الجمعة 25 فبراير 2011م …..ذهبت إلى السوق الشعبي أمدرمان وقصدت سوق الخضار، لأشتري خضار الأسبوع وكل ما يستلزم أبوذر من خضروات الأسبوع، لإيصالها له بالسجن!!!!!!!، وفي كل أسبوع أذهب فيها إلى سوق الخضار، تجدني أبحث عن الأطفال الذين يجرون الدرداقات، ويعتصر الآلم قلبي، وأنا أراءهم يلهثون وراء لقمة العيش، مضطرين إلى العمل، متحملين أعباءه النفسية والجسدية!!!!!!!!. وفي كل مرة، أتحسر على ضياع الطفولة البريئة، فهؤلاء الأطفال معرضون للاهمال والقهر والحرمان، وللعنف وللقمع، وللضرب وللإهانة، وللإساءة البدنية والتحرش الجنسي في السوق، من أصحاب النفوس الدنيئة الذين قد يستغلونهم أبشع استغلال!!!!!!!، ومعرضون كذلك، للانحراف والانجراف والميل لأرتكاب الجرائم!!!!!!!. وذهبت بتفكيري إلى إن استغلال هؤلاء الأطفال قد قننته المحلية وأصبح يأخذ الطابع الرسمي!!!!!!، حين حرمتهم من حريتهم وكرامتهم وآدميتهم، لحظة أن قامت المحلية، بتسليمهم هذه الدرداقات التي تؤجرها لهم بسعر عالِ!!!!!!!، فجعلت الطفل، يبدأ يومه من الساعة الخامسة أو السادسة صباحاً وينتهي في العاشرة أو الحادية عشرة يومياً، وبالمقابل يتقاضى الأطفال، مبلغاً زهيداً!!!!!!، وتتقاسم معهم محلية أمدرمان ما يتحصلون عليه من مبالغ ضئيلة، وأحياناً لا يكادون يجنون شيئا في يومهم، وكل ما يتحصلون عليه، يذهب لصالح المحلية التي لاتعرف التهاون أو أي ظروف استثنائية، قد تجبر الطفل وتعجزه، عن أن يجد المبلغ المتفق عليه!!!!!. اليوم، تقابلت مع أحد الأطفال وتجاذبت معه أطراف الحديث، وقال لي، إن المحلية قد رفعت سعر المبلغ الذي يدفعونه من 10 جنيهات إلى 13 جنيه!!!!!، مما جعل الوضع ازداد صعوبة بالنسبة لهم!!!!!!!!. قلت له، وماذا ستفعلون لمقابلة التزاماتكم ودفع المبلغ المتفق عليه للمحلية، هل ستطلبون بالمقابل زيادة أجرتكم؟؟؟؟؟ قال لي: من الصعب حدوث ذلك!!!!!!، قلت له، ولماذا؟؟؟؟. قال: مثلاً، أنا وافقت على أن أصحبك لشراء حاجياتك وحملها لك، ولم أحدد لك مبلغاً معيناً، وهذا متروك لتقدير الناس!!!!!!!، قلت له، ما المتوسط الذي تجنيه من الشخص الواحد؟؟؟؟؟؟، قال لي: على أعلى تقدير لا يتجاوز ال2 جنيه، وهناك من يعطيني أقل من ذلك، وإذا طلبت أن يزيد المبلغ، ينتهرني، ولا أملك إلا الصمت والرضى بما يدفعه الناس!!!!!!!!!. قلت له: هل عرفت، لماذا زادت المحلية المبالغ المتحصلة منكم؟؟؟؟، قال لي: إنه لا يعرف، ولكن تم إخطارهم بها وأصبح لزاماً عليهم دفعها!!!!!!، قلت له، كم جملة المبلغ الذي ينبغي لك دفعه شهرياً للمحلية؟؟؟؟، قال لي، بعد الزيادات المفروضة، فإنهم يدفعون مبلغ 410 جنيه شهرياً، للمحلية!!!!!!!!. وتحيرت في ذلك، فقد يتحصل الطفل على مبلغ ضئيل جداً، قد يصل إلى النصف أو أقل، أو لا يكاد يتحصل على شئ، وبالمقابل، يقضي يومه كله ليسدد للمحلية!!!!!!!، وقد يرجع لأسرته، خاوي الوفاض، لم يكسب غير التعب والجوع، ولم يستطيع أن يتناول أي وجبة خلال يومه الطويل الذي قضاه، وراء اللهث!!!!!!!!!. وأحسست بتعاسة وشقاء وحرمان الأطفال، وهم يكدون وراء لقمة العيش، وأن الأطفال أمثالهم يرتعون باللعب، وينخرطون بالمدارس!!!!!!، وتساءلت في نفسي، أليست المحلية مسؤولة مسئولية مباشرة عن هؤلاء الأطفال وما يحدث لهم؟؟؟؟؟ أليست مسؤولة عن حمايتهم من الجنوح والجريمة؟؟؟؟ أليست مسؤولة عن تعليمهم وعلاجهم؟؟؟؟؟ ولماذا تتخلى المحلية عن مسئولياتها وبالتالي تستغل هؤلاء الأطفال الصغار لتجني من وراءهم أموالاً طائلة؟؟؟؟؟ ولماذا تستغل ضعفهم وحاجتهم لما يسدون به رمقهم؟؟؟؟ ولماذا لا توفر لهم بالمقابل وجبة يأكلونها أثناء كدهم وكدحهم لجني الأموال؟؟؟؟ ومن المسؤول عن تعرضهم لأمراض بسبب عملهم؟؟؟؟؟ وما ذنب هؤلاء الأطفال ليتم استغلالهم بهذه الصورة؟؟؟؟؟ ألانهم فقراء، ولا تملك أسرهم نفقات المدارس ومصاريف تعليمهم المكلفة؟؟؟؟؟؟؟ . تحيرت حيرة شديدة فيما سيحدث لهؤلاء الأطفال، وفيما سيكون عليه مستقبلهم المظلم، وقد ساروا في درب ضياع مقنن وأخذ طابع رسمي من الدولة، تحت ستار الجشع والطمع، وذلك، عندما انتهكت طفولتهم، حين خالفت المحلية، في ذلك القوانين والتشريعات التي تحظر عمالة الأطفال، ضاربين بذلك أسوأ مثل في استغلال براءة الطفولة وطهرها!!!!!!!. وقلت في نفسي، حسبي الله ونعم الوكيل!!!!!!!.