بالرغم من أنني أعرف ان "بكري حسن صالح" – نائب عمر البشير- من أصحاب "المزاج العالي" ، ويعيش في عالم آخر – "عالم جميل" بلغة لافتات الإعلانات – لا علاقة له بعالمنا الحقيقي .. لذا يميل للفكاهة والهزل والنكتة و"الفرفشة" .. إلا انني صدمت وتحسرت حين تأكدت بان الرجل أصبح يفقد شخصيته الهزلية الفكهة .. لأن نكاته أصبحت ثقيلة و"حامضة" وتثير السأم والملل والكآبة في النفوس .. ما جعلني أتساءل : ماذا حدث للرجل ؟ ولماذا تراجع "نائبنا الأول" إلى المركز الثاني في تصنيف نجوم المتعة والترويح و"التنكيت" ؟ وأين تكمن المشكلة ؟ هل في "التصنيف" أم في "الصنف" ؟؟ وأمس قدم "نائبنا الأول" عرضاً ثقيلاً ومملاً جعلنا نتثاءب طويلاً .. حيث هام في الخيال محلقاً مع توهماته ، ثم همهم وغمغم وهو يشرح لنا ما يسمى ب (مشروع الإصلاح السياسي الجديد) ! مفسراً لنا بلغة "شارعية" ركيكة خطة "حكومته" ل"محاربة الفساد" ، قائلاً : ( بعد العمل بالتحصيل الألكتروني مافي زول بلقى ليهو "عضة") !! بالطبع لم يتركنا الرجل عديم الرحمة نفيق من صدمتنا الأولى حتى داهمنا بأخرى قاتلة ، مصرحاً بان ما يسمى ب"الربيع العربي" قد تجاوز بلادنا نسبة ل ( إنشغال الشباب بالتعدين الأهلي والبحث عن الذهب) !! ولا شك ان هذا الحديث قائله : "بكري حسن صالح" .. لأن مثل هذا التحليل الخفيف والسخيف لا يمكن أن يصدر إلاّ من شخص يأخذ معلوماته ووحيه وإلهامه من "سيجارة بنقو".. لن نتحدث عن زلزال "الربيع الاخواني القطرو أمريكي" ولماذا لم يضرب بلادنا ؟ لأن الإجابة بسيطة ومعلومة ، ويعرفها حتى بكري "الغائب" .. إذ ان "الزلزال" "الاخواني" المدمر ضرب بلادنا قبل عقدين من "الزلزال العربي" ، وقسّمها وفتتها وهدمها حجراً على حجر .. ولكني ساتناول موضوع الفساد .. وقد ساءني جداً وأنا أقرا تلك اللغة المنحدرة وذلك الإسفاف والركاكة والسطحية والضحالة في طريقة مناقشة الرجل لموضوع "الفساد" .. وهي طريقة فاسدة وغير مؤدبة ، وتؤكد المدى البئيس الذي وصل إليه الفساد في بلادنا في ظل حكومة "الشريعة " وفقهها "المتحلل" .. لأن ساقط "الإبتدائي" يعرف ان أول مؤشرات الفساد تكمن في التطبيع معه .. وليس هنالك تطبيع أكثر من جعله "نكتة" ووضعه في قالب كوميدي ضاحك ، وتمييعه و"تدليعه" وإطلاق الألقاب عليه وتسميته "عضة" !! بالطبع لا أحد يصدق ان شخص بهذه السوية الأخلاقية واللفظية المنحطة يمكن أن يتصدى للفساد .. لأن الفساد ليس محصوراً في "التحصيل" وحده – كما يُراد إختزاله لنا بطريقة ساذجة وغبية .. بل في النظام برمته : في حاكمه الفاسد .. وداخل أسرته وعشيرته وبطانته .. ووسط نوابه – ومنهم هذا النائب "الظريف" – وفي قضاءه ووكلاء نياباته ، ووزراءه وجيشه وشرطته وفي كل أركان حكمه .. وليس هناك ثمة طريقة للتتصدى للفساد سوى بالقانون .. وطبعاً لا يمكن سن قوانين تحارب الفساد في ظل نظام شمولي وسلطة قضائية هزيلة وتافهة تتبع ل"رئيس الفساد" .. ولا بديل سوى بإسقاط النظام وعودة الديمقراطية ، وأي حديث غير ذلك لا يعدو كونه أكثر من إسفاف وبلاهة وسوء أدب وقلة تربية ديمقراطية ووطنية .. اما بالنسبة ل(الإصلاحي الجديد) "بكري حسن صالح" .. فبرغم ان مجرد وجوده داخل القصر الرئاسي يكسر الكآبة والملل ويرفه عنا .. إلا انني أنصحه بالصمت وعدم الحديث ، والتحول إلى تقديم فواصل الكوميديا الصامتة .. ويكفينا ضحكاً مشاهدته وهو يرتدي البدلة الرئاسية.