حنّط المصريون القدماء موتاهم، وأدى هذا إلى تطور معرفتهم بعلم التشريح، فتعرفوا على الأعضاء الداخلية، وسجل الأطباء النتائج، وطوروا طرق الجراحة على أساس المعرفة التشريحية، وسجلت هذه النتائج على ورق البردي واستفاد منها الأطباء. ولا يزال الأثريون وعلماء المصريات يبحثون يومياً عن ما خفي من أسرار التحنيط وعلومه وطقوسه لدى الفراعنة، وكان التحنيط وما زال -بحسب اعتقاد كثيرين- أحد الأسرار الغامضة التي حيرت العلماء واشتهرت بها مصر القديمة، لكن لماذا بذل الفراعنة كل هذا المجهود لحفظ أجساد موتاهم؟ كان للتحنيط تأثير كبير على معرفة المصريين بالجسم، ويعتبر لغزاً ما زال يحير علماء عصرنا الحالي. وأدرك المصريون أن الأعضاء الداخلية ستتعفن قبل الأجزاء الخارجية من الجسم بعد الموت لذلك طوروا خطوات التحنيط، حيث كان الجسم يفتح ويزال القلب والرئتان والكبد والطحال والدماغ. ووفقاً للمدير الأسبق لمتحف التحنيط في مدينة الأقصر د. محمد يحيى عويضة، -بحسب الجزيرة نت- فإن التحنيط كان يبدأ بنزع جزء من المخ بخطاف معدني عبر الأنف، ثم تنزع بقيته باستخدام بعض العقاقير التي كانت معروفة لدى المحنطين آنذاك، بعدها تنزع الأحشاء، وتوضع بعض الزيوت والمساحيق العطرية في البطن بعد تفريغ محتوياتها، ثم يحشى البطن ببعض المساحيق. ثم تشبّع الجثة بملح النطرون الجاف "Natron" الذي يعمل كمواد حافظة (وهي مادة كيميائية تحتوي على الصوديوم) لإزالة الماء والرطوبة من الجسد حتى لا يتعفن، أما الأحشاء وما يخرج من الجسد فتوضع فيما تسمى الأواني الكانوبية، وبعد مرور سبعين يوماً من تشبع المومياء بملح النطرون يغسل الجسد ويلف بأربطة من القماش المدهون بالصمغ.