هناك قصور بائن في مناهجنا التعليمية في جوانب كثيرة تتعلق بحياتنا اليومية وغذائنا وسلوكنا والتي كان يجب معالجتها من خلال مناهج التعليم ثم يأتي بعد ذلك دور التوعية مكملا لما لم تغطه مناهج التعليم وهي بالطبع مكلفة من حيث التخطيط والتنفيذ والمتابعة والتقييم حيث يعتبر دور التعليم دور مباشر في حين يكون دور التوعية غير مباشر بسبب تعدد آلياته وادواته ومناهجه والجهات المنوط بها التوعية والتي تشمل الاسرة والمدرسة والمجتمع ووسائط الاعلام والمتلقي نفسه شريطه توفر محفزات التوعية وفي مقدمة ذلك البيئة المحيطة والاستعداد النفسي وللاسف ليس من اهتمامات المنوط بهم التخطيط سواء في جانب التعليم او التوعية التأمل في تبعات مايحدث من عشوائية وتخلف في جانب تطوير مناهج التعليم وتطوير آليات واساليب التوعية بالصورة التي تواكب التطور العمراني مثلا او التطور في مجال الاتصالات بالصورة التي تقلص الفجوة بين التناقض في ثقافتنا الغذائية وما نتعامل معه من تقنيات في مجال الاتصالات او ما نسكن فيه من منازل حديثة لاتقل عن مواصفات ما نراه في ارقى دول العالم ونجد الفرق في ان تلك البيوت الراغية عندنا يأكل فيها الاطفال نفس ما يأكله الكبار من غذاء في حين هناك يكون للاطفال غذاؤهم الذي يتواءم مع اعمارهم او بصورة اوضح فان سلوكنا عندما كنا نتخذ من الحمير وسيلة للمواصلات لم يختلف عنه ونحن نتخذ الآن من احدث السيارات وسيلة للمواصلات ولانلتزم بضوابط المرور كما يلتزم بها من يقود نفس السيارة في لندنض-فالتعليم في الاساس يهدف الى تزويد الشخص بالمعلومات العامة التي تساعده في التعايش والتدبر مع متطلبات الحياة كما ان التوعية وهي مكملة للتعليم تهدف الى ترقية سلوكيات الشخص وتبصيره بكيفية التعامل مع بيئته ومجتمعه وكل ذلك يتم عبر تخطيط علمي محكم يقوم به مختصون في مجال التربية والتعليم والثقافة والاعلام بهدف الوصول الى مجتمع متحضر يستطيع مواكبة التطور والمتغيرات وتوظيف قدراته بالصورة السليمة التي تلبي احتياجاته واحتياجات مجتمعه ويعتبر ذلك استثمار ايجابي في عملية تطوير المجتمعات وتوفير الكثير من الجهد والثروات المهدرة فالطفل الذي نعلمه في المدرسة او من خلال التوعية بأن رمي القمامة في الشارع سلوك خطأ سوف نزرع فيه بذرة المسؤولية والمحافظة على نظافة بيئته والطفل الذي نعلمه في المدرسة غرس شجرة سوف نحفزه لحب الزراعة في المستقبل وعدم العبث بالزهور في الحدائق العامة ومن ننمي فيه روح التعاون مع زملائه في الفصل سوف نغرس فيه خاصية التعاون مع الآخرين عندما يكون له دور في المستقبل والتوعية في مجال الاسعافات الاولية لافراد المجتمع سوف تنقذ حياة الكثيرين الذين يموتون بسبب عدم معرفة افراد الاسرة لما يتخذ من اجراءات الاسعافات الاولية والتوعية الصحية كفيلة بانقاذ الكثيرين من الامراض الوبائية ومن امراض كثيرة منها امراض الاسنان والتوعية الغذائية اكثر اهمية لتفادي الكثير من الامراض مثل هشاشة العظام والانيمية وغيرها من الامراض التي تنجم عن عدم تناول الشخص لعناصر مهمة من الغذاء مثل اللبن والخضروات تكون متوفرة لديه ولكنه لايدرك اهميتها بسبب عدم التوعية وهناك الكثير الذي كان في الامكان تفاديه من خلال التعليم والتربية والتوعية وللاسف فان ما يزيد الطين بلة ويفاقم المشكلة ارتفاع معدلات الامية بين الاسر خاصة الآباء والامهات مما يترتب عليه آثار سلبية في مجال التوعية لان فاقد الشيء لايعطيه وتقاليدنا تجعل الاقتداء بالابوين فرض عين على الابناء فهم يقلدونهم سلوكيا كقدوة وقد قال شوقي رحمه الله (واذا النساء نشأن في أمية رضع الرجال جهالة وخمولا) ومن هذ المنطلق يتعاظم دور التوعية خاصة لمن فاتهم قطار التعليم ومن حسن الحظ فقد تعددت وسائط الاعلام من فضائيات واذاعات وصحف وغيرها ولكن للاسف فانه تعدد كمي غير محمود لان معظم مايقوم به لايخدم اهداف التوعية المطلوبة لخلق مجتمع متحضر بل ربما يقوم بدور سالب مضلل يكون خصما على رصيد الجانب التعليمي او الارث الثقافي الجيد ومن ذلك برامج الاطفال والدراما والمسلسلات والخطاب الديني المتشدد وغيرها من ما اصاب مناهج التعليم من تشويه افرز لنا اشباه اميين فضلا عن زيادة الفاقد التربوي والذي بدوره يزيد حصيلة نسب الامية اذا حصرنا الامية في عدم معرفة القراءة والكتابة وهو مفهوم لم يعد مناسبا كمعيار للتعريف بالامية مع التطور المذهل في كل مناحي الحياة وحتى يكون للتعليم والتوعية دورهما الحقيقي والايجابي في عملية تطوير وترقية سلوكيات المجتمع لابد من اعادة النظر في مناهج التعليم من اساسه وحتى جامعاته واعادة النظر في فلسفة عملية التوعية وجعلها مكون ضروري واساسي لاستكمال رسالة التعليم لاشعارات جوفاء خاصة وهناك زيادة في معدلات الامية بسبب عدم اتاحة الفرصة او الظروف للكثيرين للانتظام في العملية التعليمية وعدم توظيف امكانات البلد بصورة صحيحة ومراعاة الاولويات والتي من اهمها التعليم والتوعية والتي ارتقت بفضلها دول كثيرة الى مصاف الدول المتقدمة ونسأل الله السلامة