[email protected] أخي القاري الكريم تحية طيبة..في الاسبوع المنصرم تحدثنا بالأدلة والوثائق الأممية عن أبيي في وثائق منظمة اليونسكو وفي تاريخ أفريقيا العام وتحدثنا في هذا الاطار عن علاقة أبيي وبقارة المسيرية، واليوم نفتح نافذة آخرى لتطل منها الحقائق غير المنظورة للكثير من الناس على أبيي وذلك من خلال القصص التي تعتبر إحدى معالم التاريخ في المنطقة باعتباري فرد من مجتمع أبيي. ان أهالي المنطقة هناك جميعهم يعرفون بأن كل الذين كانوا يقودون حركات التمرد الجنوبية الأولى ومنذ عهد الاستعمار الانجليزي كان يطلق عليهم رجال (العقبة)، وبطبيعة الحال أن تلك المنطقة ليس فيها أحراش ولا اهرامات، ولا حدائق بابل المعلقة، والمنطقة لا تحظى بأي آثار للرومان، لكن يشار تاريخياً لمعالم هذه المنطقة بالمعالم المحلية كالانهار والفيوض وغيرها، ويمكننا القول بأن الجديد في المنطقة ذلك المورد الجديد (البترول) قد أظهر للعلن أسماء لأماكن في السابق كانت مطمورة تحت الأرض بأهلها، ولا أحد يعلم عنها شيئاً، أما الآن قد أصبحت حديث الساعة منها منطقة أبيي تلك البقعة الخلوية سابقاً كثيفة الأحراش في زمانها كانت تسمى (عقبة) قبل أن تسمى ب(أبيي) نسبة لخلوها من البشر ووعورة أرضها. عند مباحثات نيفاشا تفاجأ طرفا الاحتراب الحكومة والحركة بأنهما سيدخلان في تفاوض عن منطقة لم تكن يوماً مكان نزاع بل كانت مهملة، كل طرف حاول البحث عن ما ينوب عنه ويمثله في هذه المفاوضات حيث كلا الطرفين يدفع بحجته لأيلولة منطقة أبيي له، جاء وفد الحركة الشعبية لطاولة المحادثات وكان يعي جيداً بأن ممثل الحكومة المعين أكرر المعين ليس بالشخص المؤهل ليقنع الطرف الآخر بحجته فابتسم وفد الحركة وهو على يقين بأن الشخص الذي اختارته الحكومة السودانية ليس له في العير ولا في النفير بمعنى أنه خاوي الوفاض من معرفة عن المنطقة ولا عن أهلها وتاريخهم وثقافتهم غير معلومات عامة يعرفها الجميع، وليس له علاقة بالمسيرية الاصليين بصفة عامة وكأولاد كامل من المسيرية بصفة خاصة وحصري كدار أم شيبة أصحاب الحق والتاريخ، ففرح وفد الحركة لعلمه التام بامتلاك المسيرية للمنطقة بصفةعامة واولاد كامل بصفة خاصة، وحصريا دار أم شيبة عن منطقة ابيي لآنهم أهل المنطقة أبا عن جد بوجود الحقائق والمواثيق التي تثبت حقوقهم للمنطقة. وإليكم القصة.. في عام 1725 هو دخول العرب للمنطقة حيث انهم لم يصلوا تلك المنطقة بطائرة أو قطار بل أنهم أعراب رحل اكتمل وصولهم في عام الف 1775 وهم العطاوة أبناء عطية فكانوا يتمثلوا في المسيرية بشقيهم الحمر والزُرق، واخوهم رزيق جد الرزيقات فقطنوا تلك المنطقة وكان يرتحلون من مكان لآخر بحثاً عن الكلآ حينها لم يوجد هناك أسم لاشخاص أسمهم دينكا (خاصة دينكا نقوك) وبين عام 1775 وعام 1800 حصلت مشكلة بين المسيرية بشقيهم حمر وزُرق والطرف الأخر أخوهم الرزيقي، فطرد الرزيقات من تلك المنطقة فظعنوا صوب الغرب عنوة فأستقروا في منطقة الضعين أم الظعين الحالية، والمكان الذي حدثت فيه هذه المشكلة تسمى بمنطقة المسيرية سمي بالدواس أو الهواش، الآن يبعد مائتين كلم جنوب المجلد تقريباً بعد عام 1800 الى 1840 حصلت مشكلة بين الشقيقيين للمسيرية الحمر والزرق حيث كان الامير أبو أجبر هو الحاكم وشخصه مسيري أزرق قام ابنة بكسر يد بنت من بنات المسيرية الحمر فجائت البنت تبكي وتشكو لآبيها فقام أبيها بجمع أهله حيث ذهب معهم للحاكم المسيري الأزرق وذلك لابلاغه بما حدث، وعند أبلاغ الحاكم بذلك قال الحاكم لأصحاب الشكوى من المسيرية الحمر “أن أبني اكيد له رأي في ذلك فأرسل لآحضاره وعند مجيء الابن قام أبيه بترديد بعض كلمات شعر وشكر لآبنه فقام بعدها بسؤاله.. لماذا قمت بكسر يد بنت المسيري الاحمر..؟ فرد الابن على أبيه.. يا أبي كنت أرغب أن أعرف هل للانسان مخ أم طايوق بداخل عظمه، فقال الحاكم للأصحاب الشكوى ألم أقل لكم أن لابني راي فيما فعل، قوموا ليس لديكم قضية عندي، فذهب القوم وهم غاضبين. وبعد أن انتهى فصل قصة كسر يد البنت قام المسيرية الحمر بمحاربة المسيرية الزُرق وقتل في ذلك الأمير في نفس المعركة، وما حدث في المنطقة التي تسمى -أبو اجبر- هي الآن محطة للسكة حديد تبعد عن المجلد بمحطتين 40كلم، فرحل ما تبقى من مسيرية زُرق صوب الجبال فأستقروا بها في لقاوة وكادقلي وغيرها. وفي حينها لم يوجد قوم أسمهم (دينكا) فبعد ذلك تقريباً في عام 1842 جاء قوم من أقصى الجنوب أطلق عليهم دينكا نقوك بقيادة البنج السلطان كوال أروب ماتيت، وهو جد دينج مجوك والد فرانسيس دينج، والدينكا جاءوا إلى تلك المنطقة راحلين صوب الشمال عبر النيل، وهم رعاة فوجدوا في طريقهم قوم رعاة أيضاً يحكمهم حاكم اسمه عزوزه والآن توجد منطقة تبعد خمسون كلم جنوب المجلد تسمى بتبلدية عزوزة، ولعزوزة المذكور أحفاداً ينتسوا إليه حالياً موجودين بقيادة أحد أحفاده يسمى/ عزيز مقدم الدقم عزوزه رجل ثمانيني العمر. قصة تسمية (أبيي).. بعد الالتقاء قام كل من الطرفين المسيرية والدينكا بالمآخاة والتحالف فيما بينهم، فقام الطرفان العربي بأداء اليمين بالقسم على القرآن الكريم، والطرف الاخر قام بالتبول على الرماح وغيرها من معتقداته بالاشارة على أنهم أخوة فتخاوى القومان المسيرية الحمر والدينكا فرع نقوك، وذلك التحالف تم بالرقبة الزرقة منطقة من أفرع النيل و يسمى هناك بالرقبة. كذلك يحكي التاريخ المروي أنه قبل حكم عزوزه كان هناك حاكم أيضاً من نفس القبيلة لأولاد كامل فرع دار أم شيبة يسمى ببخيت الدود، ففي عهد حكمه سميت المنطقة المتنزاع عليها الآن ب (أبيي) وتقول القصة بأن إحدى بنات الأعراب كان أبوها يستحم بالنيل بالرقبة فجاءت إليه وكانت تصيح خوفاً من شيء ما، وتصرخ وتنادي أبوي ياي أبوي ياي (ابيي) فكانت تطلب النجده من أبيها باستشعارها لشيء أخافها فسميت تلك المنطقة باسم أبيي إلى وقتنا الحالي، واذا أجري بحث سيجد الناس أحفاد تلك المراة التي كانت تصرخ وتنادي لأبوها، وهي من أولاد كامل دار ام شيبة وقيل أن أسمها بخيتة. من تاريخ المأخاة التي تمت سابقا لم يسجل أي حدث يشير لسوء العلاقات بين الدينكا والمسيرية إلا في عام 1965 حيث وقعت حرابة بين المسيرية والدينكا، وهذه الحادثة تم تدوينها في التاريخ الحديث ولها سجلات بدار الوثائق المركزية بالخرطوم تشير لاحداثها لكن صلة القربى والدم والرحم والترابط بين المسيرية والدينكا وبرغم الأحداث التي تتسبب فيها النزاعات السياسية إلا أن الاحترام بين الجانبين متوفر في كل الحالات، إن أعيان الطرفين يدركون تماماً بأن السياسة هي التي كانت سبباً في كل حالات الاحتراب التي جرت بينهما، ويذكر التاريخ بأن أل نمر أو آل الجلة حكموا المنطقة عام 1905م. لكن المؤكد أن المصلحة الشخصية كانت وراء أختيار من تم تكليفهم بالتفاوض مع الحركة الشعبية فيما يخص منطقة أبيي، فقاموا بإخفاء تاريخ المنطقة وظنوا أنهم إذا رجعوا للتاريخ سوف لا يكونوا هم المستفيدين لأن التاريخ ليس في صالحهم فخافوا أن يعتمدوا على المصادر التأريخية فتخرج لهم الحقائق التي ستكون في صالح غيرهم ويكونوا هم المتضريين في كل الأحوال وهم يعلموا جيداً بأن الاستناد للوثائق التاريخية ستخرجهم من اللعبة..!!. وعلى خلفية الجهل بأهمية التاريخ والتركيز على المصالح الذاتية الضيقة أضاعوا المنطقة بقصد أو بغير قصد فاصبحت أبيي في مهب الريح، وأن الحكومة التي عينت هؤلاء للتفاوض لا تعرف أنهم سطحيون ولا أصل لهم في تاريخ تلك المنطقة.