بالبكاء والنحيب كانت تستقبل شابة اختطفها عناصر الدولة الإسلامية من عائلتها، الشخص الذي اتخذها سبية له، وقد مرّت أسابيع وهو ما زال يتردد عليها في قرية نائية قرب سنجار. سكان القرية التي تقطنها عشيرة عربية، لم يعرفوا قصة ليلى (16 عاما) في البداية، لأن صاحب المنزل حيث أودعت البنت، متورط مع التنظيم ويحرص على الكتمان لكن حياة القرويين لا أسرار فيها، إذ فُضح الأمر بعدما تهامست النسوة بينهن "المسكينة إنها ايزيدية". قصص أخرى مشابهة باتت متداولة في المناطق القريبة من سنجار، خاصة قضاء البعّاج (120 كيلومترا غرب الموصل)، حيث توجد مختطفات كثيرات تم توزيعهن على مقاتلي التنظيم المتطرف. مشفى البعّاج استقبل آيزيديات في حالة صحية حرجة إثر تعرضهن للاعتداء الجنسي والعنف الجسدي من قبل خاطفيهن. ويتساءل طبيب استقبل عددا من الضحايا ورفض ذكر اسمه خوفا من المتطرفين "كيف يمكن لإنسان عاقل ان يقدم على هذه الفعلة الشنيعة؟ انه اغتصاب علني وجماعي". ويضيف "أُصبت بالذهول فعلا بعدما أشرفت على معالجة عشر نساء إحداهن لم تتجاوز الثالثة عشر من عمرها وكانت حالتها الصحية والنفسية سيئة جدا". بين السبايا العشر سيدة معروفة، كانت مديرة مدرسة في إحدى مناطق تركز الآيزيديين، وقد تحفّظ الطبيب على ذكر اسمها مراعاة لمشاعر أهلها وأصدقائها. ويؤكد الطبيب "هذه السيدة الثلاثينية وصلت المشفى مؤخرا وهي فاقدة للوعي ولأول وهلة حسبناها ميتة، وأظهر الفحص أنها تعاني ضعفا عاما ولولا المغذيات والأدوية التي أعطيت لها لكانت اليوم في عداد الموتى". ويختم الطبيب شهادته بأنه تبيّن لاحقا أن "السيدة أضربت عن الطعام لأيام، بسبب تعرضها للاغتصاب على أيدي مجموعة من رجال الدولة الإسلامية". لا تتحدث ليلى لأحد وترفض الخروج من غرفتها الصغيرة إلا لقضاء حاجتها وتمسك عن الطعام إلا بقدر ما يبقيها على قيد الحياة. ربة المنزل الذي تُحتجز فيه ليلى كانت متعاطفة معها مثل الغالبية الساحقة من أهل القرية، لكن لا أحد يجرؤ على الاعتراض، خاصة وأن زوجها حذرها بحزم "الأمير لا يرحم أحدا". بعد محاولات عدة كسرت المرأة صمت البنت المخطوفة ونجحت في كسب ثقتها، فعلمت إنها مريضة وبحاجة ماسة للعلاج. كان على المرأة وليلى أن تقطعا مسافة 130 كيلومترا لبلوغ الموصل، لذا سألت المرأة زوجها عن إمكانية الذهاب إلى هناك، وبعد يومين أبلغها أن الأمير موافق، لكن بشرط أن يرافقهما أحد عناصر التنظيم خشية هروب السبيّة. وسط المدينة، دخلت المرأتان على طبيبة أمراض نسائية والأخيرة هي التي روت قصة ليلى كما سمعتها منها مباشرة. وقالت الطبيبة التي طلبت الإشارة لها باسم مروة إن"البنت كانت شاحبة الوجه وتشكو آلاما شديدة ومنهارة نفسيا، لكنها أفضل بكثير من السبايا اللواتي شاهدتهن في المشفى، فقد تعرضن للضرب المبرح بسبب رفضهن تلبية طلبات عناصر التنظيم. في مشفى الجمهوري تعامل الكادر الطبي مع امرأة روسية الجنسية تنتمي للدولة الإسلامية، وتشرف على علاج الآيزيديات. وبحسب إحدى الممرضات، كانت الروسية شديدة جدا ترتدي الخمار وتحمل عصا تضرب بها السبايا وحتى الطبيبات إن لم ينفذّن أوامرها، وكانت مسؤولة عن ضمان عدم هروب الآيزيديات من المشفى، بعد محاولات عدة فاشلة. وتوصف الممرضة وضعيتين للسبايا، الأولى أن بعض السبايا أصبحنّ زوجات لمتطرفين بعد إجبارهن على اعتناق الإسلام، مثلما حدث مع ليلى، والثانية يتم ترك السبيّة لأفراد التنظيم ليستمتعوا بها متى شاؤوا، لا سيما المقاتلون مكافأة لهم على "خدمتهم للدولة الاسلامية". ولا يعلم العدد الحقيقي للسبايا حتى اليوم لكن معظم التقارير تتحدث عن المئات من النساء وهن موزعات بين سوريا ونينوى، أما المقر الأكبر لاحتجازهن فهو قضاء تلعفر (60 كم غرب الموصل) كما يؤكد شهود من داخل القضاء. وقبل اسبوع فقط أعلن زعماء آيزيديون عن فرار 50 رهينة معظمهم نساء من تلعفر وصلوا إلى جبل سنجار وسبق ذلك بأيام إعلان تحرير 200 رهينة بالفدية وبوساطة شخصيات عشائرية عربية. ولم يأخذ معظم المتطرفين من أبناء نينوى سبايا لأن المجتمع ينبذ ذلك بشدة، وإن كان لا أحد يجرؤ على الاعتراض علنا لأن السيوف مسلّطة على الرقاب. وقال أحد وجهاء القرية التي تُحتجز فيها ليلى مقولة سمعها الجميع هناك "العائلة التي تفتح بيتها لمن يخطف النساء سوف يلاحقها العار لسنوات طويلة". أما ليلى فإنها وقبل مغادرتها عيادة الطبيبة مروة توسلت إليها أن تعطيها عقارا أو أي شيء يمنع الحمل، لأنها لا تريد العودة إلى أهلها ذات يوم وهي تحمل طفلا من "أقذر الرجال".