السفير السعودي لدى السودان يعلن خطة المملكة لإعادة إعمار ستة مستشفيات في السودان    مليشيا الدعم السريع تكرر هجومها صباح اليوم على مدينة النهود    منتخب الشباب يختتم تحضيراته وبعثته تغادر فجرا الى عسلاية    اشراقة بطلاً لكاس السوبر بالقضارف    المريخ يواصل تحضيراته للقاء انتر نواكشوط    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    شاهد بالصور والفيديو.. على أنغام الفنانة توتة عذاب.. عروس الوسط الفني المطربة آسيا بنة تخطف الأضواء في "جرتق" زواجها    المجد لثورة ديسمبر الخالدة وللساتك    بالصورة.. ممثلة سودانية حسناء تدعم "البرهان" وثير غضب "القحاتة": (المجد للبندقية تاني لا لساتك لا تتريس لا كلام فاضي)    المجد للثورة لا للبندقية: حين يفضح البرهان نفسه ويتعرّى المشروع الدموي    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    الناطق الرسمي للقوات المسلحة : الإمارات تحاول الآن ذر الرماد في العيون وتختلق التُّهم الباطلة    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    قرار بتعيين وزراء في السودان    د.ابراهيم الصديق على يكتب: *القبض على قوش بالامارات: حيلة قصيرة…    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    باريس سان جيرمان يُسقط آرسنال بهدف في لندن    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    صلاح.. أعظم هداف أجنبي في تاريخ الدوري الإنجليزي    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    المريخ يخلد ذكري الراحل الاسطورة حامد بربمة    ألا تبا، لوجهي الغريب؟!    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    بلاش معجون ولا ثلج.. تعملي إيه لو جلدك اتعرض لحروق الزيت فى المطبخ    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاقتصاد السفلي : حرمان السودان أكثر من 12 مليار دولار سنوياً من تحويلات المغتربين بسبب فساد الحكومة و نهجها التدميري
نشر في حريات يوم 13 - 01 - 2015

من السمات المعروفة لحكومة الاخوان المسلمين الكذب و المزيد من الكذب و تحرٍي الكذب "عينك عينك" دون خجل أو حياء أو حساب لشعب أنهكته السياسات المدمٍرة للبشر و الحياة و الأرض و العرض و كل شئ …من ذلك و بحسب مصادر الحكومة الثابتة التي لم يتم نفيها تصريحهم بأنًه في خلال العام 2014 وحده تم خروج 480 ألف مغترب جديد..ذكر المصدر نفسه (رئيس جهاز شؤون المغتربين) أن هنالك يومياً ما بين 5 إلى 8 ألف تأشيرة جديدة..(صحيفة السوداني بتاريخ الثلاثاء 6 يناير 2014)..حتى و بدون الفحص بالوسائل المتعارف عليها ، سنجد أن هذا الخبر يناقض بعضه بعضاً…فلو حسبناها … أيام العمل في السنة تبلغ 250 يوماً ، عندما نأخذ الحد الأدنى ستكون النتيجة 250*5000 = 1.250.000 مليون و مائتان و خمسون ألف تأشيرة جديدة بحساب 5 ألف تأشيرة و ليست 8 ألف..هذا يؤكد بأن مصادر الحكومة لا يمكن الاعتماد عليها بأي من الأحوال…و في كل شئ، بل مثل هذه التصريحات تصلح نموذجاً يستشهد به على أنً النظام يديره لصوص فاسدون متناحرون و جهلاء لا يعرفون شيئاً..و مع ذلك أغبياء لدرجة أنهم ينفون رواياتهم في الحين و اللحظة حتى قبل أن ينتهوا من تغوطها عبر أفواههم النتنة…الباحث عن الحقيقة و الموضوعية لن يقف كثيراً عند مثل هذه المعلومات العارية من الصحة، فبمجرد النظر إليها سرعان ما يصاب بالغثيان و الاشتمئزاز، و يزداد قناعة بأنً أسباب معاناة الشعب السوداني تمشي بيننا عياناً، و أنً من ينتسبون لهذا النظام و يسيٍرون أمور الدولة فيها لا يمكن الوثوق فيهم على إدارة عدة كيلو غرامات من الكركدي في سوق "أم دورور" بأحد الأسواق الشعبية في الرهد أو أم روابة، ناهيك من أمور دولة مثل السودان لها إرث حضاري و تاريخي يمتد لأكثر من أربعة آلاف سنة و تتمتًع بكل مقوٍمات الدولة الناجحة.
بحسب المعلومات الموثوقة عدد المغتربين السودانيين في السعودية الذين يعملون فعلاً يقدر عددهم جميعاً بحوالي 670 ألف (بعد اسقاط الكسور) ، و أنَ هنالك بعض الاحصاءات غير المؤكَدة تقول بأنً أعداد المغتربين في السعودية يشككلون ثلث المغتربين السودانيين في جميع أنحاء العالم و هذا ايضاً تقريبي..أى أن الرقم الصحيح لعدد المغتربين السودانيين (في عدم وجود إحصاءات رسمية يعتمد عليها ) لا يمكن معرفته أو التكهن به….و نظراً لعدم وجود مصدر للمعلومة يحدد عدد الذين يعملون في الخارج ، لن نستطيع تحديد رقم حتى تقريبي لعدد المغتربين السودانيين في دول المهجر..لذا سنتناول مثالاً واحداً و نحصي عددهم في دولة واحدة تتوفر لديها احصاءات عن عدد العمالة الوافدة و تفاصيلها حسب الجنسيات التي تضم السودانيين..سنعتمد على الاحصاءات السعودية و محاولة ايجاد الحد الأدنى الممكن لعدد السودانيين الذين يعملون بها بعيداً عن المعلومات المغلوطة و المتناقضة..ايضاً هنالك فرق بين عدد السودانيين المغتربين و عدد الذين يعملون منهم..ما نتحدث عنه هنا الذين يعملون وفقاً لبيانات مكتب العمل السعودي التي تعكسها تقارير مصلحة الاحصاء في نفس الدولة…في هذا الشأن يجب التنبيه إلى أنً الكثيرين من أرزقية النظام يحملون إقامات في كل من السعودية و الأمارات و لكنهم لا يعملون، فقط يتخذون منها ما يعتقدونه ملاذاً آمناً للفرار حال سقوط النظام..أيضاً هؤلاء رغم تزايد أعدادهم بصورة مزعجة في السنوات الأخيرة إلاً أنهم خارج حساباتنا لأنهم لا يحوِلون مبالغ للسودان و إنًما يأتون بمبالغ بالعملة الصعبة من السودان في "أكياس القمامة" و يصرفونها في الخارج.
أياً كان عدد السودانيين الذين يعملون بالخارج، الحقيقة التي لا جدال فيها هى أنهم جميعهم لديهم ارتباطات أسرية بالسودان..و لديهم أسر داخل السودان تعتمد عليهم بنسبة تتجاوز ال 50% في المتوسط من أجل لقمة عيشها..و لو لا وجودهم خارج السودان لماتت أسرهم جوعاً في ظل سياسة الافقار التي تنتهجها الحكومة.. ، ففي السودان إمًا أن تكون مع النظام و هذه نسبة قليلة يدخل ضمنها الغثاء و ضعاف الإرادة و المرتزقة و اللصوص و القتلة ..الخ، و هؤلاء لا يتجاوزون 5% من الشعب السوداني، أى أنها نسبة لا يعتد بها، ثم الطبقة الميسورة و هى لا تتجاوز 2% من الشرفاء الذين يمكنهم العيش بما يجنونه..ثمً النًازحين بالداخل الذين شرَدهم النظام و يقدَر عددهم بحوالي 5 مليون أي 12.5% من جملة الشعب السوداني، و هؤلاء تتكفل ببعض احتياجاتهم من الطعام المنظمات الدولية، و النشطاء من الشباب و الخيرين الذين يوفرون لهم بعض المعينات الصحية و بعض الكساء….أما باقي السودانيين فهم يشكلون 80% من الشعب السوداني، و جميعهم معتمدين على أولادهم و أهلهم المغتربين في دول المهجر..و لو لا وجود هؤلاء المغتربين لمات هؤلاء ال80% الذين يشكلون أغلبية الشعب السوداني جوعاً…هذه المقدٍمة ستكون مدخلنا لمحور الحديث عن سياسات الحكومة التدميريًة و كيف أنها استبدلت الاقتصاد الرسمي بالاقتصاد السُفلي ، و كيف تتم تحويلات المغتربين ..و عدم استفادة خزينة الدولة منها بسبب سياسات حكومة الاخوان المسلمين التدميرية للشعب السوداني بطريقة ممنهجة..
كما ذكرنا، لن تستطيع أي جهة أن تحدد رقماً يعتدَ به لعدد السودانيين العاملين بالمهجر، السبب في ذلك أن الحكومة (الجهة الرسمية) من مصلحتها عدم تحديد عددهم فهى دوماً تسعى فيما تسعى لطمس الحقيقة مهما كانت و السبب في هذا السلوك المشين هو أنًها ( الحكومة) مجرد عصابات من اللصوص و المفسدين في الأرض و تخشى الحقيقة أكثر من خشيتها للخالق (جلً و علا).. تسعى لسرقة كل شئ، و الجبايات التي تفرضها على المغتربين ليس استثناءاً، فهى حريصة على اخفاء الارقام الحقيقية من الجبايات حتى على أجهزتها الرسمية .. الاحصاءات التي تصدر عنها فاقدة للمصداقية و لا يمكن الاعتماد على أي منها في الوصول إلى حقيقة أو شئ قريب من الحقيقة، هذا بخلاف أنها متناقضة فيما بينها و يوجد فيها مبالغات كثيرة إذ أنها مجرد أرقام لا تستند لأي قاعدة..و دونكم ما أوردناه من تناقض في بداية الحديث.
بعيداً عن سلوك النظام الشائن و سياسات الحكومة التجهيلية، تقول الحقيقة بأن السعودية تستحوذ على نصيب الأسد من المغتربين السودانيين، حيث يوجد على أراضيها على الأقل ستمائة و سبعين ألف من المغتربين السودانيين يشكلون ما نسبته 11% من حجم القوى العاملة الوافدة المسجلة لدى مكتب العمل السعودي و البالغة ستة ملايين و خمسة و خمسون ألفاً بحسب آخر الأرقام المحدثة في العام 2014 بواسطة مصلحة الاحصاءات العامة و المعلومات السعودية … تحت الرابط: http://www.cdsi.gov.sa/ مع العلم بأنً الاحصاءات تشمل فقط العاملين بالمؤسسات و الشركات المسجلة بمكتب العمل و لا تضم العمالة المنزلية من سائقين خصوصيين و مهن أخرى تصنف تحت العمالة المنزلية..و بحساب بسيط لمتوسط راتب كل فرد من شرائح العاملين السودانيين بالسعودية الجدول التالي يوضح طريقة الحساب التقديري وفقاً للبيانات المتوفرة عن معدلات رواتب كل واحدة من الشرائح الثلاثة و ما تشكله كل منها في تركيبة المغتربين السودانيين الذين يعملون بالسعودية عدا العمالة المنزلية و أرزقية النظام:
كما يبيٍن الجدول: حوالي 60% من السودانيين يعملون في مهن عمالية بمتوسط راتب شهري مقداره 2500 ريال سعودي لكل واحد منهم، و 35% يعملون موظفين (أطباء، مهندسين، مهنيين…الخ) بمتوسط راتب شهري يبلغ 8 آلاف ريال سعودي ، أما الشريحة الثالثة فهى الخبراء الذين تقدر نسبتهم بحوالي 5% و يقدر متوسط رواتبهم الشهرية في حدود 30 ألف ريال سعودي، فإذا افترضنا أن كل واحد من هؤلاء يحوٍل نصف دخله للسودان لأسرته و أعماله التي يصرف عليها داخل السودان لوجدنا أنً هؤلاء ال 670 ألف سوداني يحوًلون مبالغ تقدر بحوالي (6.217.600.000) ستة مليار و مائتان و سبعة عشر مليون و ستمائة ألف دولار إلى السودان سنوياً ، أي أكثر من ميزانية الحكومة السنوية شاملةً العجز..و التي تعتمد على الضرائب و الجمارك بنسبة تفوق 60%….للتذكير(في الموازنة العامة العام الماضي بلغت الايرادات 25.2 مليار جنيه والنفقات 35 مليار جنيه ، العجز فيها 10 مليار جنيه..) هذا يعنى أنً الميزانية كلها في العام الماضي كانت 5.7 مليار دولار حسب المقابل بسعر الصرف الرسمي في ذلك الوقت..) يبقى القول أنً عدد السودانيين الموجودين في باقي دول العالم بخلاف السعودية سنفترض أنهم ليسوا الثلثين، سنحسب وفقاً للحد الأدنى وأقلَ الاحتمالات و نقول أنهم لا يزيدون عن عدد الموجودين بالسعودية و يحولون مبلغاً مماثلاً، ستكون النتيجة بأنً السودانيين في دول المهجر باستطاعتهم تحويل مبلغ لا يقل عن 12 مليار دولار سنوياً على أقل تقدير و هو ما يفوق ضعف الميزانية العامة للدولة في السنة.
لدينا الآن رقم تقريبي للسودانيين العاملين بالسعودية و رواتبهم و رقم تقريبي لتحويلاتهم الشهرية و حددنا كم يمكن أن يحول السودانيين العاملين بالخارج سنوياً من العملة الصعبة التي أصبحت خزينة الدولة خاليةً منها في ما عدا القروض التي ينهبونها و مقدرات الوطن التي يبيعونها و يرهنوها….فلو حسبناها سنجد أن المغتربين في السعودية فقط بإمكانهم أن يكونوا مصدراً لدعم خزينة الدولة بالعملة الصعبة و المساهمة الفاعلة في حل مشاكل الاقتصاد السوداني فقط لو توفرت السياسة الاقتصادية المعقولة ( و لا نقول الحكيمة) من جانب الحكومة، و لكن الحكومة لا يعنيها الاقتصاد في شئ، بل على العكس فسياساتها جميعاً مبنية على تدمير كل ما له علاقة برفاهية الشعب السوداني و عيشه الكريم، رغم أن ذلك يتعارض مع مصلحتها في البقاء على سدة الحكم، و لكنها لأسباب أخرى معلومة تسعى بكل ما أوتيت من قوة لتدمير الشعب السوداني و تفتيت بلده و تشريده و عدم السماح له ليكون مثل شعوب العالم الأخرى..فسياساتها جميعاً قائمة على افتعال الحروب و المشاكل و التدخل في شئون الجيران ..و هذا كله تنفيذاً لأجندة الماسونية العالمية ..(و هذا ما تحدثنا عنه كثيراً في سلسلة مقالات سابقة) ..لم تستفيد خزينة الدولة شيئاً و السبب في ذلك يرجع لسياسات الحكومة التدميرية الممنهجة للاقتصاد السوداني..
الذي يعلم الطريقة التي تتم بها تحويلات المغتربين لن يسأل كثيراً ، لمن لا يعرفون .. تحويلات المغتربين لا تتم عبر القنوات الرسمية، و إنما يوجد في دول المهجر و خاصة السعودية (موضوع الدراسة ) سودانيون يعملون بجانب وظائفهم في خدمات التحويلات (يستلمون بالريال، و يسلمون بالجنيه في السودان، في الحين و اللحظة) و يؤدون مهمة الصرافات و البنوك ، أما البنوك السودانية فهى محظورة و لا يتم التعامل معها و بالتالي فهى قناة غير موجودة في التحويلات ، رغم أنه كان لديها فروعاً في سفارات النظام بالخارج و لكن لا يوجد من المغتربين من يلجأ لخدماتها، و جميعها أغلقت أبوابها ..و لم يكن لها دور يذكر حتى في الماضي القريب إلا في الفترة من 2000م و حتى 2008م عندما كان الفرق بين سعر الصرف الرسمي و السوق الأسود معقولاً…و حتى في ذلك الوقت كان دورها محدوداً لأنها تفرض رسوم تحويل ثابتة و كذلك خدماتها بطيئة و غالباً ما تصاحبها أخطاء في الحوالة نفسها بسبب عدم تأهيل الكادر الأمني الذي يجمع بين الوظيفتين… حالياً يحدد بنك السودان سعر صرف الدولار بنحو 5900 جنيه، بينما يبلغ سعر الصرف في السوق الأسود حوالي 9000 جنيه و بهذه الحسبة يكون الفرق بين السعرين 3100 جنيه أي حوالي 52.5%، كان العام الماضي قد بلغ أكثر من ذلك لأن سعر السوق الأسود غير ثابت أما السعر الرسمي فهو ثابت، و السبب في ذلك أن النظام ينتهج سياسات اقتصادية تدميرية (غير مرنة ) مما أنتج هذه الفجوة بين السعرين، هذا على الرغم من اعتماد كل مؤسسات القطاع الخاص والأفراد و حتى الحكومة نفسها على السوق الأسود. و عمليًاً لا يوجد أحد يتعامل بالسعر الرسمي، كل الشركات والافراد والمستوردون وحتى البنك المركزي يعتمد في حساباته كلها و مشترواته على السوق الأسود، و هذه واحدة من السياسات الوخيمة التي تتبعها الحكومة و تسببت في الكثير من المشاكل للاقتصاد السوداني حيث اصبح يتحكم فيه السوق الأسود و بطريقة مقننة تنتهجها الحكومة نفسها..و أبعد من هذا رأينا كيف أنً الحكومة تحتكر بالتضامن مع شركات منسوبيها الكثير من السلع الضرورية و تبيعها للمواطن بسعر السوق الأسود، و بمعنى آخر فإن الاقتصاد السوداني هو الاقتصاد الرسمي الوحيد في كل أنحاء العالم الذي يتحكم فيه الاقتصاد السُفلي و تتخذه الدولة بديلاً عن الاقتصاد الرسمي و تأطٍر له سياساتها الأحادية، في أكثر الظواهر شذوذاً على وجه الأرض و سابقة لم يعرف لها التاريخ المعاصر مثيلاً في أي مكان بالعالم.
قد يسأل بعضنا مرةً أخرى: لماذا لا تستفيد الحكومة من هذه التحويلات التي تفوق ميزانيتها السنوية بكثير؟ و الحكومة تشتكي دوماً من نقص العملات الصعبة و تستعمل ذلك شماعة تعلق عليها فشلها في كل مناسبة أو دون مناسبة؟ لا يوجد مغترب واحد اليوم في أي بلد يستخدم القنوات الرسمية في تحويلاته لداخل السودان..و السبب الرئيسي هو الفرق الكبير بين سعر الصرف الرسمي و سعر السوق الأسود…إذاً و على طاري السوق الأسود هذا يقودنا للحديث عن ماهيًة السوق الأسود الذي اوجدته و انتهجته الحكومة في الأساس..و آثاره التدميرية على الاقتصاد….و لما كان موضوع السوق الأسود طويلاً و شائكاً، سنكتفي هنا بنبذه مختصرة عن دور الحكومة في سيادة السوق الأسود على كل شئ في السودان..
حتى نكون مدركين لما نتحدث عنه ينبغي علينا تعريف السوق الأسود، حيث يتم تعريفه بعدة مصطلحات اقتصادية مثل (الاقتصاد السفلي – الاقتصاد التحتي – إقتصاد الظل – الاقتصاد الخفي..الخ.. .و يتم استخدام مصطلحات مثل "الاقتصاد الأسود" و"الاقتصاد السفلي" للاشارة إلى الجانب السلبي…أما أسبابه كثيرة أهمها (1) انتشار الفساد الإداري والمالي مما يؤدي لتفاقم مشاكل الاقتصاد ، و النتيجة استبدال الاقتصاد برمته بإقتصاد سفلي يتربع مكانه و هذا ما حدث عندنا في السودان و هو أساس المشكلة ، ثم (2) الأنظمة السياسية غير العادلة(3) مستويات الأجور المادية والمعنوية المتدنية (4) الفجوة الكبيرة بين مخرجات المؤسسات التعليمية ومدخلاتها حيث عرض العمل من ناحية والطلب على العمل من ناحيةٍ أخرى ، مما يؤدي إلى خلق جيوش من العاطلين تدفع بهم ظروف المعيشة إلى البحث عن فرص العمل غير الرسمية و المساهمة بتكريس ظاهرة الاقتصاد السفلي…كل هذه الأسباب تنطبق على الوضع الاقتصادي في السودان منذ مجئ حكومة الاخوان المسلمين..و الأنكأ من ذلك سياسات الحكومة التي تهدف لتدمير الاقتصاد السوداني في الأساس هى التي أوجدت السوق الأسود الذي ابتلع اقتصاد الدولة بكامله..و ما أدل على ذلك من فقدان خزينة الدولة للعملات الصعبة بمقدار ما يفوق أكثر من ضعفي موازنتها نتيجة لتفريطها في استقطاب تحويلات المغتربين السودانيين ( إذا افترضنا أن المغتربين في السعودية يشكلون ثلث المغتربين السودانيين، في هذه الحالة يبقى ثلثين مع افتراض انهم باستطاعتهم تحويل مبلغ مماثل)… و مرًة أخرى إن سأل سائل، لماذا تنتهج الحكومة هذه السياسات التدميرية؟ فليست الحكومة وحدها من تعرف جميع الأسباب و إن أرادت ذلك ، بمتابعة ممارسات حكومة الاخوان المسلمين و منهجها في إدارة الاقتصاد…ولو نظرتم إلى سياساتها و تتبعتم ممارساتها العملية لوجدتم أنها مقصودة و مرسومة و مخطط لها سلفاً و ليست مجرد فساد إداري أو سياسي أو مالي..أو فشل عادي….فمنذ مقدم الحكومة أدلجت كل شئ..و دمرت كل شئ..بدءاً من التعليم..و حتى عناصر ديمومة وحدة التراب السوداني..أيضاً هنالك المزيد من أسباب سيادة و تفشي اقتصاد السوق الأسود.. بمختلف مسمياته .. المعروفة اقتصادياً و التي عرًفها علم الاقتصاد تكمن في (1) ارتفاع الضرائب و الجبايات الحكومية و عدم العدالة في الأنظمة الضريبية(2) الافراط في التدخل الحكومي في النشاط الاقتصادي (3) اختلال هيكل الانتاج المحلي و ندرة العرض (4) عجز الميزانية العامة للدولة، و (5) تنامي عدد المؤسسات الطفيلية و البطالة المقنًعة….، لو تلاحظون أن جميع الأسباب الخمسة المذكورة في السودان أوجدتها الحكومة نفسها…لا يسعني هنا أن أكتب كل شئ و لكن للتذكير سأورد أمثلة معروفة للتبسيط، فالحكومة دمرت الزراعة و أشعلت الحروبات، و صنفت السودانيين لمسلمين و كفار و جعلتهم عصباً و قبائل يحارب بعضها البعض، و فرطت في وحدة تراب الوطن، و اقتطع كل من جيراننا جزءاً مقدراً من ترابنا..و فصلت الجنوب، …الخ..باختصار دمرت كل شئ ، حديثنا هنا هو الاقتصاد السفلي..و و نهج الحكومة في إدارة الاقتصاد..و نموذجنا هو تحويلات المغتربين…و لو تساءل البسطاء منا ماذا تستفيد الحكومة لقلنا لهم الاجابة بأن الحكومة بإمكانها أن تكون مخيرة في تصرفاتها و لديها الإرادة في اتخاذ قرارات تفيد الاقتصاد..و لكنها ليست كذلك و انما يسيرها أناس فاسدون بالفطرة و لا يتحكمون في تصرفاتهم..تتحكم فيهم الماسونية العالمية و هذه هى المشكلة الأساسية..بالاضافة إلى فشلهم ، ليس مسموحاً للمسؤولين في مراكز صنع القرار التفكير إلا في ما يضر السودان و مواطنيه ، و في المقابل يسمح لهم بتأمين مستقبلهم و مستقبل محاسيبهم بالسرقة و عدم المساءلة..فنهبوا كل شئ و مارسوا الفساد على كافة المستويات..أما في ما يتعلق بالشأن العام و ما ينفع الناس فهم لا يعرفونه و إن عرفوه غضُوا الطرف عنه، و من شذ عن القاعدة مصيره مظلم و بالتالي يظل سيف الابتزاز مسلطاً على رقبته.. فهم دوماً أناس فاشلون مأجورون يعملون تحت الابتزاز و التهديد، و بالتالي لا يمتلكون خاصية التحكم في أفعالهم مثل باقي البشر الأسوياء ، تولية الفاشلين لادارة شؤون الاقتصاد و العباد أمر مفروض عليهم و لن يتجرؤوا في مخالفة ما يمليه عليهم أسيادهم النورانيين…سأتوقف هنا و استصحب بعض الأدلة القليلة للتذكير بهذا السلوك المشين…و هى تمثٍل أمثلة لا حصراً:
أولاً: كان بإمكان الحكومة أن توحد سعر الصرف و تحفز المغتربين لاستقطاب تحويلاتهم و يمكنها أن تشتري منهم العملة الصعبة بأكثر بقليل من سعرها في السوق إن أرادت..و بهذا يمكنها حل مشكلة العملة الصعبة…و لكنها في المقابل أحدثت العكس..حتى ما تغتصبه منهم سفاراتها لم يدخل لخزينة الدولة..في المثال اعلاه، و لو علمنا بأن كل عامل في السعودية يدفع ضرائب سنوية (ضرائب فقط، تحت مسمى المساهمة الوطنية) مائة دولار سنوياً..أي أن العمال أعلاه في السعودية الذين يقدر عددهم ب 402 ألف يدفعون سنوياً ضرائب للحكومة تحت مسمى المساهمة الوطنية في حدود 40 مليون و 200 ألف دولار، و الموظفين و الخبراء في السعودية وحدها البالغ عددهم 268 ألف يدفع كل واحد منهم يدفع ضرائب للحكومة سنوياً في حدود 200 دولار أي 53 مليون و ستمائة ألف دولار..المجموع هو 93 مليون و ثمانمائة ألف دولار سنوياً..هذا بخلاف الجبايات الأخرى من دمغة و زكاة و دعم مجهود حربي..و خلافه..و كلها مفروضة على المغتربين فرضاً و لن تنجز لهم معاملة ما لم يدفعونها..دافع الضرائب عادةً ما يحصل على خدمات مقابل ما يدفعه من ضرائب، في السودان هذا ليس موجوداً و بدلاً من أن يعود خدمات على الناس، يذهب لجيوب اللصوص و يتقاسمونه بينهم..و حتى المشروعات التي خدع بعض المغتربين فيها تبخرت بفعل الفساد و سياسة التدمير (مشروع سندس) و لم ينبت فيها غير المسكيت و الطفيليات بفعل مياه المطر..و حتى الأراضي التي باعتها الحكومة لبعض المغفلين من المغتربين لم يمض وقت عليها حتى كانت الصدمة بعد أن اكتشفوا أنها في صحاري قاحلة لا تصلح لشئ..و لكن بعد فوات الأوان..و الأمثلة كثيرة..و الحقائق ماثلة..أما المغتربين بما فيهم الضحايا ، ليس مسموح لهم حتى بالقدوم بسيارتهم أو أثاث منزلهم حالة العودة النهائية قبل أن يدفعوا عليها جمارك تفوق ثلاث أضعاف قيمتها..لذلك الكثيرين منهم يفضلون العيش في دول أخرى بقية حياتهم ليطمئنوا على تعليم أبنائهم دون ابتزاز…و إن ضاقت بهم أرض ذهبوا لأخرى باستثناء وطنهم.
ثانياً: كان يمكن لها بكل بساطه أن تشجع و تحفز استثمارات المغتربين و المنتجين، و لكنها في المقابل أفقرتهم و شردتهم و آلت على نفسها أن لا تدع سودانياً واحداً يعيش في سلام سواء كان بالداخل أم الخارج ما لم يكن من منتسبيها..و النتيجة توقف الانتاج و الاعتماد على الاستيراد..
ثالثاً: كان من الممكن أن تنتهج الحكومة سياسات استثمارية جاذبة، بدلاً من ذلك وضعت الكثير من المعوقات في طريق القادمين للاستثمار و منعت تحويل عائدات استثماراتهم بالعملة الصعبة التي لا تمتلكها..و بالتالي هرب كل المستثمرين و لم يعد مستثمر عاقل يفكر في الاستثمار في السودان..اللهم إلا اصحاب الشراكات المشبوهة مع أهل النظام فهم الوحيدون الذين سمح لهم و ذللت العقبات أمامهم…عقليًة الحكومة و أنظمتها المتًبعة في الاستثمار هى نفسها عقليًة اللُصوص الذين يفكرون في سرقة الضحية و البحث عن ضحيًة أخرى بعيداً عن التفكير السًوي و الاستراتيجية .
رابعاً: كان يمكن للحكومة أن تدعم المنتجين و تشجع الصادرات ..و لكنها في المقابل فرضت ضرائباً على المنتجين و جمارك تفوق طاقاتهم مما تسبب في توقف المصانع و المشاريع الزراعية و عدم منافسة الصادرات السودانية عالمياً.
خامساً: كان بإمكان الحكومة حل مشاكل مناطق الهامش بتخصيص جزء من ثروات مناطقهم لخدمتها، لكنها في المقابل أجبرت الناس على حمل السلاح و فتحت جبهات عريضة..نتج عنها تشظي السودان و عدم الاستقرار و أول ما قامت به منذ قدومها استخدام الدين في حرب الجنوب بغرض تدويل المشكلة و بتر الجنوب، و هو ما حدث و لن يتوقف في باقي مناطق السودان الأخرى حال استمرارها في سدًة الحكم.
سادساً: كان بإمكان الحكومة انتهاج سياسة اقتصادية مثل باقي الدول، و لكنها في المقابل حاربت كل ما يمكن أن يساهم في خلق اقتصاد سليم، و أنتهجت الاقتصاد السفلي منهجاً لها مخالفة بذلك كل دول العالم في بدعة لم يشهد لها مثيلاً إلا في السودان، و بالتالي قطعت الطريق على نشوء اقتصاد يتواكب و اقتصاديات الحداثة..قوي يستطيع أن يجعل السودان يقوم بدوره في توفير حياة كريمة لبنيه و يمتد لباقي شعوب الأرض.
سابعاً: بنهاية العام 2014 بلغت ديون السودان أكثر من 57 مليار دولار..و هى في تزايد مع فوائدها..لم تفكر الحكومة في سداد أي منها ..و تصر على مواصلة الاقتراض الربوي بفوائده المركًبة و التي تفوق 13% في بعض الأحيان الشئ الذي لم يحدث في مكان واحد في العالم إلا السودان.. ..بعد قليل و مع عجز الحكومة سيتم رهن أرض السودان المتبقية، و لها سوابق كثيرة في ذلك..بل حتى بعض المشاريع التي شيدتها بقروض رهنتها هى الأخرى مقابل قروض جديدة..و الأمثلة كثيرة على ذلك منها رهن مصفاة الجبيلي ثم بيعها لاحقاً لقطر مقابل 2.7 مليار دولار، و رهن الفندق الكبير ثم بيعه لاحقاً بالكسر..و رهن خطوط الأنابيب..و غيرها الكثير مما تم رهنه و بيعه فعلاً من أصول منها ما نعلمه و منها ما نجهله .., هذا ما تهدف له الحكومة تحديداً..حروبات، تفتيت، موت..ثم أخيراً بيع التراب السوداني بحجة العجز عن سداد الديون…فضلاً عن بيع باقي التراب لبقية شعوب العالم فالآن تروج الحكومة لبيع أراضي السودان لشعوب العالم المجاور و بمبالغ زهيدة جداً لا تتجاوز 200 دولار لفدان الأرض الزراعية الخصبة ..و قد شاهدت الاعلان بعيني في مصر..و هى ماضية في ذلك إلى أن نسقطها أو نجد أنفسنا بدون أرض تأوينا..
خلاصة القول: ما يفعله النظام من أمور مشينة هو نهجه الذي لن يحيد عنه ما دام قائماً يتحكم في كل شئ..و لا بد من اقتلاعه حتى نبدأ ببناء ما دمروه و ننعم بالاستقرار..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.