الثلاثاء 1 فبراير 2011م….. طالعت مقال بعنوان “أحوال السجناء في سجون السودان”، كتبه الأستاذ محمد أحمد علي، ونشره بموقع سودانيزاونلاين، ويحكي فيه عن تجربته التي عاشها خلال سجنه، وعن الأوضاع داخل سجن أمدرمان، وذكر فيه، “…..حيث المسجون يدفع ويدفع ويدفع ويدفع للعساكر مقابل حقوقه المسلوبة. بعض العساكر يجبرون المساجين على اقتسام المبالغ المالية التي تأتيهم كمصاريف من الزائرين وإن رفض السجين فالقيد بانتظاره ويمارس معظم العاملين بالسجن هذه الأنشطة “. وأصابني الذهول عندما قرأت ذلك، فمعنى هذا أن المصاريف التي تدفعها الأسر للسجناء يتم قسمها مع العساكر داخل السجن وإن لم يفعلوا يتعرضوا للعقوبة!!!!!!، وتحيرت فيما ذكره الأستاذ محمد أحمد علي، من أمر دفع المساجين مبالغ مالية لعساكر السجون. وذهبت بتفكيري إلى أن المسجون مغلوب على أمره، فمن أين يجد النقود ليدفع للعساكر، وأن المبالغ التي تخصصها لهم أسرهم لا تكاد تكفيهم ولا تفي بالمتطلبات، وذلك لأن الغلاء متزايد والأسعار تبلغ أضعافاً داخل السجن!!!!!!!، فهذه المبالغ المالية على قلتها لا تتحمل اقتسامها مع العساكر!!!!!!!، والمفروض أن تقوم إدارة السجن بتوفير كل متطلبات السجين من أكل وشرب، وبالتالي لا يحتاج السجين إلى شئ أخر!!!!!!، ولكن بدل أن تقوم الإدارة بواجباتها، يحدث العكس!!!!!!!!. وواصلت القراءة “….. كل يوم يكون هناك أمر بنقل بعض السجناء إلى سجون السودان المختلفة. وعليك إن رغبت البقاء في داخل السجن أم درمان أو النقل لسجن آخر معين الدفع بمبالغ تتراوح بين 50 – إلى 100 جنيه. ويتكرر الدفع بصورة دورية إن رغبت البقاء داخل سجن أم درمان .ولا يوجد ممنوع داخل السجن فقط ادفع”. وتعجبت إلى أن الدفع هو القاعدة الأساسية لتسيير الأمور داخل السجن ومن لا يملك أموالاً ليدفع، بالضرورة تسوء أموره وأحوال أسرته التي تضطر للسفر إلى ولايات السودان المختلفة حتى تزوره!!!!!!!!. واصل الأستاذ محمد أحمد علي حيث ذكر “عنابر كولمبيا ونيفاشا (برة) تكون من نصيب السجناء المفلسين أو الذين يرفضون الدفع للعساكر”. وقلت في نفسي، بناء على ما ذكره الأستاذ محمد أحمد، إذا افترضنا جزافاً، أن نفس الوضع الذي يحدث داخل سجن أمدرمان، هو نفسه ما يحدث بسجن كوبر!!!!!!، وحتى على مستوى تقسيم العنابر، يمكنني أن أستنتج أن أبوذر موجود بعنبر اسمه (كولمبيا) وأعرف أنه لا يمكن أن يدفع للعساكر بالسجن، مهما كلفه الأمر!!!!!!، ولذلك تم وضعه بهذا العنبر على أساس تصنيف يحدث من بعض العساكر داخل السجن، كما فهمت من المقال!!!!!!. وتساءلت في نفسي، إذا صدق ما كتبه الأستاذ محمد أحمد علي، فهذا معناه أن الفوضى العارمة قد ضربت بكل أطناب السجون في السودان، وأن الفساد المستشري في أوساط السجون أصبح هو النظام السائد وأن القاعدة مقلوبة!!!!!!!، وبدلاً أن يكون الهدف من السجن هو التأهيل والإصلاح والتهذيب، يحدث العكس!!!!!!، وإذا كان السجين نزيه وشريف، فهذا معناه أن يفقد حقوقه التي كفلها له القانون!!!!!!. وتعجبت أكثر لأن عساكر السجون من المناط بهم حفظ القانون وتنفيذه ولكن هم الذين يخرقونه ويدفعونك دفعاً لانتهاكه!!!!!!!. واحترت كثيراً إلى أن ما يحدث يتنافي مع الفلسفة العقابية الأساسية التي شرعت وخلقت لأجلها السجون!!!!!!، وتساءلت أيضاً، هل أصبح الغرض الأساسي من السجون الآن، هو عزل المجرم عن المجتمع وتأهيله ليصبح أكثر إجراماً؟؟؟؟؟ ومن يحتاج لسجون تؤهل للجريمة والفساد؟؟؟؟؟؟ وما الهدف من إنشاء سجون بغرض زيادة موارد الثروة لإدارة السجن ولعساكره؟؟؟؟؟ وما ذنبنا نحن أسر المساجين حتى يتم جني الثروات التي تحقق الثراء لعساكر السجون من أموالنا؟؟؟؟؟ وأحسست بالأستياء والبؤس إلى أن السجون أصبحت وصمة عار في جبيننا، وأن السجناء يعانون الآمرين داخل سجنهم ويتم تحميلهم على إرتكاب الجرائم بدل تأهيلهم وإصلاحهم، وأننا بدورنا نعاني أضعافاً جراء ذلك!!!!!!!، لم أعرف ماذا أقول أو أفعل في هذا الابتلاء الذي أُبتلينا به!!!!!!!!!، وقلت في نفسي، ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا، ربنا ولا تحمل علينا إصراً كما حملته على الذين من قبلنا، ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به وأعف عنّا وأغفر لنا وأرحمنا!!!!!!!.