مزارعو القضارف يحذرون من فشل الموسم الزراعي بسبب تأخير تصاديق استيراد الوقود    إيران ترد على القصف الأمريكي بعملية عسكرية    وسائل إعلام قطرية نقلا عن وزارة الدفاع: الدفاعات الجوية القطرية اعترضت هجمة صاروخية    وسائل إعلام قطرية نقلا عن وزارة الدفاع: أجواء وأراضي دولة قطر آمنة والقوات المسلحة القطرية على أهبة الاستعداد    عاجل.. رئيس الوزراء السوداني يطلق تصريحًا جديدًا    السودان..مسؤول يردّ على خطوة رئيس نادي قمّة شهير    شاهد بالفيديو.. راقصة "الطمبور" السودانية الحسناء "هاجر" تصل مصر وتشعل حفل بأسوان بوصلة رقص مثيرة على أنغام الموسيقى وطار "قسوم"    شاهد بالصورة والفيديو.. "حميدتي" يعترف بهزيمتهم وطردهم من الخرطوم وعدد من الولايات (نعم مرقونا من مناطق غالية وفقدنا فيها أغلى ما نملك) وساخرون: (يعني ما انسحاب تكتيكي؟)    شاهد بالصورة والفيديو.. (شربت الشربوت واستلمت الظرف).. شيبة ضرار يهاجم أحد أئمة المساجد ويصفه ب"الصعلوق" و"الشماسي"    شاهد بالفيديو.. "حميدتي" يخاطب أهالي الشمالية ونهر النيل: (نحنا ما ضدكم وتاني ما بنجيب "شفشافة" معانا)    شاهد بالصورة والفيديو.. سيدة سودانية توثق لحصول مولودها الجديد على هدايا بالعملة الصعبة و"الدولار" يحيط به من كل مكان    شاهد.. رسالة وداع وفراق من شاب سوداني لصديق عمره بعد فشل الصلح بينهما وإصرار صديقه على الخصام تدمي القلوب وثير تعاطف الآلاف على مواقع التواصل    عبد المهيمن يمهد لانطلاقة تحضيرات الهلال    أنور قرقاش: دعوة وزير المالية الإسرائيلي دول الخليج لتمويل الحرب وقاحة وإفلاس أخلاقي    الهلال يحفظ ماء وجه آسيا في مونديال الأندية    مدريد ينتصر.. بيلينجهام: الحرارة هنا لا تُحتمل    العين الإماراتي يغرق في المونديال.. خسائر تاريخية ووداع مُر    روديجر الضحية.. حادثة عنصرية تُفسد أجواء لقاء ريال مدريد وباتشوكا رغم انتصار الملكي    عبدالمهين الأمين والمدرب محسن سيد يزوران بعثة الرهيب بالدامر    المربخ يحول مقر تجمعه للدامر    ترمب: أضرار جسيمة لحقت بجميع المواقع النووية الإيرانية    قرقاش: وقاحة وزير مالية إسرائيل وصلت إلى دعوة الخليج وأوروبا لتمويل الحرب    حميدتي وعبدالرحيم: حالة مطاردة..(1-2)    حاج ماجد سوار يكتب: تحالف (المليشيا قحت) يتجه لإستنساخ النموذج الليبي    إدريس كامل يواجه مشاكل كبيرة..عضو المجلس السيادي السابق يكشف المثير    قوات الجمارك مكافحة التهريب بكريمة تضبط كميات كبيرة من المخدرات    أسهم الخليج تتجاهل الضربة الأمريكية    واشنطن بوست: ترامب لم يعد أمريكا للحرب مع إيران    طائرات حربية أميركية تضرب 3 مواقع نووية في إيران فجر الأحد    التلاعب الجيني.. متى يحق للعلماء إبادة كائن ضار؟    السودان.. كامل إدريس يعلن عن 22 وزارة    هل ستتأثر مصر في حال ضرب المفاعلات النووية؟    نص خطاب رئيس مجلس الوزراء "كامل ادريس" للأمة السودانية    6 دول في الجنوب الأفريقي تخرج من قائمة بؤر الجوع العالمية    30أم 45 دقيقة.. ما المدة المثالية للمشي يومياً؟    الإدارة العامة للمباحث الجنائية المركزية تتمكن من ضبط منزل لتزييف العملات ومخازن لتخزين منهوبات المواطنين    لماذا ارتفعت أسعار النفط بعد المواجهة بين إيران وإسرائيل؟    وزارة الصحة تتسلّم (3) ملايين جرعة من لقاح الكوليرا    "أنت ما تتناوله"، ما الأشياء التي يجب تناولها أو تجنبها لصحة الأمعاء؟    ماذا يفعل كبت الدموع بالرجال؟    الإدارة العامة للمباحث الجنائية المركزية تتمكن من الإيقاع بشبكة إجرامية تخصصت فى نهب مصانع العطور بمعاونة المليشيا المتمردة    الصحفية والشاعرة داليا الياس: (عندي حاجز نفسي مع صبغة الشعر عند الرجال!! ولو بقيت منقطها وأرهب من الرهابة ذاتا مابتخش راسي ده!!)    كيم كارداشيان تنتقد "قسوة" إدارة الهجرة الأمريكية    "دم على نهد".. مسلسل جريء يواجه شبح المنع قبل عرضه    السلطات السودانية تضع النهاية لمسلسل منزل الكمير    المباحث الجنائية المركزية ولاية الجزيرة تنفذ حملة أمنية كبري بالسوق العمومي وتضبط معتادي إجرام    المتّهم الخطير اعترف..السلطات في السودان تكشف خيوط الجريمة الغامضة    خسائر ضخمة ل"غانا"..تقرير خطير يكشف المثير    أدوية يجب تجنب تناولها مع القهوة    (يمكن نتلاقى ويمكن لا)    بالصورة.."أتمنى لها حياة سعيدة".. الفنان مأمون سوار الدهب يفاجئ الجميع ويعلن إنفصاله رسمياً عن زوجته الحسناء ويكشف الحقائق كاملة: (زي ما كل الناس عارفه الطلاق ما بقع على"الحامل")    3 آلاف و820 شخصا"..حريق في مبنى بدبي والسلطات توضّح    معلومات جديدة عن الناجي الوحيد من طائرة الهند المنكوبة.. مكان مقعده ينقذه من الموت    رؤيا الحكيم غير ملزمة للجيش والشعب السوداني    شاهد بالفيديو.. داعية سوداني شهير يثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة: (رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وأوصاني بدعوة الجيش والدعم السريع للتفاوض)    أثار محمد هاشم الحكيم عاصفة لم يكن بحاجة إلي آثارها الإرتدادية علي مصداقيته الكلامية والوجدانية    ما هي محظورات الحج للنساء؟    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الترابي... مداخل متعددة
نشر في شبكة الشروق يوم 08 - 03 - 2016

هناك مداخل متعددة تقود إلى د. حسن الترابي الذي انتقل إلى حياة آخرة. تعدُد المداخل يدل على ثراء وغنى التجربة الحياتية التي عاشها كسياسي وأستاذ جامعي وعالم متعدد المعارف ومتفنن في العلوم العقلية والنقلية والمعارف التقليدية والحديثة.
لم يرتبط الترابي طوال تاريخه السياسي والفكري بحالة كمون حتى وهو داخل السجون التي تردد عليها كثيراً بسبب مواقفه وآرائه السياسية والفكرية.
ونهض الترابي بعبء قيادة حركة سياسية ودينية واجتماعية صغيرة، ولكنها تضخمت وكبرت وازدهت بفعل نظره الثاقب وبصيرته النافذة وعلمه الغزير، ووافق ذلك شخصية صلبة مهابة، وقوة في الرأي وثبات عليه مهما كلفه ذلك من المحن والرزايا.
وطابق ذلك أيضاً ميراث علمي جاءه من لدن أسرته المشهورة بالعلم، وقوة شخصية فطر عليها وفطم بها أيضاً.
الطقس السياسي
بتلك السنوات الطويلة والشخصية الموارة بالحركة في بلد مثل السودان متقلب الأطوار، فإن الترابي ظل وإلى حين وفاته يمثل الثيرموتر الذي به تقاس درجة حرارة الطقس السياسي.
وبموت الترابي ورحيله المفاجئ فإن السياسة السودانية فقدت وإلى الأبد الثيرمومتر الذي يعطيك قراءة صحيحة لدرجة حرارة الطقس السياسي.
ارتبط الترابي بالأحداث المهمة في التاريخ السياسي الحديث دارت معه حيث دار، وكان في كل واحدة منها له رأيه ورؤاه الخاصة به التي ميزته دائماً عن الآخرين، ولكنها في كل مرة تبرهن على أن الدكتور يحسن قراءة المستقبل مثلما يحسن التعامل مع الواقع مستفيداً من الماضي الذي هو التاريخ بما له فيه من معارف ودراية.
كان له رأيه السياسي الصريح في حل مشكلة جنوب السودان منذ وقت مبكر من الستينيات، ورأى أن الديمقراطية هي الحل لمشكلة ذلك الجزء من السودان، متجافياً في ذلك العهد البعيد للمشكلة عن تأييد التدابير العسكرية والحملات التي قام بها الحكم النوفمبري في جنوب السودان، وهو ما توافق وتوق السودانيين لتحقيقها عملياً في الرابع والعشرين من أكتوبر العام 1964.
رؤية مبكرة
"
بسبب جمعه بين العلوم العصرية التي تلقاها في أرقى الجامعات الأوروبية،والعلوم الشرعية التي نهل منها عن طريق التلقين والقراءة الخاصة،فقد استطاع الترابي أن يوقظ في جماعته أهمية الدعوة والمناداة بالدستور الإسلامي
"
رؤيته المبكرة إلى أنه من الأفضل لمجموعته الإسلامية الصغيرة -وقتذاك- أن تشق طريقها الدعوي والسياسي دون ارتباط عضوي أو اسمي بحركة الإخوان المسلمين، كلفته الكثير داخل الجماعة وفي الأوساط الإسلامية الخارجية.
لكن الرجل ثابر على هذا المبدأ من منطلق أن لكل بلد ظروفه وتحدياته وخصوصيته التي يجب مراعاتها، وهكذا افترع لنفسه ولجماعته طريقها الخاص وأسرى بها في ليال حوالك.
ولكنها حمدت السرى نهاية المطاف، وأصبحت الحركات الإسلامية في العالم تتوق إلى بعض مما أنجزه الرجل وحركته داخل السودان، في ظروف بالغة التعقيد.
وبسبب جمعه بين العلوم العصرية التي تلقاها في أرقى الجامعات الأوروبية، والعلوم الشرعية التي نهل منها عن طريق التلقين والقراءة الخاصة، فقد استطاع الترابي أن يوقظ في جماعته أهمية الدعوة والمناداة بالدستور الإسلامي.
وكانت الجماعة قبله دون معرفة وافية بأهمية الدستور-كمبدأ وعقد اجتماعي- من شأنه أن يشكل ملامح الدولة، ويمثل الهادي والدليل والمصدر الذي تتفرع عنه القوانين، وتُدين الحركة الإسلامية له بفضل التنبيه إلى أهمية أن يوافى دستور السودان مقاصد الشريعة الإسلامية، ولطالما ألهمهم الشعار الشهير (القرآن دستور الأمة).
السياق الحياتي
ليس الدستور وحده الذي انتبهت له جماعة الترابي، ولكنها انتبهت بفضله –أيضاً- إلى أهمية اخضاع السياق الحياتي كله إلى الدين، وهي فكرة يعتبر الترابي أمها وأبوها ظل يدعو إليها منذ وقت مبكر كمقابل وترياق ضد العلمانية التي يرى الترابي أنها تتجسد في أكثر من مجال وسياق.
فشرع الترابي في بداية مشروع (أسلمة) واسع بدأه بالقوانين الجنائية، وقوانين المال والتجارة والتأمين.
واستطاع أن ينقل هذه الفكرة من حيز العقول إلى أرض الواقع، فكانت جامعة أمدرمان الإسلامية التي يرى الإسلاميون أنها مثّلت نواة وتجربة في طريق أسلمة التعليم، ذلك الطريق الذي تعبّد لها فيما بعد فعملت على حقن المناهج التعليمية في الجامعات الأخرى بالعلوم الشرعية بعد أن كانت خلوَاً منها.
وامتد أثر الترابي وحركته إلى الاقتصاد ككل، فعمدت الجماعة بناءً على حث منه وتشجيع، على إنشاء مصارف إسلامية لا تتعامل بالربا، كما شجع الجماعة على إنشاء شركات تأمين تتجافى عن المعاملات المالية المنهي عنها في الشرع الكريم، فقامت إلى جانب المصارف الإسلامية شركات التأمين الإسلامية، وتطورت هذه التجربة حتى تم تعميمها بشكل أكبر في ظل الحكومة الحالية، تماماً كما تطورت فكرة المصارف الإسلامية.
حركة الترابي
"
مؤلف الترابي الشهير المثير للجدل (الدين والفن) محاولة جريئة على الربط بين الفن وبين الدين، ليس بغرض تقريب الشقة بين ضربين يبدوان مختلفين، ولكن محاولة دمج الفن في الإطار التعبدي دمجاً كاملاً
"
اخضاع السياق الحياتي كله للدين كانت الفكرة التي دارت حولها حركة الترابي السياسية ورؤاه الاجتهادية، إذ أنه كان يرى أنه لا يوجد ضرب من ضروب الحياة العادية يمكن إخراجه من السياق التعبدي والديني إلى سياق آخر.
وكان الترابي يرى أن ذلك هو العلمانية بعينها، وجاء مؤلفه الشهير المثير للجدل (الدين والفن) محاولة جريئة على الربط بين الفن وبين الدين، ليس بغرض تقريب الشقة بين ضربين يبدوان مختلفين، ولكن محاولة دمج الفن في الإطار التعبدي دمجاً كاملاً.
ويبدو أن هذه الفكرة سيطرت على الراحل أكثر عندما عكف على وضع تفسير للقرآن الكريم، أسماه التفسير التوحيدي.
وجاء في مقدمة هذا الكتاب ما يشير إلى منهجه ففيها (مهما تتفرّق آيات القرآن وتتكثف، أو تتباين مواقع في ترتيب المصحف أو أزمنة النزول وحادثاته أو عبر سوره وموضوعاته، فهي تتصل وتترابط في سياق منظوم سُوَراً يحيط سورها بموضوعات ومعانٍ موصولة موحدة إلى بقية الآي والسور، ثمّ عبر الزمان ماضياً وحاضراً ومستقبلاً وأزلاً وعبر ابتلاءات الإنسان إزاء متفرقات الوجود. فهي جميعاً في كتاب الكون أو كتاب الوحي من الله الواحد الأحد سبحانه وتعالى.
الدين والحياة
كل هذه المحاولات التي قام بها الترابي لتحقيق الدين في حياة الناس واقعاً ماثلاً وكان له فيها القدح المعلى، لم تمنعه أحياناً من توجيه النقد إلى التجربة التي قام هو شخصياً بوضع أساسها.
وهذا يدل على شجاعته من جهة، وعلى أنه يميل إلى التجويد والتطوير من جهة أخرى، والصفة الأخيرة لازمت مسيرة الترابي السياسية، حيث عرف أنه لا يركن إلى الألفاظ ولا يستظل باللافتات.
فقد تخلى عن اسم الإخوان المسلمين رغم بريقه، ثم ترك مسمى جبهة الميثاق الإسلامي، وأسس الجبهة الإسلامية، ثم طوّرها إلى المؤتمر الوطني، ثم غادره وأسس المؤتمر الشعبي.
وبهذا، فإن الترابي يعتبر أكثر زعيم سياسي تأسيساً للأحزاب أو تطويراً لها وفي نفس الوقت زعامة لها لا ينافسه في ذلك أحد.
القدرات الفكرية الهائلة التي تمتع بها الترابي لم تمثل حاجباً وحائلاً عن قدرات تنظيمية منقطة النظير اشتهر بها الرجل، وهما صفتان لا تجتمعان في شخص واحد عادة.
القدرات التنظيمية
ولم يعهد في عظماء المفكرين أي معرفة بالتنظيم ودقائقه وتعقيداته أو شأن إدارة البشر واستعمال الرجال، وليس مألوفاً عند أصحاب القدرات التنظيمية الكبيرة أي احتفال بالفكر وشؤونه، بل العكس فإنهم قد يسخرون من الفكر وأصحابه، وفي هذا فقد تفرد الترابي عن غيره من الزعماء بأن جمع بين نقيضين: قوة الفكر ودقة التنظيم.
لم يعهد عن السودان أنه يصدر النماذج التي تلفت الأنظار، ولكن الترابي مثّل حالة خاصة جداً في السياسة السودانية، إذ أنه السياسي السوداني الوحيد الذي تطلع قادة وزعماء الحركات السياسية ذات الطابع الإسلامي في العالم إلى أن يحذو حذوه، بل وسعوا إلى الاستفادة من علمه أولاً ومن تجربته ثانياً.
ويُعتقد على نطاق واسع أن الترابي ترك بصمة لا تمحى على حركة النهضة في تونس، وعلى حركات الإسلام السياسي في العالمين العربي والإسلامي.
الحركات الإسلامية
"
الترابي رحل وحلّق في سماء التاريخ،لكنه ترك إرثاً ثقيلاً تنوء بحمله العصبة أولو القوة والعزيمة، ولم تسعفه الليالي بأن يحقق أمنية ظلت تراوده في أيامه الأخيرة وهي توحيد السودانيين في إطار أوسع من تلك الأطر الإسلامية التي طالما عمل تحت فضائها بل أمسك بأعنتها عشرات السنوات
"
وبلغ من أهمية الترابي وحركته وسط الحركات الإسلامية في العالم العربي، أن القيادات الإسلامية الكبرى في العالم توافدت على الخرطوم إبان الانشقاق الشهير بينه وبين رئيس الجمهورية، وزار الخرطوم مراراً وتكراراً وفودٌ على رأسها القرضاوي والزنداني ومولوي وقاضي حسين والذنيبات... وغيرهم ممن رأوا ضرورة السعي لرأب الصدع حتى لا تتناسخ تجربة الحركة الإسلامية في السودان.
استحق الترابي عن جدارة لقب (الحوت)، فإذا كان هذا الحيوان البحري الضخم لا يتنفس إلا عبر الحركة، فإن الترابي استمر في حركة صخّابة فوّارة موّارة حتى وهو داخل السجون التي تردد عليها كثيراً حتى في عهد الحكم الحالي الذي كان -للمفارقة- عرّابه الأول.
ورغم أنه وقت ذاك الخلاف بلغ السبعين وزاد عليها، وانفض من حوله كثير من تلامذته وحواريه، ولم يصمد معه على لأواء المعارضة ومواجهة الحكومة إلا حفنة قليلة من اتباعه، إلا أن الدكتور الترابي ظل هو وحده -في الشعبي- الذي يملك القول الفصل ويمسك بالقلم الذي من شأنه أن يحدد إطار علاقة الشعبي مع الحكومة أو مع غيرها.
رحل الترابي بالأمس وحلّق في سماء التاريخ، ولكنه ترك إرثاً ثقيلاً تنوء بحمله العصبة أولو القوة والعزيمة، ولم تسعفه الليالي بأن يحقق أمنية ظلت تراوده في أيامه الأخيرة وهي توحيد السودانيين في إطار أوسع من تلك الأطر الإسلامية التي طالما عمل تحت فضائها بل أمسك بأعنتها عشرات السنوات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.