. مواطن مصري يودع مئات السودانيين العائدين إلى أرض الوطن بالورود: (هدفنا هو أن نترك ذكرى حلوة عند أخواننا)    وزير الداخلية يتفقد سير العمل بالحاويات قرى ويؤكد على دورها فى دعم الإقتصاد الوطنى    4 محاور مصرية في السودان تهددها خلافات "الرباعية"    10 أشياء توقف عن فعلها على موبايلك لتحسين البطارية    تنويه هام من مجلس السيادة    الفرصة مازالت سانحة للجديان في الشان..    السفارة السودانية بالدوحة: الحكومة تسيطر على معظم البلاد    المشعل كوستي يكسب ثنائي الريان    اتحاد الكرة بالقضارف يستجيب لصوت العقل و المنطق و يخفض رسوم ارانيك التسجيلات    حُبّنا لك سوفَ يكُون زَادَك    رئيس لجنة انتخابات نادي المريخ السوداني يطلق البشريات    مصرع وإصابة عشرات المهاجرين بينهم مصريون وسودانيون    وزير المالية يوجه بسداد مستحقات الحكومة على قطاع الاتصالات في وقتها    محمد صلاح يحرج "يويفا" بعد مقتل "بيليه فلسطين"    السجن 20 عاما لرئيس وزراء تشاد السابق    شاهد بالفيديو.. أيقونة الثورة السودانية "دسيس مان" يظهر حزيناً بعد إصابته بكسور في يديه ويلمح لإنفصاله عن الدعم السريع والجمهور يكشف بالأدلة: (سبب الكسور التعذيب الذي تعرض له من المليشيا)    بعد قرعة الكونفدرالية.. رئيس نادي الزمالة أم روابة: (تحققت نبوءتي لكني لا أتمناها حالياً)    البشاعة والوضاعة تعتذران للنهود    وزير الداخلية ومدير عام الشرطة يتفقدان مركزي ترخيص أبو آدم وشرق النيل    قواعد اشتباك جديدة : الإمارات تنقل الحرب إلى ميدان الاقتصاد.    وزير الداخلية ومدير عام الشرطة يتفقدان مركزي ترخيص أبو آدم وشرق النيل    نقل جمارك حاويات سوبا الى منطقة قري شمال بحري    النيابة المصرية تصدر قرارات جديدة بشأن 8 من مشاهير «تيك توك»    تقرير أممي: «داعش» يُدرب «مسلحين» في السودان لنشرهم بأفريقيا    رافق عادل إمام في التجربة الدنماركية .. وفاة الفنان سيد صادق عن عمر يناهز 80 عامًا    كارثة تحت الرماد    ضبط عدد 12 سبيكة ذهبية وأربعة كيلو من الذهب المشغول وتوقف متهم يستغل عربة دفار محملة بمنهوبات المواطنين بجسر عطبرة    لجنة أمن ولاية الخرطوم تشيد باستجابة قادة التشكيلات العسكرية لإخلائها من المظاهر العسكرية    والي النيل الأبيض يزور نادي الرابطة كوستي ويتبرع لتشييّد مباني النادي    بالفيديو.. شاهد بالخطوات.. الطريقة الصحيحة لعمل وصنع "الجبنة" السودانية الشهيرة    حادث مرورى بص سفرى وشاحنة يؤدى الى وفاة وإصابة عدد(36) مواطن    بالفيديو.. شاهد بالخطوات.. الطريقة الصحيحة لعمل وصنع "الجبنة" السودانية الشهيرة    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (روحوا عن القلوب)    الجمارك تُبيد (77) طنا من السلع المحظورة والمنتهية الصلاحية ببورتسودان    السودان يتصدر العالم في البطالة: 62% من شعبنا بلا عمل!    السودان.."الشبكة المتخصّصة" في قبضة السلطات    غنوا للصحافة… وانصتوا لندائها    الخرطوم تحت رحمة السلاح.. فوضى أمنية تهدد حياة المدنيين    "الحبيبة الافتراضية".. دراسة تكشف مخاطر اعتماد المراهقين على الذكاء الاصطناعي    انتظام النوم أهم من عدد ساعاته.. دراسة تكشف المخاطر    اقتسام السلطة واحتساب الشعب    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    وفاة 18 مهاجرًا وفقدان 50 بعد غرق قارب شرق ليبيا    احتجاجات لمرضى الكٌلى ببورتسودان    السيسي لترامب: ضع كل جهدك لإنهاء حرب غزة    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    عَودة شريف    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدستور القادم وضرورات استيعاب التنوع
نشر في الوطن يوم 16 - 02 - 2014

هل ما تنادي به هيئة علماء السودان محاولة لاستنساخ حادثة حل الحزب الشيوعي؟
دعاوى إقصاء كيانات سياسية من المشهد السياسي لا تتسق مع خطاب الوثبة
ماذا تريد هيئة علماء السودان بمجلس الشيوخ والعلماء ومن أين يستمد مشروعيته؟
قراءة:معاوية أبو قرون
نشرت بعض الصحف الصادرة يوم الخميس الماضي تلخيصا لندوة مهمة أقامتها هيئة علماء السود ان في دارها مساء الأربعاء الماضي وأهمية هذه الندوة تكمن في أنها تأتي في سياق حالة الحوار والتداول التي يبنغي أن تكون ملازمة لواقعنا السياسي والاجتماعي.
وفي تقديري أن الندوة من خلال مخرجاتها والتي خرجت إلى الصحف تحتاج إلى التصويب والنقد لا سيما أنها جاءت بعد خطاب السيد رئيس الجمهورية المشير عمر حسن أحمد البشير والذي اصطلح على تسميته في الأوساط السياسية والإعلامية بخطاب الوثبة والذي لخص فيه أزمات البلاد بكل أبعادها ووضع النقاط الأربع لحلولها.
ولكن يبدو أن القائمين على ندوة هيئة علماء السودان قد فهموا الدعوة للحوار بين الناس «كل الناس» هي محاولة جديدة للاصطفاف مجددا لإقصاء الآخر برغم أن خطاب الوثبة قد استوعب الكثير من المضامين التي تحض على استيعاب الآخر واستصحابه في مسيرة الإصلاح الشامل باعتبار أن ذلك يمثل مدخلا صحيحا لتصحيح الاعوجاج الذي لازم المسيرة الوطنية السودانية والتي غالبا ما يتخذ فيها من وصلوا إلى سدة الحكم بوسيلة ديمقراطية أو غيرها منطق الحرية لنا وليست لسوانا منهجا ومسلكا.
محاولة لميلاد أزمة جديدة
ووفقا لما نشرته بعض صحف الخميس الماضي فإن مخرجات ندوة هيئة علماء السودان قد انتهت إلى الآتي:
٭ تكوين مجلس للشيوخ والحكماء ليكون له حق نقض قرارات مؤسسات الدولة والمراسيم الجمهورية ونصح رئيس الجمهورية.
٭ منع قيام الأحزاب الملحدة والعلمانية.
ويبدو من خلال النقطتين السابقتين أن بعض المتحدثين في ندوة هيئة علماء السودان
ومن وراء سطور حديثهم أنهم يهدفون إلى العودة إلى المربع الأول الذي أدخل البلاد وأقعدها وأزّم واقعها بصورة أكبر على ما فيه من أزمات..
ودعوني أسأل وأنا أرفع حاجب دهشتي لما جاء في النقطة الأولى ما هي معايير اختيار مجلس الشيوخ والعلماء وما هي مرجعية هذا المجلس من الناحية الدستورية والقانونية وما هي المرتكزات الدستورية والقانونية التي سيعتمد عليها هذا المجلس في ممارسة حق نقض قرارات مؤسسات الدولة والمراسيم الجمهورية ونصح رئيس الجمهورية؟
وما هو مصير المؤسسات الرسمية القائمة والتي تمارس بنص الدستور والقانون ما يشابه هذه الوظيفة التي تضطلع بها الهيئة القضائية والمحكمة الدستورية والهيئة التشريعية القومية بغرفتيها؟.
بالطبع أن المبرر الوحيد لهذا الحديث الذي لا يستند إلى منطق أو عقل أو قانون أنه جاء في إناء لا يسمح فيه بسماع الرأي الآخر ولو كان الأمر كذلك لتصدى لهذا الحديث أصغر عالم في هيئة علماء السودان.
ومن العجب أن ياتي هذا الحديث في سياق الحراك السياسي الذي أحدثه خطاب الوثبة الذي دعا فيه السيد رئيس الجمهورية الناس «كل الناس» للحوار والمزيد من الحوار للخروج ببلادنا من عنق الزجاجة والذي أدخلتنا فيه مثل هذه الأحاديث التي لا تقف على ساقين أو حتى ساق من المسؤولية.
في تقديري إن المطلوب من الأجهزة المختصة استدعاء القائمين على هذه الهيئة واستفسارها عمّا خرجت به هذه الندوة والتي تدعو إلى قيام بعض أشخاص لا ندري كفاءاتهم وعلمهم بوظيفة نقض قرارات مؤسسات الدولة والمراسيم الجمهورية ونصح رئيس الجمهورية عبر ما أسموه بمجلس الشيوخ والحكماء.
استنساخ حادثة حل الحزب الشيوعي
كذلك بدأ وربما لكثيرين أن النقطة الثانية التي خرجت بها ندوة هيئة علماء السودان والتي جاءت الدعوة فيها إلى منع قيام الأحزاب الملحدة والعلمانية قصد منها محاولة استنساخ حادثة حل الحزب الشيوعي السوداني عام 5691م والتي نقضتها الهيئة القضائية في حكم شهير لها أصدره قاضي المحكمة العليا بالإنابة المرحوم مولانا صلاح حسن عبد الرحمن في القضية بالنمرة م ع \ق م \39\5691م والتي تقدم بها الراحلان جوزيف قرنق وعز الدين علي عامر في مواجهة مجلس السيادة والجمعية التأسيسية والنائب العام «المدعى عليهم» حيث انتهى حكم المحكمة العليا في القضية الدستورية الشهيرة إلى عدم اختصاص الجمعية التأسيسية أن تعدل دستور السودان المؤقت المعدل لسنة 4691م وأن تعديل المادة الخامسة من دستور السودان المؤقت المعدل لسنة 4691 الذي أجيز في 22\11\5691م تعديل غير دستوري وأن التعديل المذكور يعدّ تعديا على حق أساس كفله الدستور للمدعين جوزيف قرنق وعز الدين علي عامر بموجب المادة الخامسة في الفقرة الثانية حسبما نصت عليه قبل التعديل محل النزاع.
وقد أدى القرار الذي أصدرته المحكمة العليا إلى أزمة شهيرة بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية من جهة وبين السلطة القضائية حيث رفضت السلطتان التنفيذية والتشريعية إنفاذ قرار السلطة القضائية والذي قضى بأن تعديل المادة الخامسة من دستور السودان المؤقت المعدل لسنة 4691م غير دستوري وبالتالي فإن عدم دستورية هذه المادة تعني بطلان القانون الذي صدر بموجب هذا التعديل والذي قضى بحظر نشاط الحزب الشيوعي السوداني ومصادرة دوره وتجميد أرصدته البنكية ومصادرة وإيقاف مطبوعاته ونشاطه السياسي والنقابي
وقد أدخلت هذه الأزمة بين السلطات الثلاث في الدولة البلاد في نفق مظلم انتهى به الأمر إلى استقالة رئيس القضاء والذي ظهر بعد بضع سنوات في المشهد السياسي عضوا مدنيا في مجلس قيادة ثورة 52 مايو 9691م والتي يرى الكثير من الباحثين وأساتذة العلوم السياسية أنها كانت نتاجا طبيعيا لحرمان الحزب الشيوعي السوداني من ممارسة العمل السياسي الذي نص عليه الدستور والذي اتجه إلى كوادره في القوات المسلحة وإلى أصدقائه في تنظيم الضباط الأحرار لينفذ أكبر ضربة انتقامية لحله مما أدى إلى استفراده بالسلطة إلى أكثر من عامين لينقض عليه رئيس مجلس قيادة الثورة جعفر محمد نميري في 22 يوليو 1791م بعد فشل محاولة الحزب الشيوعي السوداني الاستمرار في إدارة حكم البلاد بعد انقلاب الرائد المرحوم هاشم العطا الناشط في الحزب الشيوعي السوداني الذي نفذه عصر يوم 91 يوليو 1791م.
كل ذلك لا يتسق مع الوثية
إذا ما جاءت هيئة علماء السودان في ندوتها ودعوتها لإقصاء كيانات سياسية من المشهد السياسي لا يتسق مع ما جاء في خطاب الوثبة والذي دعا فيه السيد رئيس الجمهورية إلى كفالة العمل السياسي لكل الأحزاب والمؤسسات السياسية بلا قيد ولا شرط بل حتى الحركات المسلحة بشرط أن تضع السلاح وتلغي العنف من أجندتها.
وحتى دستور السودان الانتقالي لسنة 5002م قد حسم من خلال نصوصه الكثير من القضايا الجدلية ذات العلاقة بين الدين والدولة حيث نصت المادة 1\1 منه على أن جمهورية السودان دولة مستقلة ذات سيادة وهي دولة ديمقراطية لا مركزية تتعدد فيها الثقافات واللغات وتتعايش فيها العناصر والأعراق والأديان
والمادة 4\ب الأديان والمعتقدات والتقاليد والأعراف هي مصدر القوة لمعنوية والإلهام للشعب السوداني
وتنص المادة 4\ج منه التنوع الثقافي والاجتماعي للشعب السوداني هو أساس التماسك القومي ولا يجوز استغلاله لإحداث الفتنة.
وتنص المادة 7\1 منه تكون المواطنة أساس الحقوق والواجبات لكل السودانيين.
وتنص المادة 04 على الآتي:
1\ يكفل الحق في التجمع السلمي ولكل فرد الحق في حرية التنظيم مع آخرين بما في ذلك الحق في تكوين الأحزاب السياسية والجمعيات والنقابات والاتحادات المهنية أو الانضمام إليها حماية المصالحة.
2\ ينظم القانون تكوين وتسجيل الأحزاب السياسية والجمعيات والنقابات والاتحادات المهنية وفقا لما يتطلبه المجتمع الديمقراطي.
3\ لا يحق لأي تنظيم يعمل كحزب سياسي على المستوى القومي أو المستوى الولائي ما لم يكن لديه:-
٭ عضوية مفتوحة لأي سوداني بغض النظر عن الدين أو الأصل العرقي أو مكان الميلاد.
٭ برنامج لا يتعارض مع نصوص هذا الدستور.
٭ قيادة ومؤسسات منتخبة ديمقراطيا.
٭ مصادر تمويل شفافة ومعلنة.
إذن المطلوب في الدستور القادم المزيد من الاستيعاب لحالة التعدد والتنوع الموجودة في السودان وهذا التعدد والتنوع يمكن أن يتطور لمصلحة السودان العليا.
والمطلوب من هيئة علماء السودان أن تعيد تصميم إستراتيجيتها وفقا لحالة التنوع هذه والتي ستفيد الحقل الدعوي وتمكن لها بما يحقق مقاصدها الكلية.
--
زيارة الخبير المستقل لحقوق الإنسان إلى السودان ... هل تكون الأخيرة؟
خدمة (smc)
يظل موضوع حقوق الإنسان في السودان من أكثر الملفات التى تشكل تحدياً لصناع القرار في البلاد، لجهة أن (الدعاوى) التي تثار بين الفينة والأخرى، في وسائل الإعلام المختلفة، مع أنها في كثير من الأحايين يظل مجرد (شماعات) أو (قماط) ترتديها الأيادى المغرضة لتحقيق أهداف سياسية، أو مداراة العجز والفشل في ميدان الصراع السياسي، هذا على صعيد الصراع الوطني.
وأما على صعيد التحديات الدولية التي يعترضها التعاطى، أو التذرع بملف حقوق الإنسان أن غدا الموضوع ميداناً لصراعات دولية طاحنة، ولكنها «حرب باردة»، بين الدول الكبرى التي تحركها النزعة الإمبريالية، وتلك الدول الصاعدة في ميدان العلاقات الدولية، والتي بدورها تبحث عن النفوذ والموارد الطبيعية والأسواق، ولعل الصراع بين الغرب والصين في السودان، أحد أهم تمظهرات ذلك الصراع الدولى وعلى الرغم من طبيعة ذلك الصراع الإمبريالية السافرة، إلا أن الشعارات الإنسانية: كالدفاع عن حقوق وحمايتها، أحد أهم المنافذ التي تنفذ من خلالها الدول الإمبريالية تجاه الدول، ولعل السودان خلال العقدين الأخيرين، كان خير مثال للتوظيف السياسي لشعارات حقوق الإنسان.
عقوبات أحادية
وبدعوى إنتهاكات حقوق الإنسان- وأغلبها دعاوى تطلق لأغراض سياسية محضة، أو لم يتم توثيقها بشكل محايد- قامت بعض الدول الغربية، كالولايات المتحدة الأمريكية بفرض عقوبات أحادية على السودان، في تجاوز فاضح لأسس الشرعية الدولية التي قامت عليها الأمم المتحدة رغم وجود ملاحظات على أداء الأخيرة، وترتبت على تجاوزات الدول الكبرى ونزعاتها الإمبريالية الجامحة، مآسى إنسانية،لاسيما مسألة فرض المقاطعة والحصار الإقتصادييْن في محاولة لتركيع الأنظمة التي توصف ب(المارقة)، وفي حالة السودان، كان لتلك العقوبات الإقتصادية الأُحادية آثاراً مباشرة على قطاعات حيوية عدة، لاسيما قطاع الطيران المدنى، إذ تشير نتائج التحقيقات، والتى أجريت على معظم حوادث الطيران التي شهدتها البلاد، إلى الصعوبات التي تجدها شركات الطيران في تأمين الوصول إلى قطع الغيار، والتى معظمها، محتكرة لشركات أمريكية، أولشركات لها مصالح من الشركات الأمريكية، وتخشى ألتهديد بالعقوبات إن هى تعاملت مع السودان .
وتعددت وطأة التدخلات في شئون الدول الداخلية بإسم حقوق الإنسان، سواءاً من طرق الدول الكبرى والمنظمات الحقوقية الدولية، أو من هيئات الأمم المتحدة، كما تعددت معها الآليات، وتتقاطع جميعها عند نقطة واحدة: هى فرض الوصاية على الدول الأخرى.
وعلى الرغم من قساوة العقوبات الأمريكية الأحادية على السودان، إلا أنها لم تحقق أهدافها بشهادة الأمريكيين أنفسهم، وكما هو الحال مع العقوبات التي فرضها «مجلس الأمن» التابع للأمم المتحدة، و الذى تتحكم فيها الدول الخمس الكبرى ، وتمرر عبره أجندتها وسياساتها.
مقرر أممى
وتعددت الآليات التي أتبعتها الأمم المتحدة في التعاطى مع ملف حقوق الإنسان في السودان من المبعوث والمحقق وصولاً إلى صيغة (المقرر الخاص)، أو( خبير مستقل)، أو (لجنة تقصي الحقائق)، وهى المتبعة الآن ، وبموجب لوائح و إجراءات مجلس حقوق الانسان تلك، فإن السودان يقع ضمن تحت الرقابة القُطرية التى تخضع لتقييم (خبير مستقل).
والزيارة التى يقوم بها في هذه الأيام المقرر الأممي لحقوق الإنسان بالسودان مسعود بدرين، والتى تستغرق عشرة أيام، تأتى بهدف الإطلاع على جهود الدولة في ترقية وحماية حقوق الإنسان، وتقييم الدعم الفني المقدم من المجتمع الدولي، ومع أنها تعتبر زيارة روتينية، إلا أن أهميتها تأتى من توقيت الزيارة ذى الدلالة الخاصة، ذلك أنها تتزامن مع الأجواء السياسية التي أعقبت خطاب رئيس الجمهورية، وإعلانه (وثيقة الإصلاح الوطنى)، مؤخرا، و محاورها الاربعة: والمتمثلة في محاور السلام، والحريات، ومعالجة قضايا الفقر والاصلاح الاقتصادي، والهوية..وهى موضوعات لا تنفصل عن حقوق الانسان، وبعد أن بدأت الأحزاب والقوى السياسية والإجتماعية، الإنخراط في مساعيها للتوصل إلى إصلاح وطنى عميق وحقيقى.
ومن المؤكد أن الإنفراج السياسي وحزمة مخرجات الحوار الوطني حول (وثيقة الإصلاح الوطنى الشامل) سينعكس إيجاباً على واقع وتقييم حالة حقوق الإنسان في البلاد، كما يتيح فرصة أكبر لأهل السودان لصياغة مستقبلهم، بعد كل هذه السنوات من التدخلات الأجنبية التي عمقت النزاعات، ومن حيث أنها زعمت إمتلاك القدرة على إيجاد الحلول النهائية لها.
الدعم الفنى
وكان «مجلس حقوق الإنسان» بجنيف والتابع للأمم المتحدة، قام بإخراج السودان من البند الرابع الخاص بالرقابة، إلى البند العاشر الخاص بالعون الفني بشأن حقوق الإنسان السودان، أى تقديم النصائح وإبداء الملاحظات والمساعدة على بناء قدرات المؤسسات السودانية في مجالات حقوق الإنسان.
وأُعتبر إجهاض محاولات بعض الدول، كالولايات المتحدة الأمريكية لإرجاع او الإبقاء على السودان فى البند الربع نصراً ديبلوماسياً، رغم محاولاتها المستميتة لدق إسفين بين السودان والأمم المتحدة، ممثلة في المقرر الخاص، وذلك من خلال محاولات التأثير على التقارير، أو القارارت التي يقدمها أمام مجلس حقوق الإنسان.
التمسك بالسيادة
ومع وجود الملاحظات التي يبديها السودان على التقارير التي يصدرها المقرر الخاص لحقوق الإنسان، وما ينطوى عليها من مبالغات وتحيزات، لكن يظل السودان يحترم تلك الآلية(المقرر المستقل لحقوق الإنسان)، انطلاقاً من إحترامه للشرعية الدولية ممثلة في الأمم المتحدة مع إحتفاظه بحقه كدولة ذات سيادة، وقد تؤدى المخرجات التي تنجم عن الحوار الوطنى،والذى يتخلق الآن في السودان إلى تغيير في مواقف السلطات السودانية بالتمسك بحقها فى المطالبة بإنهاء مهمة المقرر الخاص، هذا إذا ما إنتفت أسباب إستمراره في مهامه.
ومن خبرة الماضة تنحصر زيارة المقرر الخاص لحقوق الإنسان في لقاء رسمية مع المسئولين، لاسيما ممثلى الجهات العدلية بجانب زيارة إلى مناطق جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور، ولقاءات مع ممثلى منظمات المجتمع المدنى، كما يُبدى عادة المقرر الخاص، ملاحظات عامة حول حرية التعبير والإعتقالات والمحاكمات والعمل الإنسانى. كما أن الخبير المستقل سيعكس هذه المجهودات التي تبذلها الحكومة في تقريره الذي سيقدمه فيالإجتماع القادم لمجلس حقوق الإنسان بجنيف.
ومهما يكن من امر فإن التحدى أمام الكتلة الوطنية سواءاً في الحكم أو المعارضة كيفية التوصل إلى آليات وطنية حقيقية لتعزيز حالة حقوق الإنسان أو التوصل إلى تفاهمات ورؤى وطنية لتطوير عمل «مفوضية حقوق الإنسان» في البلاد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.