مهد المشير عمر البشير لزيادة أسعار المحروقات والكهرباء في إجتماع مجلس شورى حزبه يوم الجمعة زاعماً بأن الدعم الحكومي يستهلك (14) ملياراً من المصرفوات الحكومية البالغة (25) ملياراً. وأيد إسحق أحمد فضل الله – أهم كتاب الإسلاميين وموصول بأجهزة المؤتمر الوطني الأمنية والسياسية – كذبة عمر البشير في عموده أمس بالإنتباهة ، ولكنه كشف عن سيطرة إحدى عشر شخصاً على إقتصاد البلاد ، حيث كتب : (…كنا نحمل بين أوراقنا نسخة لتقرير سري تُصدره جهة في المالية أول العام هذا وفيه تقول إن أحد عشر شخصية هم من يملك «كل» مصارف وشركات وهواء السودان …. ما يقوله التقرير هو هذا… وما تقوله الهوامش هو ما يراه الناس من الخراب…). ورد إسحق إحتكار ال (11) شخصاً كالمعتاد إلى (المؤامرة) الخارجية ، بعد (24) عاماً من سيطرة المؤتمر الوطني المطلقة على البلاد! والواضح ان حزبه وأجهزته اما جزء لا يتجزأ من هذه (المؤامرة) أو ان طريقة حكم الحزب غير قادرة على صد المؤامرات وفي الحالتين غير مؤهل للحفاظ على البلاد ، ولكن إسحق المصاب بالإكتئاب – كما قال – مما وصل اليه حال مشروعه لا يجرؤ على طرح الأسئلة الحقيقية ويكتفي بترداد الوساوس القهرية عن (المؤامرة) . والأزمة التي يتهرب منها إسحق غياب الديمقراطية ، فهي التي تجعل سلطة غير مراقبة تبدد موارد البلاد في الصرف السياسي والأمني والدعائي بدلاً عن التنمية والخدمات . كما انه في غياب الديمقراطية يجرد العاملون والفقراء من المؤسسات التي يدافعون بها عن حقوقهم ، مما ينتهي إلى تحول موارد البلاد إلى ( دولة بين الأغنياء) ، وهؤلاء الطفيليون إلههم الحقيقي المال وهم على إستعداد لبيع ذمتهم الدينية والوطنية للحفاظ عليه ، وليس غريباً في هذا السياق ان ينتهوا إلى (عملاء) مخابرات ضمن عمالتهم الموضوعية لرأس المال المعولم . وكي لا يشطح إسحق ورهطه بعيداً نعطيه بعضاً من مؤشرات تخصيص المال العام في ظل سلطة غير مراقبة من مواطنيها . ففي اخر ميزانية خصص للأمن والدفاع والداخلية (8,593) مليار جنيه (جديد )، وللقطاع السيادي (1.552(مليار جنيه (جديد)، في مقابل (555) مليون جنيه (جديد) للصحة، و (554) مليون جنيه (جديد) للتعليم. وبحسب الارقام المعلنة فان ميزانية الدفاع والامن تساوى (15) مرة ميزانية الصحة و(15) مرة ميزانية التعليم ، واذا اضفنا ميزانية الدفاع والامن للقطاع السيادى فجملة ميزانيتهما (11,145) مليارجنيه ، بينما جملة الصحة والتعليم (1) مليار جنيه ، بما يعنى ان الامن والسيادى يساويان ميزانية التعليم والصحة (11) مرة ، ويفوقان الصحة والتعليم بنسبة (1100) %. وظل هذا إتجاهاً ثابتاً لدى الإنقاذ ، حيث كانت ميزانية القصر الجمهوري عام 2009 ، (235) مليون جنيه ( 235 مليار جنيه بالقديم) ، بينما ميزانية رئاسة وزارة الصحة (122) مليون ، ووزارة التربية والتعليم (31) مليون ، ووزارة الرعاية الإجتماعية (6) مليون ( مع حذف الكسور) . وخصص لتنمية القصر الرئاسي (5) مليون ( 5مليار قديم) ، وتأهيل مباني وزارة الدفاع (121) مليار ، هذا بينما خصص لجملة مشروعات المياه القومية (2.5) مليون ، وخصص لجملة مشروعات تنمية القطاع المطري (8) مليون (8مليار). والنتيجة ان ميزانية القصر الجمهوري تفوق ميزانية الصحة والتعليم والرعاية الإجتماعية مجتمعة ! وتساوي ميزانية تنمية القصر الرئاسي ضعف ما خصص لمشروعات المياه . وتساوي ميزانية القصر الجمهوري (235) مليار زائداً ميزانية تنمية القصر الرئاسي (5) مليار ما يعادل (40) مرة ميزانية الرعاية الإجتماعية (6) مليار ! فهل من إجرام أكثر من ذلك ؟! وفي ميزانية عام 2005 وبناءً على مراجعة ديوان المراجعة العامة رصد للقطاع المطري التقليدي 300 مليون دينار للتنمية ولكن عند التنفيذ صرف على هذا القطاع 100 مليون دينار فقط، ولكن كهرباء الفيلل الرئاسية اعتمد لها 659 مليون دينار وعند التنفيذ صرف عليها ضعف ذلك المبلغ.!! بما يعني أن الصرف على كهرباء الفلل الرئاسية يفوق الصرف على تنمية القطاع التقليدي حيث يعيش أكثر من 50% من السودانيين ! فهل من إجرام أكثر من ذلك ؟! هذا وقد ظل متوسط الصرف على رئاسة الجمهورية طيلة السنوات العشرة السابقة يساوي (11) % من جملة المنصرفات الحكومية ! وطيلة سنوات التسعينات ، وبحسب الأرقام الحكومية ، كانت ميزانية الوفود والمؤتمرات تفوق ميزانية التعليم ، كما تفوق ميزانية الآليات والحاصدات الزراعية ! وأقر عمر البشير في جلسة مجلس الوزراء 24 مارس 2011 ، بحسب الناطق الرسمي للمجلس، كما أوردت صحف 25 مارس ، بان (الحوافز) وصلت في بعض المؤسسات والوزارات إلى ما يساوي مرتب (18) شهراً ، ووصف ذلك ب (النهب المصلح) . وكنموذج لهذا النهب صرف وكيل وزارة التربية والتعليم معتصم عبد الرحيم (165) مليون جنيه كحافز على تصحيح الإمتحانات التي لم يؤشر فيها بقلم !! فهل من إجرام أكثر من ذلك ؟! واعترف وزير المالية في حوار مع صحيفة (السوداني ) 22 يونيو 2011 ، بأن عمر البشير يرسل كل فترة مظاريف للوزراء بمبلغ (2) مليون جنيه ! فمن أين له هذه الأموال ؟ ولماذا لا تدخل في الميزانية العامة ؟ .