اليس لك يا عمر في هذه القصة القرآنية عظة!؟ د هاشم حسين بابكر *فَانْطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمَا فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ ۖ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا.صدق الله العظيم *لو تمعنا في الآية الكريمة لوجدنا أن كل الفعال جاءت بصيغة المثني الا في حالة واحدة كانت بالمفرد…فأقامه…!!! *ولذات الجدار لنا وقفة تأمل…يريد أن ينقض..الإرادة لا تتوفر إلا للإنسان فكيف توفرت للجدار!؟هل للجدار الخيار في أن ينقض أو العكس!؟ *انها الرمزية التي انفرد بها القرآن الكريم، والتي تجعله صالحاً لكل زمان ومكان. *القصة القرآنية جمعت بين رسول من أولي العزم ، موسى عليه السلام ، و رجل صالح آتاه الله من علمه وسببها أن موسي عليه السلام سئل : من أعلم الناس؟قال" أنا".. رسول من أولي العزم أراد المولي عز وجل أن يزيل من تفكيره كلمة أنا التي تقود للغرور الذي عادة ما ينتاب الطغاة من الحكام أمثالك، فيخيل لهم الشيطان أن الباطل لا يأتيهم من أي جهة ويظنون بسبب الفردية الطاغية الظالمة أنهم إنما يحسنون صنعا ، فيتفرعن ولا يُري محكوميه الا ما يَرى…!!! *والرجل الصالح كان سبباً ليتعلم منه موسي عليه السلام ويزيل عنه صفة الغرور ، وكان عليه السلام لا يعلم عن قانون الطفو شيئآ ، حين أعاب الرجل السفينة بحيث تبقي علي سطح الماء ولا تغرق ، فقد جاء ليتعلم.لذلك تجد أن الاثنين رغم انهما كانا معاً إلا أن العمل كان يقوم به الرجل الصالح بمفرده ، فموقف موسي عليه السلام كان موقف التلميذ الذي يتعلم ، وحتي في حالة الجدار فانه لم يشارك في إقامته ليس غضبآ على اهل القرية الذين رفضوا اطعامهم ، انما لعدم معرفته بهندسة البناء فقد جاء ليتعلم من الرجل ما ليس له به علم.!!! * اليس لك يا عمر في هذه القصة القرآنية عظة!؟وقد أمسكت بزمام الأمور صغيرها وكبيرها دون علم ، والأنبياء من أولي العزم يطلبون العلم من غيرهم…!!!؟ * وعودة الي الجدار ذي الارادة والتي ذكرت انها لا تتوفر الا للبشر ، وأنت تستطعم العالم الذي بدوره يرفض بل على العكس يفرض على السودان العقوبات والحصار ويصدر قرار مجلس الأمن بالاجماع تحت البند السابع الذي يتيح ضرب أيتام السودان الجائعين وبموافقة من تدعون أنهم أصدقاؤكم…!!! *وجدار السودان أيتامه كثر وتعدادهم يضم كل الشعب السوداني ، وليسوا كأيتام ذلك الجدار الذي اقامه الرجل الصالح ، كما أن الكنوز التي تحت جدار أيتام السودان يصعب حصرها فالسودان من حيث الموارد الطبيعية والزراعية ياتي في المرتبة الثانية بعد روسيا التي ترقد على ما نسبته 40% من موارد العالم الطبيعية رغم ان مساحة روسيا تعادل اكثر من ثمانية أضعاف مساحة السودان ، وقد ذكرت لك في احدى مقالاتي تلك الدراسة الأمريكية التي تقول إن العالم في العام 2050 سيعاني من ازمة غذاء طاحنة وسيعتمد في غذائه على ثلاث دول وهي أمريكا الشمالية واستراليا والسودان ، أرأيت الكنز الذي تحت جدار السودان الذي يريد أن ينقض..!!!؟ *وكيف لا ينقض وقد ضعف الانتماء الي الأرض والوطن وقد استضعفتم المواطن واصبح خارج دائرة اهتمامكم فبات يبحث عن أرض أخرى تتخاطفه الأمواج وتقبض أنفاسه الأنفاق ، و تلاحقه في الصحارى رصاصات الرحمة؟!! * يريد أهل القرية الظالمة – أمريكا و أعوانها ، الاستيلاء على كنز اليتيم (الشعب السوداني) ، و أنتم – بدلاً عن إقامة الجدار ، كما فعل العبد الصالح – تعينون أهل القرية الظالمة على نقض الجدار و سرقة ما تحته !!! * أتدري يا عمر أن جدار الجنوب ، الذي أكملتم هدمه كان يمكن إقامته بإنشاء الطرق و المشروعات الزراعية و الصناعية و توفير مياه الشرب للزراعة و للإنسان و الحيوان ؟؟ هذا ما عنتهُ الآية الكريمة بإقامة الجدار لو كنتم تفهمون من القرءان شيئاً .. * و لكنك فضّلت جمع الطامعين من الظلمة مثلك في الجنوب و أغدقت عليهم من المال الحرام ، مال أيتام السودان ، و كانت النتيجة أن انقضّ جدار الجنوب .. * كم من أموال صُرفت في دارفور ؟؟ قتل و تشريد و جنجويد و عصابات نهب مسلح ، و كم كتب هذا القلم أن قضية دارفور قبل أن تتطور من أمنيّة إلى سياسيّة كانت في البدء مطلبيّة و ليت الطلب كان مستحيلاً ، بل على العكس كان حقّاً مشروعاً من أهم حقوق الإنسان : الماء .. هل يستطيع كائن من كان أن يعيش بدون ماء ؟؟ * أقول ما أقول و قد عملتُ في مجال المياه لأكثر من أربعين عاماً ، بدأت بالعمل في كردفان و دارفور ، عُشرُ معشار ما صُرف في حرب دارفور لم تم توجيهه لتوفير المياه للرعي و الشرب و للزراعة لعاش سكان تلك المناطق الأيتام يستمتعون بكنزهم تحت جدارهم الذي يريد أن ينقضّ الآن بفعالكم !! * تكلفة طلعة جوّيّة واحدة كانت تكفي لحفر بئر و بناء سد و تشييد خزان .. * تلك حقيقة يدركها أهل دارفور و كردفان و العاملون في الهيئة القومية للمياه منذ أكثر من نصف قرن من الزمان ، و لكن إصراركم على نقض الجدار جعلكم تحلُّون هذه الهيئة المنوط بها إحلال السلام بين القبائل بتوفير المياه لها ، و ضاعت صرخاتي في الصحف و في الاجتماعات و لكنكم بعد كل صرخة تزدادون إصراراً على دعم (إرادة الجدار) على الإنقضاض * ضاع كنز الجنوب و تلقفهُ الأشرار بسبب سياساتكم ، فلماذا تريدون إضاعة كنز البقية ؟ ألم يكن انقضاض جدار الجنوب عظة لك و رهطك الظالمين حتى و لو قلّلوا من إرادة جدار ما تبقّى من السودان للإنقضاض؟؟ * موسى عليه السلام لم يرتكب خطأً ، و لكن العقاب طاله مع قومه الذين كتب الله عليهم التيه أربعين سنة و حرّم عليهم دخول الأرض المقدسة طوال تلك المدة ، و توفّى الله موسى و من قبله أخاه هارون عليهما السلام ، قبل انقضاء العقوبة الإلهيّة على بني إسرائيل .. * إذا كان هذا مصير رسول من أولي العزم ، فكيف يا تُرى يكون مصيرك و أنت تفخر بقصف القرى الآمنة و تحظر على الناس حتى الكلمة التي لا تقتل و تكسر الأقلام و تسكت الحناجر ، أعمال كلها تزيد من إرادة الجدار على الإنقضاض!!! * و أنا أتوقع مما دار و يدور من خوار تسمّونه بهتاناً بالحوار ، أن يجري تقاسم السلطة و إدخال الطامعين و عطالى السياسة و مرتزقتها الذين يتخذونها باباً (لأكل العيش الحرام) ، فيحدث ما كانت تخشاه الملائكة حين شكّكوا في قدرة آدم عليه السلام على تحمل أعباء الخلافة في الأرض و اقترحوا أنفسهم بديلاً (و نحن نسبح بحمدك و نقدس لك) .. و الجدار يكاد يركع ، فمتى يا تُرى يظهر ذلك العبد الصالح – و من هو – ليقيم جدار السودان حفاظاً على كنوز أيتامه؟!.. * بالطبع إنه ليس عمر ، و لا الطامعين في كراسي الوزارة بلا علم ، و لا مرتزقة السياسة الذين اتخذوها حرفةً يقتاتون منها على حساب الشعب السوداني اليتيم.. * و بقي لك يا عمر و للجدار ذراعٌ من الانقضاض فهل أنت مُدّكر؟؟!! * لن يغني عنك مالك و لا سلطانك و لا جبروتك حين ينقضُّ الجدار ، و لن ينفعك إخوتك و لا المنافقين من حولك ، حينها سينفضُّون من حولك ، هذا في الدنيا ، أما هناك و ما أدراك ما هناك (.. يفرُّ المرءُ من أخيه و أمه و أبيه و صاحبته و بنيه، لكل امرئ منهم يومئذ شأنٌ يغنيه) .. * بقي ذراع يا عمر .. و كذلك للجدار الذي يريد أن ينقضّ .. فانظر ما أنت مقدم عليه .. بقي ذراع …. [email protected]