رئيس البرلمان أحمد إبراهيم الطاهر أكّد عدم تمتع برلمانه يأية صلاحيات، بما في ذلك محاسبة الوزراء، باعتبار أنّ المؤتمر الوطني هو الذي يحاسب وزراءه، مع أننا لم نسمع بحساب لأي وزير حتى اليوم، بل هناك تقارير نشرت عن تقدم جهات قانونية بأدلة ووثائق تثبت تورط وزير سابق في “رشوة”، لكن الوزير استمر في منصبه شهورا طويلة، ولم تطح به سوى “موازنات المؤتمر الوطني”، ونوع المشاكسات مع شريكته الحركة الشعبية، كما أكّد الطاهر أنّه سمع بثراء ” إخوان الرئيس” مثل غيره، وبالطبع فهذا ليس دور رئيس البرلمان، فلكل فرد في السودان حق “الثراء”، لأنّ البرلمان يسائل ” شخصيات اعتبارية”، حسب أعراف العمل النيابي في كل الدنيا، لكن في ذات الوقت من حق النّاس أن يتوقفوا عند قول الطاهر بأنّ “الرقابة ربانية”، وبالتالي يعلن على الملأ بأنّ وجود البرلمان لا فائدة منه، وهو أمر مفروغ منه، لأنّ البرلمان “الصوري”، جاء عبر “انتخابات أجمع كل الناس بأنّها لا ترتقي للمعايير الدولية”. ومع ذلك لفت نظري خبر فحواه ” أنّ نائب رئيس المجلس الوطني هجو قسم السيد قال إنّ التصريحات المنسوبة إلى الأمين العام لمستشارية الأمن اللّواء حسب الله عمر في برنامج مؤتمر إذاعي بالإذاعة السودانية (فلتذهب الشّريعة) غير موفقة، وأحدثت شرخاً داخل المجتمع السوداني، وقال هجو ل”الجريدة” “لو كنت مكانه لاستقلت من منصبي”، وزاد “إذا لم يبادر بالاستقالة فعلى الجهة المسؤولة إقالته فوراً”. من جهتها استدعت لجنة الشؤون الاجتماعية بالبرلمان اللّواء حسب الله عمر بخصوص تصريحاته الأخيرة، وقال رئيس لجنة الشؤون الاجتماعية بالإنابة عباس الفادني في تصريحات للصّحفيين إنّ التصريحات وجدت اعتراضاً من المواطنين والعلماء الذين استنكروا الحديث عن الثوابت، وقال بعد التّحقيق مع اللّواء حسب الله حول تصريحاته أقر بأنّه نطق باللّفظ (فلتذهب الشريعة)، وتابع إنّها لا تُعبر عن توجه شخص ولا عن المستشارية. وأوضح الخضر أنّهم على الرغم من التحفظات التي أبدوها على التّصريحات إلا أنّ اللّجنة سترفع تقريرها إلى رئاسة البرلمان الذي يقرر فيها. ولست هنا بصدد التعليق حول ” الشرخ الذي تركه حديث حسب الله في المجتمع السوداني!، ولا ندري ما هو المعيار الذي اتخذه نائب رئيس البرلمان ليحدد لنا “الشرخ”، أو “حجمه”، لكنني مهموم بمعرفة “الشريعة” التي يدافع عنها البرلمان الصوري؟. ودعنا بعيداً عن التلاعب بالألفاظ”، من شاكلة الحكومة ستطبق الشريعة الإسلامية، وربما يراد هنا “التطبيق على طريقة طبق الملابس وختها في الدولاب”!، لأننا إلى اليوم لم نسمع قراراً بأنّ الحكومة تنازلت عن “الشريعة” منذ عام 1983!، كما أننا ظللنا نسمع أنّ “العداء للسودان لأنّه يطبق الشريعة الإسلامية، ولتوجهه الحضاري”، وهو حديث يؤكد أنّ الإنقاذ لا تزال ملتزمة “بشريعتها”، ولو حاولت لي عنق الحقيقة. وهو حديث كثر هذه الأيام، فنائب الرئيس الأستاذ علي عثمان محمد طه يؤكد “التمسك بالشريعة”، ووالي ولاية سنار يعد المواطنين هناك بتطبيق الشريعة”، وكل قيادي بالمؤتمر الوطني يؤكد لنا “التمسّك بثوابت الإنقاذ”، ولا ندري ما هو الجديد؟. هل ستغير الحكومة القوانين الجنائية لسنة 1991، وقانون النظام العام؟، وهل ستزيد مواد “الجلد”، وتلك التي يراد بها حماية “الإنقاذ” مثل تلك التي تقضي بحكم الإعدام على من يتهم “بتقويض النظام الدستوري”؟. أم أنّ الإنقاذ تفكر في “بديل جديد يؤكد أنّ ” لو سرق الشريف لحاسبوه مثلما يحاسبون الضعفاء والمهمشين والفقراء”!، ويؤكد أنّ الحرية هي جوهر الدين، وأنّ قتل النفس التي حرّم الله بغير حق ” حرام”. كنا سوف نظن أنّ ” جديدا شديداً” طرأ، ولو فجأةً على “الإنقاذ”؛ وذلك بتقديم مسؤولين كبار للمحاكمة بتهم “الفساد”، بدلاً عن الترقي درجات أعلى، أو تلك الجهات المعنية بتصميم وتنفيذ وإنشاء الطرق، وتبديد الأموال فيها، أو أولئك المتاجرون في صحة الناس، وحياة العباد، أو أولئك “المحتكرون”، أو المتاجرون باسم الدين، أو أولئك الذين يقدمون “الفرد على الجماعة”، والقبيلة على الوطن”، و”الطائفة على الدين”، أو أولئك الذين يتجسسون على الناس، ويتابعونهم في بيوتهم، ويقتحمون “حياتهم الخاصة”، أو أولئك الذين يدعون أنّهم للدين “علماء”، لكنّهم يتطاولون في البنيان مع تطاول أزمة المواطنين، فقط لأنّهم يقدمون “الفتاوى “السلطانية”، ويصمتون عن “الانتهاكات”، وهؤلاء كلما امتلأت خزائنهم أموالاً سألوا هل من “من مزيد”؟ ! ولا ندري دوافع حسب الله التي دفعتها لقوله ذلك، أو دوافع الذين قد يكونون أخرجوا حديث الرجل من سياقه، إلا أنني غير مستغرب، أو “مندهش” – ففي عهد الإنقاذ ماتت الدهشة- من أولئك الذين استجوبوه، أو قيل أنّهم “فصلوه”، لأنّهم لم يروا سوى “الحيطة القصيرة”، أو أرادوا ” الطعن في الفيل فطعنوا الظل”، ومسكين حسب الله ما جات إلا عندك!.