مرتبات خرافية..تعويضات العاملين: أسرار وراء الأرقام عاد الحديث مجدداً عن زيادة وشيكة في أسعار المواد البترولية بحجة رفع الدعم غير الموجود أصلاً لسد عجز الموازنة ، أما أسباب عجز الموازنة فلا تبتدئ بالصرف علي الأمن والدفاع ولا تنتهي بمرتبات الدستوريين وما خفي أعظم . تعويضات العاملين: أسرار وراء الأرقام يتكون هذا البند من الأجور والمرتبات بشكل أساسي هذا بالإضافة إلى المساهمات الاجتماعية والاحتياطي. على الرغم من انخفاض الصرف على هذا البند في هيكل الإنفاق الجاري إلى 40.3% في عام 2012 مقارنة مع 43.6% في عام 2011. وعلى الرغم من هذا التراجع إلا أن الصرف على تعويضات العاملين قد زاد في عام 2012 من وجهة النظر المطلقة مقارنة مع العام 2011. من 9967 مليون جنيه إلى 10179 مليون جنيه، علماً بأن هذه الميزانية اعتمدت للأجور والمرتبات مبلغ 9149 مليون جنيه أي أقل من ميزانية 2011 بنحو 117 مليون جنيه. الزيادة في بند تعويضات العاملين ناتجة من الزيادة في المساهمات الاجتماعية واحتياطي تعويضات العاملين البالغة 329 مليون جنيه في ميزانية 2012.. . الصرف المتصاعد : الصرف على هذا البند في تزايد خلال السنوات الأخيرة من وجهتي النظر المطلقة والنسبية إذ كان الثقل النسبي لهذا البند 26.9% في عام 2008 ، وأصبح 31.2% في عام 2009 و32.1% في عام 2010 و43.8 في عام 2011 و40.3% في عام 2012. من بين أسباب ارتفاع الوزن النسبي لهذا البند في هيكل الصرف الجاري في عام 2011 إلى 43.8% دفع مستحقات أبناء الجنوب الذين فصلوا من الخدمة بعد الانفصال وقيام دولة الجنوب.إلا أن الاتجاه العام هو الزيادة المتواصلة لهذا البند، وهنا لابد من استجلاء السبب الحقيقي الذي يدفع هذا البند في اتجاه الزيادة المتواصلة. لأن هذه الاتجاه يتناقض مع ما ينادي به صندوق النقد الدولي وما تتضمنه سياسات التحرير الاقتصادي من ضرورة خفض الإنفاق الحكومي وفي مقدمة ذلك الأجور والمرتبات التي تدفعها الدولة. وهنا التقت مصالح حكومة الإنقاذ ودوائر رأس المال العالمي الذين يمثلهم صندوق النقد الدولي بتنفيذ أكبر عملية للفصل والتشريد والتي طالت عشرات الآلاف من العاملين في الدولة ومؤسساتها. تحالف نظام ( الإنقاذ) ودوائر رأس المال العالمي والمؤسسات التي تمثله وفي مقدمتهم صندوق النقد الدولي استخدم هذا الشعار – خفض الإنفاق الحكومي بالتركيز على بند الأجور – للتخلص من المعارضين لحكم الإنقاذ وسياسات التحرير الاقتصادي ولكسر شوكة النقابات وتدجينها وإجراء عملية إحلال للمفصولين بآخرين من أهل الولاء وذلك لتثبيت أركان الحكم وإزالة كافة العوائق أمام تطبيق سياسات التحرير الاقتصادي وبخاصة تفكيك قطاع الدولة وبناء وتوسيع القاعدة الاجتماعية التي يرتكز عليها نظام الحكم. إمكانية تطبيق هذه السياسات تطلبت، إلى جانب تصفية بؤر المعارضين لها ، ضرورة إقامة أجهزة قمعية تثبت أركان النظام و تحرس بقاءه وتنفذ سياساته. وهذا هو السبب الرئيس لزيادة بند تعويضات العاملين... وأن هذه الزيادة لا تأتي كنتاج لقيام الدولة يخلق فرص استخدام تذكر في الأجهزة المدنية بما فيها في دائرة الأنشطة الاقتصادية. الصرف المتزايد في هذا البند و الذي لم يعد يعترض عليه صندوق النقد الدولي، يعود في المقام الأول إلى سعى نظام الإنقاذ المتواصل للتوسع في الأجهزة العسكرية والأمنية والشرطية وكذلك في القطاع السيادي والصرف عليها بسخاء. هذه الأجهزة تستحوذ على معظم الاعتمادات المخصصة لبند تعويضات العاملين، فتعويضات العاملين في قطاع الدفاع والأمن والشرطة والقطاع السيادي تشهد زيادة سنوية- مطلقة ونسبية من جراء الزيادة المستمرة في أعداد العاملين فيها وزيادة مرتباتهم ومخصصاتهم. . مرتبات خرافية : الأجور والمرتبات الكبيرة التي يتقاضاها شاغلو الوظائف العليا في هذين القطاعين فضلاً عن المخصصات والمزايا النقدية والعينية التي يحصلون عليها ، تثقل كاهل الدولة وتبدد مواردها . وفقاً لأحد الباحثين المهتمين بالشأن العام فإن قانون مخصصات الدستوريين للعام 2003م قضي بأن يكون المرتب السنوي لرئيس الجمهورية 520 ألف جنيه ، ومرتب نائب رئيس الجمهورية 490 ألف جنيه ، ورئيس المجلس الوطني 485 ألف جنيه ، أما الراتب السنوي لمساعد رئيس الجمهورية ومستشار رئيس الجمهورية ونائب رئيس المجلس الوطني فتتراوح مابين 390 ألف جنيه و 445 ألف جنيه ، أما مرتب الوزير الاتحادي فيبلغ 390 ألف جنيه ورئيس مجلس الولاية 370 ألف جنيه في السنة ، أما مرتبات وزير الدولة والوزير الولائي ورئيس اللجنة الدائمة بالمجلس الوطني والمعتمد فتتراوح مابين 325 ألف جنيه (للمعتمد) و345 ألف جنيه في السنة لكل واحد منهم . هذا بالإضافة إلي العديد من المخصصات والامتيازات النقدية والعينية التي يحصل عليها هؤلاء من بينها الصيانة الدائمة والعلاج المجاني لكل واحد منهم ولأفراد أسرهم وتعليم الأبناء علي حساب الدولة والسكن المؤقت وتذاكر السفر وفوائد ما بعد الخدمة السخية ....... الخ ، علماً بأن هذا القانون قد تم تعديله في العام 2005م ليصبح أكثر سخاء من سابقه تجاه هذه المجموعة من الطفيليين التي تزداد ثراء وتراكم الثروة ، علي حساب فقراء السودان. المرتبات الضخمة، إلي جانب المزايا الأخرى التي تحصل عليها مجموعة الدستوريين هي التي جعلت وزير المالية ورئيس المجلس الوطني يصران علي ضرورة إجازة الميزانية دون أن يتم تعديل قانون مخصصات الدستوريين للعام 2005م ، ليواصل الدستوريون الاستمتاع بمرتباتهم ومخصصاتهم التي يجيزها لهم هذا القانون المعيب. المرتبات والمخصصات التي يتقاضاها كبار المسؤولين، بالإضافة علي حصولهم علي دخول كبيرة من ريع المنصب وانغماسهم في ممارسة أنشطة أخري مستفيدين من نفوذهم المستمد من الوظيفة التي يشغلونها ‘ هذه العوامل هي التي تجعل كل واحد منهم يتمسك بالبقاء في موقعه عقوداً من الزمن. شمل بند تعويضات العاملين في ميزانية العام 2012م احتياطيا يبلغ 270 مليون جنيه ، ويشير مشروع الموازنة إلي أن احتياطي تعويضات العاملين أعتمد لمقابلة سد العجز في الأجور والمرتبات الممركزة وبقية البنود ومقابلة أي التزامات تصدر بشان الهياكل الوظيفية (مشروع موازنة العام المالي 2012م ص 29). الاحتياطي في هذا البند يتم اعتماده عادة لمواجهة أوجه الصرف الطارئة في هذا البند ، وبما أن ميزانية العام 2012م قد اعتمدت ضمن بند تعويضات العاملين – بند الأجور والمرتبات مبلغ 150 مليون جنيه لمقابلة التعديلات في شروط الخدمة و15 مليون جنيه لإزالة المفارقات و16 مليون جنيه لإعادة الهيكلة -فبالتالي يصبح بند احتياطي تعويضات العاملين الذي أعتمد له مبلغ 270 مليون جنيه قد خصص لمواجهة تكاليف التوسع في التعيينات (السياسية) وكذلك لتمويل عملية استدعاء قوات الشرطة والأمن لقمع الاحتجاجات .