كشفت مصادر اقتصادية لصحيفة ( اليوم التالي ) الصادرة بالخرطوم اليوم الأربعاء إن المصارف السودانية تلقت إخطارا رسميا من نظيراتها السعودية وبعض المصارف الغربية، بإيقاف التعامل المصرفي معها، ابتداء من 28 فبراير الجاري . وأكدت المصادر، إن بنك السودان المركزي تلقى إخطارا رسميا بإيقاف كافة التحويلات والمقاصات من وإلى المصارف السعودية . ولدى اتصال (حريات) بالخبير الاقتصادي الدولي الدكتور إبراهيم البدوي هاتفياً في محل إقامته بدولة الإمارات العربية المتحدة أكد البدوي أنه سمع بدنو تنفيذ هذه الإجراءات منذ قبل أسبوعين تقريبا كانذار من قبل البنوك العالمية وقال : (البنوك اخطرت البنوك السودانية بعدم قدرتها على فتح خطابات اعتماد خلال فترة قريبة) . وشرح البدوي خطورة هذا القرار على الاقتصاد السوداني ومبلغ أثره وقال إن الحكومة السودانية ربما استطاعت تأجيل أزمة وشيكة كارثية ببعض الإجراءات ولكنها لن تستطيع تلافيها، قائلا : (لو استطاعوا اخذ خطوات احترازية بعد سماعهم بالقرار، ربما استوعبوا الصدمة على الاقل لفترة، ولكن اذا لم ياخذوا احترازا ستكون هناك ازمات كارثية تاثيراتها مباشرة على سوق النقد الأجنبي في خلال أيام ، سيكون هناك تاثير سلبي كبير جدا بزيادة الطلب والهلع للاستحواذ على النقد الأجنبي لأنه اذا لم توجد خطابات اعتماد من البنوك لا بد من مبالغ نقدية حاضرة لعمليات الاستيراد المختلفة). واضاف البدوي ان القرار يأتي في الغالب كنتيجة مباشرة للعقوبات الاقتصادية الأمريكية على السودان، وتساءل هل هي لذلك أم ضمن أية خطة أخرى، ولكنه قال إنها ربما أتت ضمن رغبة أمريكية ملحة لتكون للاجراءات مصداقية على كل الدول المستهدفة، ولكن بالعموم فإنها لا بد تكون مرتبطة برؤية سياسية مدركة بالتحولات السياسية. وشرح البدوي تفصيلا تأثيرات القرار الاقتصادية على السودان قائلا : (من ناحية اقتصادية تأثيراته كبيرة جدا على السودان، التحويل التجاري سيتحول إلى تبادل سلعي ومن الصعوبة بمكان على السودان أن يستفيد من الائتمان المصرفي وخطابات الاعتماد للبضائع المستوردة وللتصدير، وأثر ذلك على الاقتصاد كبير جداً خاصة ان السيولة بالعملة الصعبة غير متوفرة في أحيان كثيرة، وأتصور ان هذا سيضيف عبئا كبير جدا على الاعباء الفادحة على الاقتصاد السوداني، ومن ناحية فإن هذا قد يؤدي الى دفع الأوضاع في حلحلة الأزمة السودانية لأن الاقتصاد من المحفزات للحراك السياسي، فالواقع تعبير لازمة سياسية فيها عزلة والعقوبات المصرفية من أكثر العقوبات ايلاما، فالعقوبات التجارية يكمن الالتفاف حولها عن طريق دول اخرى لكن عقوبات التحويلات المصرفية شديدة الأثر، وأمريكا لديها هيمنة شاملة على النظام المصرفي العالمي فهي تمتلك رمز التحويل العالمي للبنوك وكل البنوك العالمية التي تتعامل معها تجد نفسها مجبرة للالتزام بالاجراءات الامريكية، وربما غضوا الطرف في الماضي عن التعاملات المصرفية والآن لسبب ما قرروا تشديدها، وهذه ستكون تبعاتها كبيرة بالذات توفير السلع الضرورية، كمشتقات البترول والسلع الغذائية، فكلها يتم استيرادها بخطابات ائتمان بدفعات مؤجلة، ولكن بعد القرار الحالي لن يكون الا بالدفع الحاضر، وكثيرا ما لا تكون السيولة بالنقد الاجني متوفرة وبالتالي قد تكون هناك اختناقات لفترات طويلة فيما يشبه الأزمة. هذه هي القراءة الاولية لتاثيرات القرارات الأخيرة ولكن التفاصيل غير واضحة حتى الآن). وأجرى البدوي مقارنة مع الحالة الإيرانية قائلا : (العقوبات على ايران حينما كانت مقتصرة على الجانب التجاري كانت مؤلمة لكن لم تقعد الاقتصاد ايراني ولم توصله إلى حافة الخضوع والركوع الا بعد ان ادخلت تشديدات شديدة على صعيد خطابات الاعتماد مما أدى لتعويق الاقتصاد الايراني، واعتقد بالنسبة للسودان سوف يكون لها نفس التاثيرات وقد تكون مقصودة لهدف معين).