ظاهرة غريبة !! صلاح عووضة * من واقع المعايشة الشخصية لاحظت شيئاً عجيباً قُبيل وقوع كارثة ما.. * لاحظت أن الشخص المتسبب في كارثة – أو مصيبة – ما تنتابه حالة من (التبلد) التي لا تخلو من (غرور).. * وواحدة من الحالات هذه كنت قد أشرت إليها في كلمة بعنوان: (وقائدنا يغني للقائد) قبل سنوات خلت.. * فقائد السيارة التي انطلقت بنا في رحلة العودة من كسلا إلى حلفا لم يسكت فمه لحظة عن ترديد أغنية (قلناها نعم، وألف نعم، ليك يا القائد الملهم).. * أي أن (قائد) السيارة كان يغني ل(قائد) البلاد جعفر نميري.. * وليس الغناء في حد ذاته هو ما أزعجنا بقدر ما كان توغله في طريق بدا (غريبا) غير الذي كنا نألفه.. * وكلما نبهناه – بلطف – إلى اتخاذه سكة (مهجورة) كان يتجاهلنا صائحاً (ليك يا القائد الملهم).. * ثم لاحظت أن حالة من (التبلد) الممزوجة بشيء من (العنجهية) كانت تكسو وجه (قائدنا) في تلكم اللحظات.. * لحظات ما قبل وقوع الكارثة… * وكارثتنا المعنية هنا هي بلوغنا نقطة (الضياع) المحقق التي انقطع عندها غناء سائقنا (السخيف).. * ثم حالة (التبلد) هذه لاحظتها على وجه (القائد الملهم) نفسه – بعد ذلك – وهو يلقي خطابه المستفز ذاك قُبيل سفره إلى أمريكا.. * وظللت أرصدها – الحالة المذكورة – على وجوه الكثيرين مع اختلاف أنواع الكوارث التي يقع فيها أصحابها.. * ومن الكثيرين هؤلاء – على صعيد الكوارث السياسية – بن علي ومبارك والقذافي وعلي صالح في أُخريات أيامهم.. *ومن قبلهم صدام حسين وهو ينشغل بإثبات شرعية زائفة – عبر الانتخابات – و(الكارثة) على الأبواب.. *فقد كانوا جميعاً يبدون في حالة تبلد تظهرهم وكأنهم (منغوليون) رغم محاولات التستر وراء أقنعة (التعالي).. *ومع قليل ذكاء وتواضع وإحساس ب(الواقع) كان يمكن لكل منهم أن يتجنب كارثته.. *وسبب اجترارنا لحكاية (قائدنا الذي يغني للقائد) هذه ما رأيته البارحة في برنامج (كوارث الطيران).. *فقد ذكرني وجه (قائد) الطائرة المنكوبة – قبيل السقوط – بوجه (قائد) سيارتنا تلك بين حلفاوكسلا.. *كان متبلداً – وجه الكابتن – مع حركات تدل على الغرور في الوقت ذاته.. *ولم تجد نفعاً نصائح مساعديه اللذين كانا يريان (الواقع) أفضل منه.. *وبما أن الطائرة قد صارت حطاماً فإن ما رأيته كان ترجمة صورية دقيقة لشريط التسجيل الصوتي.. *وربما يكون لعلم النفس تفسير لحالة (التبلد) الغريبة هذه قبيل وقوع المصائب.. *أما أنا فقد سميتها (ظاهرة ما قبل الكارثة!!). صلاح عووضة – بالمنطق – الصيحة.