ليست هذه المرة الأولى التي يجلس فيها الطرفان "السودان وجنوب السودان" على طاولة الحوار للتوصل لحلول جذرية للقضايا الشائكة بينهما. وليست المرة الأولى التي يدفع مجلس الأمن بحزمة من المقترحات لترضي الطرفين، وعادة ما تنتهي المفاوضات دون التوصل لإتفاق يذكر. الثقة عامل النجاح أتت المفاوضات هذه المرة وسط ترقب شديد من المراقبين، حيث يعربون عن أملهم في التوصل لحل توافقي وتحقيق السلام بعد عشرة أشهر من الانفصال والتوترات والنزاعات. وعقب اشتباكات عسكرية بين الطرفين بمنطقة هجليج في أبريل الماضي. ؛؛؛ المفاوضات جاءت وسط ترقب شديد من المراقبين، وعكفت اللجان الفنية بدورها على تقريب وجهات النظر وسط مخاوف من فشلها والعودة لمربع الحرب ؛؛؛ رأس الوفد المفاوض السوداني إدريس محمد عبدالقادر، فيما رأس وفد جنوب السودان باقان أموم. وبدأت مناقشة القضايا العالقة في العاصمة الأثيوبية أديس أبابا بحضور رئيس جمهورية جنوب أفريقيا السابق ثابو أمبيكي وسيط الاتحاد الأفريقي وبرينسون ليمان الموفد الأميركي للسودان والجنوب. وتهدف المفاوضات إلى تسوية القضايا التي لا تزال عالقة وتتمثل في الترتيبات الأمنية وترسيم الحدود بالنسبة للمناطق الحدودية، ووقف العدائيات من جانب الطرفين. وتعكف اللجان الفنية بدورها على تقارب وجهات النظر في ذات السياق، لكن الأمر برمته يتطلب توفر الثقة، والالتزام باتفاقية نيفاشا للسلام كمرجع أساسي والكف عن الاعتداءات المتكررة من جانب دولة الجنوب. وتأتي خطوة انسحاب الجيش السوداني من منطقة أبيي خطوة مثمرة تجني ثمار السلام، بالمقابل طرد الجنوب لقوات الجبهة الثورية يصب في نهر السلام، لتجنب تعثر سلسلة المفاوضات السابقة. ويبذل الوسطاء دور كبير في هذا الإطار، وسط مخاوف من فشلها والعودة لمربع الحرب. سيف العقوبات الأممية المعطيات الواقعية والتحليلات الآنية تؤكد أن قوات الجبهة الثورية كرت قوي تتكيء عليه دولة الجنوب. وهناك تسريبات إخبارية تقول إن القوات ستذهب ليوغندا في إطار صفقة كبرى بين الدولتين، ولكن الثقة تعزز المفاوضات، حيث هناك حزمة من التكتيكات ووضع حلول معقولة أثناء جولات التفاوض تقارب استراتيجية مصالح البلدين. ؛؛؛ مجلس الأمن يضع مطرقة على رؤوس الطرفين بالقرار 2046، وتستطيع أميركا أن تضغط على الجانبين للجلوس على طاولة الحوار ولكنها لاتستطيع أن توفر الثقة بينهما ؛؛؛ الطرفان اتفقا على خارطة الطريق وناقشا التفاصيل التي أعدها مجلس الأمن الدولي بحضور الوسيط الأفريقي، واتفقا على أن تعد اللجنة الفرعية أجندة التفاوض. حيث طالبت الخرطوم أن تتصدر المفاوضات قضية الترتيبات الأمنية، ورسوم النفط لاقتسام عائدات البترول، والمناطق المتنازع عليها، وقضايا منح الجنسية ووضع المواطنين في البلدين. ومن المعلوم أن أجواء التوتر سيطرت على البلدين ووضعتهما على حافة نزاع شامل. بالإضافه إلى الخسائر المادية التي أرهقت ميزانية الدولتين. ولا يختلف اثنان على حجم القضايا المعقدة بين البلدين، الأمر الذي يتطلب فترة زمنية ليست بالقصيرة أو مفتوحة المدة، كما يتطلب مرونة في الحوار وأن تكون طريقة الأخذ والعطاء سلسة وسهلة، خاصة فيما يخص ترسيم الحدود. حيث لايزال الجانبان يتنازعان بذات الشأن حتى كتابة هذه السطور. ولا يفوت علينا أن المفاوضات الحالية تستصحب قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2046 وهناك ضرورة للاستجابة للقرار الأممي، وهذه من الإيجابيات التي تتمثل في التفاوض والإقرار به خلال فترة لا تتجاوز الثلاثة أشهر، وإلا فرضت عقوبات اقتصادية ودبلوماسية على البلدين. عرمان وعقار في المفاوضات إذن مطرقة مجلس الأمن على رؤوس الطرفين، وتستطيع أميريكا أن تضغط على الجانبين للجلوس على طاولة الحوار وتستطيع أيضاً أن تدفع بمقترحات وحلول، ولكنها لاتستطيع أن توفر الثقة بين الطرفين وهذا أهم عامل يدفع بالمفاوضات إلى الأمام. ؛؛؛ عرمان وعقار ممثلا قطاع الشمال تمت دعوتهما من قبل الوسيط الأفريقي ووفق القرار الأممي، رغم تحفظات من جانب وفد الحكومة السودانية ؛؛؛ انضم إلى المفاوضات ياسر عرمان ومالك عقار ممثلا قطاع الشمال للحركه الشعبية، ولا يمثلان دولة الجنوب، ولكن يأتي انضمامهما وفق القرار رقم 2046 والذي يلزم النيل الأزرق وجنوب كردفان بوضع حد لزعزعة الأمن بين البلدين، باعتبار الاثنين يمثلان المنطقتين ويمنع استفحال المشكلة وتشابك القضايا. عرمان وعقار تمت دعوتهما من قبل الوسيط الأفريقي، رغم تحفظات من جانب وفد الحكومة السودانية، ورغم ذلك نأمل أن يفلح الجانبان السوداني والجنوبي في الوصول إلى حلول للقضايا العالقة بينهما ونزع فتيل النزاعات التي استفحلت في الفترة الماضية. خاصة أنها أثرت تأثير بالغ في اقتصاد البلدين وبالأخص دولة الجنوب الوليدة التي تعاني من ضائقة اقتصادية حادة أدت إلى حدوث فجوة غذائية ومجاعة حقيقية في المناطق الحدودية والمتنازع عليها راح ضحيتها آلاف المواطنين. ويبدو أن هذه المفاوضات قد تكون بداية صفحة جديدة من العلاقات بين الجارتين، مبنية على جسور الثقة بينهما ونهاية للحرب، في ظل أجواء يشوبها الخوف والحذر. وتأكيداً لذلك فقد باشرت اللجنة السياسية الأمنية مهامها برئاسة وزيري الدفاع بالبلدين في دراسة الملف الأمني بعد شرط الخرطوم بأن يتصدر قائمة الملفات الأخرى، وموافقة جوبا عليه، من أجل إحلال السلام.