[email protected] مدخل: لا يحتاج المرء إلي حشد و استدعاء اشتراطات ابن خلدون ليقف واثقا من موت نظام المؤتمر الوطني وتسارع خطاه إلي مثواه الأخير ، وربما لا يحتاج الناظر أيضا إلي الوقوف علي حافة قبر القذافي في صحراء المجهول ، أو عند منفي بن علي أو علي الصالح ، ليدرك أن البشير يمضي إلي ذات المصير ولكن بوسائل قد تختلف وأدوات ربما تتباين… جميع الانظمة التي منيت بالسقوط عبر التاريخ كانت تتقاسم خصائص مشتركة هي التعويل علي وسائل القمع والتخويف لكسب التأييد ، والتعاطي مع الاخر المعارض علي انه يمثل محور الخيانة ولا يشاركهم حب الوطن وان كانوا ينحرونه من الوريد الي الوريد… نظام البشير انطلق من نفس المكونات وسار علي ذات الطريق الذي اورد الذين قبله مورد الفناء وسقاهم كأس الهلاك مابين منفي ومخفي … لم تكن الكارثة في فساد النظام وقهره وكذبه وتهويماته الجهولة ، وإنما تكمن المأساة في ضرب العمق والقضاء علي الجذور وتداعي الاساس. غالب الانظمة التي انهارت من حولنا ذهبت دون ان تهدد وحدة بلدانها ودون ان تهتك نسيج المجتمع وتشيع روح الفرقة والشتات ، وأيضا ذهبت وتركت عفاف حدودها وأراضيها مصان وفي مأمن…طال الزمن او قصر سوف يلحق البشير ونظامه بسلفه من المتسلطين والجبابرة الذين ما خلدوا ولم تخلد لم السلطة ولم يمنعهم مدد التسلط وشدة القهر من الزوال ، ولكن من اي الاصفار سوف نبدأ بناء السودان الذي سوف يتركه النظام جثة هامدة لا تجدي معها كل محاولات الانعاش… ؟؟ النسيج الاجتماعي تهتك وتعالي النفس الجهوي وأصبح للعنصرية دعاتها ومنظريها وبحماية من النظام ، وأصبح لها منبرها الرئاسي وإعلامها الرئاسي وخالها الرئاسي ، وذات العقلية التي تراقصت طربا حول محفل ذبح الثور الاسود حين انفصال الجنوب سوف تمضي قدما في تقسيم ما تبقي من السودان ومن ذات الرؤى المريضة والجنون الهدام. الاقتصاد السوداني اصبح في عداد المفقودين بعد قضي ان النظام علي بنية الصناعات التحويلية وحول الزراعة والأراضي الزراعية الي ضيعات تباع للدول في وضح النهار بواسطة اخوة الرئيس المبجلين ومن سار في ركابهم من سماسرة النظام ،وعليه ان المشاريع الزراعية في السودان تحتاج لمليارات الدولارات لإعادة تأهيلها ، بل فقط لتقف علي قدم واحدة … وعن الصحة حدث ولا حرج ، وتلزمنا ارقام فلكية لكي نصل لتقديم مستوي علاجي متوسط ناهيك عن المستويات المتقدمة او حتى الجيدة ، هذا غير مكافحة الامراض المستوطنة في المناطق الموبؤة … اما الخدمة المدنية فهذا شأن اخر بالإضافة الي اوصالها الممزقة ، سوف تبرز للسطح قضايا المفصولين وتسوية حقوقهم في بلد لم يزل في غرفة العناية المكثفة … والنازحين وإعادة توطينهم وتعويضاتهم وجبر كسرهم وما ادراك ما ذلك … وقطعا اذا اتيح لأتباع النظام الهرب عبر الطائرات المعدة للفرار في مطار مروي سوف يخرجون ولن يتركوا في خزينة الدولة فلس وسوف تجد الحكومة الجديدة نفسها في وضع لا تحسد عليه . وأيضا سوف تظهر قضية هجرة الكوادر التي ساهم النظام في اخراجها وطردها خارج حدود الوطن … المعارضة مشغولة بتسوية القضايا السياسية ووضع دستور تمهيدي وكيف تكون ادارة الفترة الانتقالية من ناحية سياسية ، لن تنجح أي حكومة انتقالية في ادرة سودان ما بعد البشير ما لم تضع نصب عينها القضايا سالفة الذكر وبتخطيط مسبق ودقيق … اذن مطلوب من شرفاء الاقتصاديين وضع معالجات تزعف الوضع ما بعد ذهاب النظام الحالي ، ومطلوب ايضا من خبراء فض النزاعات استحضار افكارهم والاستعداد لتلك المرحلة ، وكما هو مطلوب ايضا من الزراعيين اعداد خطط اعادة النهوض بالزراعة في السودان . اما الكوادر المهاجرة يجب تسهيل عودتهم بطريقة سهلة وهم دون شك فئات مختلفة ، بعضهم ملّ الاغتراب ويحلم بالعودة للوطن ليعطي دون ان يأخذ والبعض الاخر مرغم للبقاء لتوفيق بعض الاوضاع الخاصة ، وهذا الجزء الاخير يجب الاستفادة من فترة اجازاتهم للعمل دون مقابل الي حين وقوف البلد ، وحسابيا لو فرضنا ان عدد الكفاءات المهاجرة حوالي ثلاثمائة الف ، هذا يعني توفر حوالي خمس وعشرين الف علي رأس كل شهر من خلال اجازاتهم السنوية ، ولو تبرع أي مهاجر شهريا بخمسمائة دولار فقط ، هذا يعني توفير مئة وخمسين مليون دولار شهريا ، وبالمواظبة علي هذه المساهمة لمدة عام واحد فقط يمكننا حل مشكلة البنية التحتية لكل مستشفيات السودان … اذن سقوط النظام وحدة لا يحل قضايا السودان وتربع حكومة ديمقراطية علي قمة السلطة لن ينجب حلول السحر من نماء وتقدم واندماج اجتماعي ، وانما الذي يحل قضايانا هو الاستعداد لاستقبال السودان الذي سوف يتركه النظام عاري الجسد ومتسارع الانفاس وخاوي الوفاض… اذن علينا تلمس نطقة البداية قبل ان تغيب شمس النظام والتحفز لبناء وطن جديد بعيدا عن انتماء الفكر والجهة والدين واللون… ولنا عودة