السودان من أوائل الدول العربية التي اكتسبت فيها المرأة الكثير من الحقوق التي شكل بعضها المرتبة الأولى على الإطلاق كحق التصويت والانتخاب التي حصلت عليه في العام 1965م ونالت به الأسبقية في الدول العربية . كمانالت حق الأجر المتساوي للعمل المتساوي الذي اقره الرئيس الرحل جعفرنميرى رحمة الله عليه ، والذي مازالت تعاني من التمييز فيه المرأة في بعض الدول حتى الآن ثم تتالت حقوقها تترى حتى وصلت إلى ماوصلت إليه اليوم ونالت كثير من الحقوق وهي تسعى الآن إلى أخرى لم تنلها بعد لأسباب كثيرة وعلى رأسها المجتمع الذكوري الذي تعيش فيه ... وهي في ظل هذا السعي تفاجأوتفجع بدعوات تود أعادتها إلى المربع الأول ، اقرءوا معي هذه الفقرة :(اختلت معادلة الجندر بين الصحفيين حيث ارتفع عدد الإناث إلى اكثرمن (35% ) الأمر الذي اثر سلباً ، على قوة الأداء الفعلية ، خاصة في أوقات وأماكن الشدة لضعف استجابة العنصر النسوي ، للعمل في مثل هذه الظروف ،للأسباب المعروفة للجميع ، وعلى رأسها طبيعة العمل الشاقة والخطرة مع استصحاب التقاليد المجتمعية ، والاعتبارات البيولوجية للمرأة ، وجميعها مقدرة ومرعية .)هذه الفقرة نص عليها في ورقة وكالة السودان للأنباء (سونا) تحت عنوان سونا الحاضر والمستقبل وتحت عنوان جانبي الوضع التنظيمي والوظيفي (ص 7) .وقد تمت مناقشة هذه الورقة في الورشة التحضيرية التي تعد لمؤتمر قضاياالأعلام (ورشة الأعلام الرسمي ) .كما جاء بنفس الورقة تحت عنوان مقترحات الحلول المستقبلية –القوة العاملة :(أعادة النظر في وضع المرأة في سلك الوظيفة الإخبارية ، وبحيث أمكانيةالاستفادة منها بشكل أفضل بمراعاة طبيعة عمل الوكالة ، مقروءة مع التقاليد المجتمعية ، والتكوين الوظيفي) (ص 23) .لعمري أن هذا الحديث يدعو بوضوح إلى أبعاد المرأة عن الوظيفة الإخبارية(أو كما قال معد الورقة) وحبسها في وظائف أخرى وتكبيلها بالقيودالمجتمعية .. هل تفهمون غير ذلك !؟وهنا أود أن أقول أن تاريخ المرأة في سونا يحكي عن تقلدها لأعلى قمةالسلم الاخبارى والاداري وهي وظيفة مدير عام الوكالة التي تقلدتهاالأستاذة نعمات بلال وهي أول امرأة في المنطقة العربية تتقلد هذا المنصب.وكذا أعلى قمة السلك الاخباري وهي وظيفة مساعد المدير لشؤون التحرير التي تقلدتها الأستاذة نعمات عبد المنعم ، وتنداح المرأة في سونا في أدارة الهيئات التحريرية والأقسام والإدارات الأخرى في الوكالة حتى مداخل ..ويشهد لكفاءتها الجوائز الإقليمية والقومية الوحيدة التي حصلت عليهما سونا وهما : جائزة وكالات الأنباء العربية للتقرير المتميز ، وجائزة الصحافة السودانية لأفضل تقرير واللتين حصلت عليهم امرأة ..كما امتد نشاط المرأة في سونا ليشمل مؤسسات إعلامية أخرى أسهمت في تأسيس بعضها وترأست بعضها وعملت في البعض الأخر ومن بينها مؤسسات إقليميةودولية ومن هذه الوظائف مراسلة لوكالة رويترز ، مراسلة لمجلة قضايا نسويه دولية ، رئيس الملحقية الإعلامية بنيروبي ، أمين مجلس الأعلام الخارجي .هذا جزء يسير من سجل المرأة في قطاع التحرير وعمل التحرير الذي يرادأبعادها عنه !! .واترك التقييم للقاري الكريم . أما طبيعة المرأة البيولوجية فلم تمنعها من ممارسة مهنتها الصحفية في أعلى المستويات ، كما أن هذه الطبيعة الخاصة قد راعتها قوانين الدولة ويسرت للمرأة سبل العمل الذي أصبح حق مكتسب في كل المجالات وليس هناك قانون يحجر عمل المرأة في اي موقع ، بل أجازت قوانين الخدمة المدنيةإجازة للوضوع ، الأمومة ، مرافقة الزوج بجانب أجازة بدون مرتب للجنسين ،ونحن نتطلع كنساء ورجال معاً خاصة في قطاع الأعلام (الرائد) لسن قانون لمنح الرجل أجازة رعاية أسرة كما في بعض الدول الأخرى ومنها العربيةكالأردن التي أجيز بها هذا القانون (رعاية الأسرة) للرجل في أطار المشاركة والتكامل وليس المساواة ..هذا ما نتطلع إليه الآن .. وإنا اعتقد أن ماجاءت به الورقة يمثل سباحة عكس التيار وان موضوع الجندر قد أقحم إقحاماً للرجوع بالمرأة إلى الوراء.. وهنا يكمن الخطر كل الخطر فغداً قد تجدون قطاع الأخبار خالياً من النساء وحينها ستستشري النسخ وتتكرر انتبهوا أيها السادة والسيدات .. بعض الأسئلة المطروحة : - -هل هناك في الأصل مراسلون حربيون لسونا في مناطق الشدة ؟ -هل سبق أن كلفت صحفية في سونا بأداء مهمة ورفضتها ؟ -الايؤثر تعيين (75%) نساء ضمن مجموعة جديدة عينت مؤخراً خلال هذا العام في قوة الأداء الفعلي فيها (20 بنت مقابل 7 أولاد) ؟ -هل سبق وان رفض القصر الجمهوري اى مرشحة من سونا لأداء مهمة صحفية ؟ -الم يخص النائب الأول السابق للرئيس الأستاذ علي عثمان الصحفيات بحديث خاص في إحدى زياراته للقاهرة ؟ -هل طبيعة العمل في الوكالة اشق منها في وسائل الأعلام الأخرى والمؤسسات الصحفية ؟ -هل هناك اي توصية شبيهة انبعثت من كل أو احد هذه الأجهزة ؟ -هل وكالة الأنباء الفرنسية (AFP) التي استشهد بها كمثال يحتذي في الورقة تخلو من النساء في قطاع الأخبار ؟ -إلا ينداح أبعاد المرأة عن قطاع الأخبار على قبولها في كليات الأعلام المتخصصة في الجامعات بعض المشاهد : -تضرب مدينة الدمازين بولاية النيل الأزرق بواسطة التمرد في العام 2011م وتنبري عدد من الصحفيات للذهاب لموقع الحدث تلبية لدعوة الأستاذة سناء حمد (وزيرة الدولة السابقة) ولكن لم تيسر لهن السبل .. -تبادر احدي الصحفيات للذهاب لمناطق تنقيب الذهب لإنتاج عمل صحفي ولم يمهد لها الطريق (وعثرت بغلة) -المرأة الصحفية في سونا تغطى دورياً – حسب الفرصة المتاحة – شعائرفريضة الحج حتى العام 2007م وهذا كان أخر تاريخ لهذه لأدائها لهذه المهمة.. أما التقاليد المجتمعية التي ذكرتها الورقة والتي قالت أنها تقدرها وترعاها لتجعل منها قيدا على عمل المرأة في قطاع الأخبار .. فالمرأةاجتازتها بأمان وعملت في شتى البقاع في داخل وخارج السودان في مجال الأخبار وغيرها وبرزت وتفوقت .. وتصالحت مع مجتمعها الذي يقدر عملها ويرعاه ويجني ثماره على مستوي الأسرة والمجتمع الامكابر ومتخلف .. فهل أنت معي ؟وامعتصماه